مسرحية بانتومايم
( القلق )
تأليف منعم سعيد
المشهد الاول
هو يجلس في مقدمة وسط المسرح متقرفصاً يتدلى رأسه بين فخذيه وقد كوره بين يديه، يتململ قليلا ثم يستقر بنوم عميق يصحبه مؤثر صوتي من موسيقى تملأها الفقاعات، حين ذالك تنزل من سقف المسرح نخلة بسبع سعفات وجذع من الفلين كأنها من عهد عتيق، إنها لا تشبه النخيل بواقعه، تتدلى فوق الرجل الذي وضع قدميه على عارضه من الخشب وقد حجبت وسط جسمه الذي لن نرى منه سوى رجل ملموم بجسده المنكمش على بعضه البعض، تزداد حدة المؤثر الصوتي وتظهر معها حركة جسده بالتدريج وكأنه ينغمر بكابوس لمجموعه من البشر التي تشبه الحيوانات الخرافيه من بطاريق وقرده تثير استفزازه الذي يتضح من حركته القلقه وهو في قرفصائه فتتحول الى ارتجافات وارهاصات تجعله يفقد استقرار نومه الى ان يرفع رأسه من بين فخذيه وهو يعيش هستيريا مستمره يشعرنا بعدم سيطرته على اي عضو من اعضاء جسده فتتنامى حالته الى فقدان السيطره على تفاصيل جسده الاخرى حد التمرد اللاإرادي فالرجل يعيش كابوس مرعب تهرول حوله تلك المخلوقات الغريبه حتى تخرج من ساحة المسرح وفجأه يرى نفسه مرتاباّ بشكل مهوس وضنك مزعج ثم ترتفع ساقاه الى اعلى وهو يمسك بهما دون جدوى واللتان تفقدا السيطره بحركاتهما نزولا وصعودا بشكل عشوائي يثيرا خوفه اكثر المتنامي بعد ان ينجر نصف جسده الاعلى الى الخلف وتبقى قدماه ترفسان بمكانهما وكأن جذعه انقصم الى وهو ينسحب الى عمق المسرح حتى نراه يمتد عدة امتار ومازالت قدميه مكانهما تراوحان بالهواء تتناوبان نحو الاعلى والاسفل ومازال نصف جسده الاعلى متراجعا الى الخلف حتى يدخل الى كوّةٍ بكالوس في عمق المسرح ثم فجأه يخرج من اعلى الكالوس يمد يديه فوق إطار الكالوس من الاعلى وقد مشت اصابعه فوقه حتى امتدت ذراعاه وهما تستطيلان كلٍ منهما الى اكثر من طولهما بأضعاف حتى تستمرا بسيرهما الى جوانب الكالوس الكبير بشكل غير معقول حتى عدة امتار شئ من الخيال لا يصدق فتحتضنا الكالوس من جهتيه اليمنى واليسرى وقد بقي رأسه يراقبهما تارة ويراقب ساقيه اللاتي مازلن في مقدمة المسرح وبينما يداه بعد ذلك الاحتضان يعودان الى نصف جسده الاعلى ويلتحقا بجذعه ورأسه ليشكلا نصف جسده الاعلى مرة اخرى في محاوله مدهما لجر قدميه البعيدتين في مقدمة المسرح وتحدث المعجزه بسحبهما واحدة تلو الاخرى وهما تلتسقان بأسفل مقدمة الكالوس الكبير كلٍ منهما بجانب منه ثم يجمع جسده بمعانات شديده تتضح من حال رأسه الذي يحاول التركيز والسيطره بشكل يكاد ان يكون كالمعجزه للملمة هذا الجسد المتناثر في المسرح عندها يقفز الرجل من الكالوس الى وسط المسرح .
المشهد الثاني
يقف مندهشا بإستغراب لما حوله من خواء حتى يسمع صوت كلب قادم من بعيد يثير فيه الخوف والجبن فيركض بإتجاه يسار المسرح لكنه لم يبتعد عن مكانه قيد انمله يركض في مكانه واثناء ذلك يقترب صوت الكلب بنباحه الوحشي فيسرع اكثر حد الاعياء ثم يتعثر ويسقط لكن صوت الكلب يتضح اكثر حتى يقترب منه ثم يتعداه دون ان يعمل معه شئ ويمر عابرا اياه دون ان يؤذيه فتزداد دهشته وشعوره بالخواء ويتنفس الصعداء ثم ينظر الى السماء وكأنه يشكر ربه على سلامته من الكلب المتوحش الذي تعداه دون اذيه إلا انه يهبط مرة اخرى الى الارض عند مشاهدته لشجرة تنزل على الارض من اعلى سقف المسرح بشكلها المثير للشك لكونها خاليه من الاوراق ليس فيها سوى اغصان عريضه ومدببه ومخططه باللون الابيض والبرتقالي وكأنها صنعت من جلد حمار وحشي إلا ان خطوطها ليست بسوداء ينتفض ويبتعد عنها ثم يحاول اكتشافها عن بعد وجلاً ثم يقترب منها شيئا فشيئ حتى يلمسها بأطراف اصابعه ويزيد من لمسها مرة اخرى واخرى بحذر شديد حتى يطمئن لها جيدا يشعر بالتعب والتعرق ويدنو من جذع الشجره الملونه ينظر الى الى قرص الشمس اللاهب فيجلس متفيئاً بضلها لينام هنيهه يشعر بالاسترخاء يجد مكعب ابيض صغير يقترحه وساده لرأسه المتعب لينام حينها يصدر صوت شخير متقطع كما لو انها اختناقات متفاوته تدل على حاله المنهار من شدة الارهاق
المشهد الثالث
تمتد يده دون ارادته وكانها لاعلاقة لها بجسده فتتجه الى غطاء رأسه لتسرقه وتخبئه خلف الشجره فيصحو فجأه من نومه حتى يجد ان غطاء رأسه مفقود، يبحث عنه في المكان بلا جدوى لكنه يستمع الى اصوات اقدام خلف الشجره ذلك يجعله يتلصص للنظر وهو يمدعنقه خلفها يبحث عن الشخص، بعدها يسارع بالدخول ورائها فيخرج هو نفسه وقد تغيرت هيأته وكأنه شخص اخر لشخصية اخرى بعد ان وضع الغطاء على رأسه وتتم مطاردته من قبل الشخصية الاولى وتستمر تلك المطارده حول الشجره بين الاثنين (نفس الممثل يؤدي كلا الشخصيتين في كل مره تنقلب احداهما الى الاخرى بمجرد مروره من خلف الشجره وارتدائه غطاء الرأس )
حتى نجد احدهما في النهايه يمسك بالاخر وينتزع منه غطاء الرأس عنوه ويعود لنومه ، لكن هذا لن يدوم بمجرد ان يغفو حتى تمتد اليد مرة اخري لتخنق صاحبها ويحاول التخلص منها بصعوبه جعلتها تهرب من جسده لتنفصل عنه ويشعر بنقصها الذي يقلقه اكثر عندما يراها وقد اختبأت في المكان وهو يطاردها من جهة الى اخرى حتى يمسك بها بعد عناء طويل ليعيدها الى مكانها الصحيح
ويسير الى جوانب المكان مستوحشا حاله فيقرر المشي الذي يتسارع شيئاً فشئاً بإتجاه الامام (بشكل موضعي)حتى يصل الى الركض السريع بإتجاه مقدمة المسرح حينها يجد نفسد امام مصد من جدار قبالة الجمهور في مقدمة المسرح وهو محاط باربعة جدران يحاول الخروج منها مما يضطره لتمزيق قميصه ليصنع منه حبلا للتسلق الى الى اعلى المكان الذ اصبح كالزنزانه وفي الآخر ينفذ بصعوبه من فتحة كانت في مواجهته للجمهور ليخرج منهاوكأنه يفتح باب (سلايد)
المشهد الرابع
يرتاب من وحشة المكان راكضا بكل الاتجاهات بينما تدخل عليه مجموعه من الضفادع التي تملأ المكان تتقافز حوله حتى يسقط في وسط مقدمة المسرح وفي اثناء ذلك يدخل عليه ابنه الصبي يحاول الاب احتضانه إلا انه يتفاجأ برفض إبنه اياه ليتحول الى ند وهو يحمل سكينا وشوكه طعام ويبدأ بقص لحم ابيه ليأكل منه بالشوكة والسكين وهو يستغل سقوطه وانهياره على الارض تم يمد كفه في صدر ابيه ليخرج من داخله شيئا فيأكله ثم يعاود الكرة بمد يده الى فم ابيه كذلك بينما الاب يتوسل لإبنه بالعدول عن تمزيق جسده لكنه لايأبه لرغبته ويستمر بتقطيع ابيه وأكله حتى يشبع إلا ان الأب يحاول الوقوف بصعوبه ثم يحتضن ابنه الذي يدفع به بكلتا يديه لينسحب الى خارج المكان تاركا ابيه في المكان الموحش يتضور الماً
المشهد الخامس
بينما الرجل ينهار في وسط المكان تدخل مجموعه الأشباح التي تتحرك بآليه وكأنهم مكائن بشريه لتملأ المسرح كل واحد منهم إنسان الي يتجمد في مكان ما من المسرح حتى يمتلئ بهم وكأنهم مجموعه من التماثيل الزجاجيه التي تشير على الشخص بالتهديد بسلاح ما ينهض الرجل من مكانه فيرى ابنه الذي يعود اليه مرة اخرى حرصا على بقاء ابيه للإستفادة من لحمه لاحقا فيستنهض ابيه ويساعده بتكسير تلك التماثيل الزجاجيه التي انتشرت بالمكان وملأته ويقوما بتحطيمها واحداً تلو الاخر بضربات قويه حتى تتهشم جميعها ويقوما بدحرجة حطام تلك التماثيل في مكان واحد فيعانق الاب ابنه إلا ان الابن يدفع ابيه ويخرج من المكان ليجعله يشعر بالخذلان مرة اخرى
المشهد السادس
بينما يقف الرجل مرعوبا مما يدور حوله من كوابيس تكاد ان تجعله يشعر بجنون لاحد له ،عند ذلك تدخل العارضه التي كان قد وضع قدميه عليها اثناء نومه في البداية اول عرض أحداث المسرحيه ، يشعر بالنعاس ويقترب منها اكثر ليعود الى نومه الذي كان عليه فتنزل النخلة العتيقة مرة اخرى فوقه ليحتضنها ويشعر بالإطمئنان ويتكور جسده حولها ليعود لنومه الاول متقرفصا كما كان في بداية العرض وتنسحب النخله الى الاعلى فيفز من نومه وكأنه إستيقض من كابوس لا وجود له إلا بمخيلته
( يظلم المسرح وتنزل الستاره )
Discussion about this post