اختلاس
ليلى حسين
الشمس تخاصم الأرض
بينما السماء تضحك ..
تقهقه عاليا .. تزلزل جنباتي
يغمر صقيع الغيم حجرتي
أحاول الفرار من أسوار غربتي ..
من ستائر شرفتي المواربة
أختلس النظر نحو الرصيف المقابل
عسى عيني تسقط على قلب متوهج دفئا
أو ورود قرمزية العطر مبهجة ..
عيناي اللاهثتان للأمان المفتقد في دهشة
السماء تقهقه و امرأة تحضن وليدها
ثوبها المهترئ يرسم بدقة تضاريس جسدها
و أطرافها المتجمدة
أنفاسها تقاوم الموت غرقا
فتولي وجهتها نحو صندوق القمامة القميئ
تصنع منه فراشا و سقفا
تنكفئ، تغرس في الضلوع طفلها
لزوجة الفضلات و رائحة العفن تحاصرها و الوهن
بينما الزناة و أبناء السلطة و السياديون المخمورون
تفوح من قصورهم ألوية الثراء و الضحكات المعتقة
بالدفء و العري .. موائد القمار مترعة ..
المرأة ترقب رجلا طاعنا و أنا أتابع قدميه الزاحفتين
عيناه الغائرتان تصطدم بالقباب و المئذنة الفارهة
جلبابه البالي يعصف بعظامه البارزة
السماء تقهقه بشدة .. أنا بين جدارني اتزلزل و ارتجف
الرجل بطرق باب المسجد بكل ما أوتي من يقين :
يا الله .. يا الله .. يا الله
من قبضته تتدفق الدماء ، يتساقط محتضرا
المرأة تغادر الصندوق نحوه .. تفتح قبضته
و قد اختزنت قطعة خبز يابسة ..
تواصل دقاتها على باب المسجد
يا الله .. يا الله .. يا الله
تتهاوى .. الطفل يلتقم ضعفها
المسجد شامخ و اسع ..
المئذنة منتصبة شاهقة
المسجد مازال محكما مغلقا ..
Discussion about this post