الخربشات الطفولية كانت الطريق للفنانة ثناء اسماعيل
بقلم ناديا يوسف
أنت جميلة جداً بطريقتك الخاصة ، بضحكاتك العالية أو الخافتة ، بإيماءاتك التي تختلفين فيها عن الغير ، بالكلمات التي تقولها عيناك قبل شفتيك لأنك أنثى أنت جميلة
في البدء كانت الخربشات ومن ثَمّ الزخرفات أو مايسمى الرسومات وبعدها كانت الكلمة والكل مرتبط بالروح التي تنقل هذا الإحساس وتترجمه على أرض الواقع وكم من الأسماء والمدارس الفنية التي انتشرت ولكن لكل فنان بصمته الخاصة والحديث الْيَوْمَ سيكون مع إحدى الفنانات اللاتي سلكْن هذا الطريق رغم صعوبته والعقبات التي قد تقف في الطريق لتتحدث عن تجربتها الفنية الفنانة
ثناء إسماعيل لطالما خطّت أناملها مايجول في عقلها وقلبها فهي لاتمتلك الإحساس الفني وحسب بل المعروف عنها تذوقها للثقافة والأدب حيث تركت في هذين المجالين أثراً طيباً
وبداية كانت بالتعرف على السيرة الذاتية لضيفتنا :
— قصتي مع الرسم بدأت وأنا صغيرة من خربشات طفولية عن العلاقة الحميمة مع البحر والشمس والفضاء اللا متناهي
أنا من مواليد طرطوس هذه المدينة الساحلية الجميلة لعام 1969
ولدت ضمن بيئة أسرية و عالم تختلط فيه الأشياء وآراء وأفكار مختلفة وأنا كطفلة أو شابة في مقتبل العمر تنأثر كغيرها بهذه الأمور ولكنني رأيتها بمنظوري الخاص وخيالٍ كبير من الأحلام الوردية والرومانسية و ونحن كما نعلم أن عالم الطفولة مفعم بالبراءة والعفوية والصدق حيث كان لها الدور الكبير في تزويدي بمفردات من المعرفة والعلم وقد ترجمتها عبر الرسم إضافة إلى ذلك كنت أقلد والدي رحمه الله الذي كان يهوى و يتفنن بالرسم حيث كان هو الداعم الأول لي وشجعني على متابعة الرسم ،لأنطلق بمرحلة جديدة من هذا الشغف
و من ثمّ التسجيل بمركز مجيب داوود للفنون والتشكيلية وتخرجت منه.
كما نعلم أنّ أول شيء ينتجه الإنسان يترك في حياته أثراً وانطباعاً خاص
— حدثينا عن أولى لوحاتك الفنية ؟
— أول لوحة رسمتها كانت صورة شخصية وهي اللوحة التي تركت أثراً عظيماً في نفسي هي صورة والدي ووالدتي وقد رسمتها بكمية من الحب الذي لا وصفَ و لا حدودَ له حينها ما كنت أبحث فيها عن الاتقان وإنما كنت أنقل من خلالها كمية العشق والعرفان لهما
— ما الصعوبات التي تواجه الفنان خلال مسيرته ؟
— الصعوبات التي واجهتني كثيرة و التي تعترض كل إنسان في مشواره الحياتي وخاصة الصعوبات التي تواجه أي فنان وهي نظرة الناس لفن الرسم وطريقة فهمهم للوحات فالأكثرية يحبون اللوحة الواضحة الخالية من الغموض والتي تصور الواقع كما هو
وعدم فهمهم للأسلوب الخاص الذي يسلكه الفنان من خلال لوحاته.
— مالرسالة التي يسعى الفنان تقديمها عبر هذه اللوحات ؟
— الفنون كلها تقدم رسالة ما
و إلا أصبحت بلا معنى ولا هدف فالفنان عندما ينتج فناً يقدم رسالة يريد أن يوصلها للمتلقي وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر أو المعاناة لكل مبدع
و الوسيلة التي أستطيع تجسيد رسالتي الفنية أمارسها من خلال الألوان والضوء والظلال التي تعبر عن الإشراق ماأطمح إليه أن يكون صورة لعالمنا
— مالطقوس التي تتبعها الفنانة ثناء أثناء الرسم وهل سبق أن أقدمت على تمزيق لوحة ما بعد رسمها ؟
— ليس لدي أية طقوس خاصة
فأنا عندما أرسم
اللوحة تدعوني ولست من أقوم بدعوتها
أشعر برغبة كبيرة في ترجمة بعض الأحاسيس فأرسم مباشرة
بالنسبة للشق الثاني من السؤال
لم أمزق لوحة وإنما أعدت هيكلتها من جديد لأنها لم تقنعني و لم يصلني الشعور بأنها جيدة وعلى الرغم من رأي الأكثرية بأنها جيدة لكن شعور عدم الرضى لذلك كان أقوى
— هل سبق وأن شاركتِ في معارض أو مسابقات وما أهميتها في حياتك الفنية ؟
— نعم شاركت في العديد من المعارض داخل محافظة طرطوس وخارجها وأخذت شهادة تقدير من نقابة الفنون الجميلة في دمشق
كان لي شرف المشاركة هناك بعدة لوحات في معرض مشترك مع الاتحاد النسائي سابقاً .
المعارض تضيف للفنان وتكسبه خبرات وتطلعه على مدارس أخرى من خلال التعرف على نماذج مختلفة من اللوحات والأساليب
— كما نعلم أن كل لوحة فنية لها طابعها الخاص الذي يختلف عن غيرها من اللوحات ، فكم المدة التي تحتاجينها لرسم لوحة ما وخاصة بوجود أساليب حديثة للرسم ؟
— كم أستغرق وقت لا أدري أحياناً يوم وأحيانأً أكثر
وأطول مدة كانت شهراً لايوجد عندي قيود تلزمني باللوحة لأنني عندما أشعر بالملل منها أتركها
— مارأيك الشخصي في الرسم التقليدي والرسم الحديث ؟
— هما الاثنان فن وإن اختلفت طريقتهما
بالنسبة لي أفضل المدرسة الانطباعية.
— كثير من الناس لايتقبلون النقد ما رأيك حول هذه النقطة ؟
— النقد بحد ذاته له أهمية وقيمة في تطوير أي عمل ولكن غير مستحب عند الأغلبية لأنه يعتبر بنظرهم استخفاف بهم أو محاولة تحطيم وتهميش لأننا حتى وقتنا هذا لم نعتد تقبل الراي الآخر وذلك بسبب عدم فهمنا الصحيح لأهمية هذه الثقافة والدور الذي تلعبه في عملية تطوير الشخصية والأسلوب والعمل مهما كان وليس في المجال الفني ربما ذلك بسبب الذين ينقدون بأسلوب التشهير والتجريح ولَم يتم فهمهم الصحيح لأهميته وقيمته السامية وإنما يعتبرونه مصدر عمل فقط أو وسيلة لجني المال
أما أنا فأقبل النقد طبعاً
ومن لا يقبل النقد ليس بفنان
وهنا أقصد النقد البنّاء البعيد عن التجريح يجعل الفنان يعيد ترتيب نفسه من جديد وإعادة صياغة أدواته.
و بالنسبة للجوائز أيضا نلتُ شهادة تقدير من المهرجان السياحي بطرطوس عام 1999
— ما أهمية الألوان في حياتك الفنية وما أسلوبك الخاص بالرسم وما أكثر لوحة قمتِ برسمها وكان لها وقع خاص عندك ؟
— أرسم بالرصاص والحبر الصيني والزيتي وتختلف الأدوات حسب الموضوع الذي أودّ تقديمه وكل اللوحات التي رسمتها كانت لها وقع خاص عندي وعشق معين ولكن أكثر لوحة جذبتني عندما كنا نصور للتلفزيون برنامج بحر وجبل وطلب مني اختيار موقع للرسم لأرسم مباشرة وهو جبلين يظهر من خلالها البحر بالوسط منظر كان في غاية الروعة
— لا أحد يستطيع أن يتحدث عن الأنثى سوى الأنثى نفسها كيف ترسمين المرأة وكيف تجسدت في لوحاتك ؟
— إن المرأة التي تمتلك إحساس وذهن تشعر بالمرأة و قد جسّدتها في لوحاتي في هيئة الأم و المناضلة والجبارة التي تقتلع الحياة من رحم الشقاء
ففي معظم اللوحات وخاصة لوحة الانتفاضة كنت أوثّق هذه اللحظات الرهيبة العظيمة في صورة هذا المخلوق الطيب الذي يعكس صورة الكون في عطائه فهي الأم الحزينة الصامتة التي تضم جراحها وهي الأخت الحنونة والابنة والزوجة التي تتحمل فهي باقة حب لانتصار النور في عالم الظلام
— علاقة الفنانة ثناء اسماعيل بالأدب ؟
— حقيقة أرى بمنظوري أن كل من يتمتع بموهبة في أي مجال له فهم خاص حول مايقدمه الآخرون من الإبداعات وذلك للحالة الخاصة التي يتمتع بها من إحساس مرهف وقد كانت لي تجارب كثيرة في مجال الأدب من كتابة الخواطر وتنظيم الأمسيات الأدبية والمهرجانات الثقافية ولا أنكر أن مثل هذا الأمور تحتاج دقة وحرفية عالية من حيث الاختيار والانتقاء الأمثل للأدباء وأماكن تنفيذ مثل هذه النشاطات
وقد كان لي تجارب أخرى بأن أضع رسوماتي في صور أغلفة لكتاب أن كان روايات أو شعر أو قصص ومنهم غلاف كتاب والدي كان من تصميمي وعندي تصاميم أخرى لأدباء
— رسالتك لكل فنان أو شخص يمتلك موهبة ويتردد في إظهارها ؟
— رسالتي لكل فنان أتمنى أن تقرأ الواقع جيداً وتستفيد من تجارب الآخرين لتكون شخصيتك المتفردة بك ويكون لك أسلوب خاص وألا تيئَس وتأخذك الدنيا كما أخذتني من الفن والرسم إلى واقع الحياة
اترك لنفسك مساحة من الوقت تمارس فيها هوايتك
فإن تركتها تركتك
وأنا أقول هذا الكلام لأنني أصبحت مُقلّة جداً في ممارسة هوايتي التي أحب
بسبب التدريس ورعاية بيتي وأسرتي
وفِي الختام نستطيع القول أن لكل إنسان طاقة وقدرات في مكان معين عليه أن لا يغفلها وأن يسعى للحصول عليها حتى لو لم يظهرها للعلن وإنما ليبحث فيها عن ذاته
Discussion about this post