علي عتبات المحاكم
بقلم / فريده الحسيني
أبنائي الأعزاء أنتم طالق ….
من داخل محاكم الأسرة المشاهد كثيرة والضحايا أيضا كثيرة ما بين نساء منهكات وما بين نساء تفوح منهن رائحة العطر والتجمل وهن شبات صغيرات وما بين نساء يمشون في صمت في منتصف العمر ما اختصروا الطريق والمشاكل وما أكملوا ما بدأو أكاد أسمع صريخهم المكتوم وأياديهم المرتعشة ونبرة أصواتهم المرتعشة كأنهم في شهر طوبة يمشون والخجل يكسوا وجوههم الجميلة فضحتهم تعابيرهم التي تكاد تصرخ وتقول كفي تمثيلا .
مشاهد لن أنساها وامرأة قاربت الثلاثين من عمرها وهي تحمل طفل رضيع وأيضا يمسك بأطراف ثيابها طفلين وفي أيديهم بعض الخبز الطري فهم صغار لم تكتمل أسنانهم رأيت المرأة تخطوا نحوي وبالمقابل استدرت لها وكلي شفقة عليها وعلي أطفالها وقلبي يتمزق وقالت لي أريد أن أرفع نفقة لأولادي أريد أن أعلمهم وأكسيهم أريد لقمة العيش لأطفالي الصغار وأبيهم لم يعد يشفق عليهم أريد حياة كريمة لهم .سألتها ما وظيفة زوجك قالت بواب عمارة أد الدنيا ويربح الكثير لكنه فضل علينا امرأة ثانية وطردني أنا وأولادي الي بيت أمي المتهالك وحمدت الله أن ماتت امي وانا في بيتها ضمة البيت المتهالك أفضل من الطرقات والشوارع . سمعت قصتها وأخذتها للموظف المختص وهو أدري بالقوانين .
مشاهدة أخري من عتبات المحاكم.
وهذا المشهد استوقفني لامرأة شيك وجميلة جلست بجانبي فسألتها ماجاء بك الي هنا قالت طلقني زوجي وهو ذو منصب عالي يعمل بمنصب كبير في الخارج كنت أسافر له وأري بعيني دليل خيانتة وكنت ألتزم الصمت وتمضي الأجازة وأنزل بلدي بابني الوحيد ونتيجة صمتي فوجئت بطلاقي ولم أحزن طالبت بحق ابني الذي يوجد لديه مشاكل صحية في الكلام والتوازن وفرط الحركة وللأسف لم اكن ضحيتة الوحيدة بل طفل لا ذنب له وللأسف القوانين لم تنصفني وتعطي لابني حقة بل حكمت له بأقل من حقة .
مشاهدة أخري رأيت شابة صغيرة في السن جلست بجانبها وسمعت والدها يساندها ويدعمها لكي تنال حقها ويتوعد الزوج بالعقاب إن لم تنصفها المحكمة الشابة الصغيرة تحمل طفلة مولودة في يدها وتغطي نصفها العلوي لكي ترضعها وتلتزم الصمت فهي صغيرة السن .
وفي جزء مختلف من المحكمة رأيت امرأة جميلة وأنيقة في منتصف العمر يخيم الحزن علي وجهها سمعت السكرتير ينادي عليها وهي تذهب في خجل ويديها مرتبكة دخلت في غرفة مستشاري الخلع تبدي أسباب الخلع تعرت المخلوقة من كل شيء أمامهم كي تحصل علي الخلع الذي تخلع به الحبل الذي يلفلف عنقها مثل ما تحدثت خرجت وهي تلاحق الدموع بيديها وجلست تنتظر المحامي الخاص بها اقتربت منها وأعطيتها منديلا به رائحة الافندر وتبسمت لها خذي واستنشقي العطر .
أخدت مني المنديل ومسحت دموعها وسألتها. سمعت تنهيدة عمر طويلة أشفق قلبي عليها وتحدثت بصوت هاديء قضية خلع بخلع الحبل الذي التف حوالين عنقي منذ صغري لرجل ليس به حياة سنين طويلة ما بين خصام وهجر ومابين جهاد للنفس التي تكاد تميل الي العاطفة الطبيعية الربانية ورضاء الله عز جل وما بين تحمل مسؤلية أولادي الذين جاءوا الي الدنيا وبعد ثبوت رجولتة زادت الفجوة والمعاناة وكانت وظيفتة بعيدة فقد تعود علي عدم تحمل مسؤلية أولادي وعندما طالبت بالطلاق الصريح القي بأولاده حصاد عمره الذي لم يتعب به بل أنا من تعبت وتكبدت مشقة مرضة لأنه كان عقيم والله أكرمنا بهم بعد علاج وعمليات تلقيح صناعي لم يقبل الانفصال واعتبرها اهانة ولم يحاول يصلح مابه بل زاد في العناد والغضب سنين إلا أن فاض بي وفقدت السيطرة علي التحمل أري الماضي بما حمله لي من معاناه في كل شيء وشبابي الذي ضاع ومابين أولادي تحملت النتيجة فأنا متحملة كل شيء منذ الزواج
في المقابل القي بأبنائة في مهب الريح ماديا بحكم التملك والنقص النفسي الداخلي وكان التأثير ماديا فقط لأنهم لم يستشعروا وجوده معنويا .
وفي آخر مشاهدة لي علي عتبات المحكمة.
رأيت رجل متوسط العمر يجلس أمامي وسألني هل انتي محامية فقد رفعت عليه زوجتة قضية طلاق وأخدت كل شيء حتي ثيابة وتفاجيء بجبروت زوجتة في التعامل معه وطرده من بيتة وحرمانة من أبنائة وبعد ذلك بمحضر يبلغة بقضايا لا حصر لها .
مشاهد كثيرة وضحايا كثر وحكايات غريبة من داخل محكمة الأسرة . هذه المشاهد ليست تحيزا للمرأة ولا وجهة نظر خاصة للكاتب أو عرض لفكرة ولكنها حقيقية ولكثرة الضحايا من النساء .
والأطفال هم الضحايا لكل أب مستهتر وغير مسؤل
ولكل أم رضخت لواقع مظلم لا اكملت الطريق ولا تحملت للنهاية لأنها فقدت القدرة علي التواصل .
ولكل أم شابة لم تتعود علي تحمل المسؤلية
………أطفالنا ضحايانا ……
Discussion about this post