متقاعد من الجيش القديم !!
حسين الذكر
لم اعي ما هو المحرك الأساسي للملف العشائري في العراق ، فبعد دراستي للتاريخ وعيشي لبعض مراحل الحياة المعاصرة .. وجدته يظهر بقوة في مدد زمنية واحدث سياسية معينة ثم يختفي على حين غرة تحت ضغط التهديد او أوامر السلطات حدا لم يبق منه الا الرمز .. ثم يعود ليظهر ويختفي … هكذا دواليك : كان يد وقوة ما تحركه حيث تريد .. كما حدث في السبعينات من القرن الماضي اذ انتشرت القاب زعماء السلطة بأسماء مناطق مسقط رؤوسهم او القابهم او عشائرهم .. ثم صدرت التعليمات بعد سنوات بإلغاء اللقب والاكتفاء بالاسم .. لتعود الألقاب بقوة قبل تغيرات 2003 وبعدها .. كل الذي استلهمته من قراءة التاريخ واحداثه ان السلطات والاجندات تستخدم الملفات جميعا للإفادة من مشاريعها سواء كان بظهور الألقاب وانتشارها حد الفرض او الغائها ومنع انتشارها حد القطع .
في منطقتنا الكثير من الأشخاص كانوا يغيرون القابهم وصفاتهم مع كل تغير سياسي او محنة اجتماعية خاصة .. وهنا لا نلوم الناس ولا نتدخل بشؤونهم فتلك تبقى مسائل خاصة وشؤونها عند اهل الحل والعقد .. لكن الملفت للنظر حد التوق ان بعض الشخصيات والاسر ظلت على ما هي عليه بكل المراحل والظروف عينها بعين الله لا تنشد سواه .
سكن في منطقتنا ناس قالوا انهم كانوا قبل ذلك من سكنة محافظة صلاح الدين .. وقد كنا نعيش بتلك الفترة بكل حب وتعايش سلمي دون فوارق معينة .. مع بداية الثمانينات … مع انا كنا نسمي ونلقب أبناء جيراننا واقرننا ممن نلعب معا بالفرق والمدارس ( بالتكارتة ) الا انهم لم ينلهم من عز آنذاك او سلطان تلك المرحلة شيء وظل بيتهم ايجار وابنائهم ثلاث ( واحد متطوع جندي بالجيش واخر مكلف واخر موظف بسيط بوزارة الصناعة ) . كانوا ناس طيبين جدا ومتعايشين بسلام وامان .. احببناهم واصبحوا جزء من نسيجنا الاجتماعي وجسدنا الوطني ..
ثم فرقتنا الازمنة كبرنا وساقتنا متطلبات الحروب لمختلف الجبهات ثم تزوجنا وكبرنا وتفرقنا .. ولم نعد نراهم الا نادرا .. وعلمت انهم اجروا بيت في مكان اخر ارخص من تكاليف بيتهم الأول .. ثم تحملوا معنا شظف العيش تحت وقع سنوات الحصار التسعيني وعملوا باصعب واعقد الظروف من اجل لقمة العيش .. تشتتنا بعد 2003 وأصبحت أرى ابنهم الكبير المطوع بالمصادفة .. وقد تقاعد من الجيش القديم بصفة نائب ضابط .. واشترى ( ستوتة : يعني درجة بخارية بثلاث إطارات مع ملحق عربة يعمل بها في ( الحدادة ) يدور على البيوت والمحلات ويذرع الشوارع ) .
شاهدته قبل أيام بعد غياب سنوات … لم يسلم علي ولكن لاحظت انه يقف امام عربة صغيرة قرب السوق .. مررت جنبه لعله يرانِي .. سلمت عليه عرفته بي لم يعرفني .. فان ذاكرته مضغوطة بمصاعب وتقلبات الحياة .. ثم قال بعد صعوبة انه لم يعد يرى وعينيه ( عمت ) بسبب اشعت الاوكسجين واللحيم الذي يعمل به .. وانه اشترى عربة خشبية يحمل بها الأغراض ويجرها بالسوق من اجل مواجهة الظروف .. لان الحياة صعبة ولا يمتلك أي أموال سيما وان تقاعده البسيط كنائب ضابط في الجيش السابق يصرف على ايجار البيت .. فيما يحتاج الى مبلغ ملويني دينار كي يستعيد نظر احدى عينيه حسب قول الطبيب الذي يطالبه بالاجرة كاملة كي يعمل له العلمية ..
Discussion about this post