إدارة الدولة ..
هدر ام استراتيج !
حسين الذكر
من مقتضيات المصلحة العامة ومن اهم مقومات الحضارة ان تكون على راس أي دولة حكومة إدارية قادرة على إدارة مواردها بطريقة يمكن لها ان تؤمن مستلزمات العيش الأفضل وفقا لما متاح من إمكانات .. ثم تفكر بدوام ذلك على ان تكون دائما الاولوية للملفات المستدامة في مختلف مناح الحياة ..
فحينما تتولى حكومة ما وتاخذ على عاتقها مسؤولية الإدارة ينبغي ان يكون لديها فكر وخطط استراتيجية … عن كيفية تمشية ملفات الحياة والحفاظ على مستوى التطور بشكل ثابت دون ان تمس الخزين الاستراتيجي الذي ينبغي له ان يكون في خدمة المستقبل . وهذا يعني ضمنا تقسيم موارد الدولة الى مهم واهم .. فما يتعلق بالقسم التشغيلي كرواتب الموظفين ( مثلا ) ينبغي ان يكون مورده الأول والأخير هو الضرائب التي تعد بمثابة فن من اهم فنون فلسفة الحكم التي تؤمن الرواتب دون ان تصرف او تمد يدها الى الخزين الاستراتيجي.
اما الموارد الأخرى من قبيل الزراعة والصناعة والسياحة وغير ذاك ما متاح وتحت اليد ويعد من موارد الدولة المؤسساتية والفردية للمواطنين .. فهذا مهمته تحصر بتحسين البيئة والاخذ بزمام التطوير الحياتي مع تهيئة ما يستحق الصرف للطواريء وغيرها من شؤون الحياة .
ثم أخيرا وليس اخر .. فان ملف الخزين الاستراتيجي الأهم الممثل في الموارد الذهبية التي حبى الله بها بعض الدول وخصها دون غيرها وتعد بمثابة هبات سماوية واموال جاهزة لا يمكن تعوضيها ويصعب تبديلها ولا يجوز هدرها وخسرانها تحت أي عذر كان من قبيل ( النفط ومشتقاته ) .. وما يعنيه ملفها من أهمية يجب ان تحصر ادارتها بالعقل الاستراتيجي وتامين الملفات المستدامة .. وفقا لخطط ( 25 و 50 ) سنة قادمة … يضعها خبراء وعلماء وقادة الامة من أصحاب العقول العلمية والضمائر الحية .. لأهمية وخطورة الملف ..
فحينما نتحدث عن وارادت النفط على سبيل المثال .. التي يجب ان تصب كلها او جلها – حسب ضرورة قصوى يحددها الظرف والدستور ويشرف عليها العقل الاستراتيجي للامة – على مشاريع بنى تحتية وفوقية مستقبلية تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات المستقبلية المتوقعة والتي هي ليست طارئة بل معروفة ويمكن قياسها ووضعها تحت السيطرة والتعاطي معها بعلمية ومثالية وفقا للمتاح .
كل ما ذهبنا اليه يعني تحديدا . ان الموارد الاستراتيجية يجب ان لا توضع تحت تصرف الحكومات سيما العاجزة منها في الحفاظ على الامن الاجتماعي للدولة ومصالح المجتمع العليا والمستدامة منها على وجه التحديد .. والا فان صرف تلك الأموال على غير المستقبل يعد نهبا وخرابا وفسادا متعمد او مستغبى يدخل في خانة ويدرج تحت عنوان الخيانة العظمى .. ففيه هدر لطاقات الامة في غير محلها .. مما يتطلب من المشرع العراقي والعقول الاقتصادية وقبل ذلك القوى الروحية والعقول الإصلاحية الأفكار المجتمعية الإنسانية .. ان تعيد هذه النقطة الجوهرية الى طاولة البحث لاهميتها وضرورتها الحتمية الملحة .. فان سبب خراب الامة العربية وبقية ما يسمى بدول العالم الثالث هو هذه الافة المرضية .. والله من وراء القصد !!
Discussion about this post