لاشك أننا نحلم أن نعيش فى عصر من العصور الماضية ، وأن نتقابل مع شخصيات أثرت فى وجداننا ، ولكن هذا الحلم صعب أن يتحقق فى الواقع ، ولكن فكرة الرجوع إلى عصر مضى فكرة تروادنا دائما ، فهل نستطيع ان نرجع بعقارب الساعة إلى الوراء لم لا ؟ نعم من الممكن ان نصنع الماضي ونذهب فى رحلة إليه ،لعل هذه الفكرة ممكن ان توظف فى الجانب الدرامي وتستغل فى تعليم اللغة والتاريخ والثقافة ، فمن منا لا يحلم أن يقابل امروء القيس والمتنبي وأبي تمام والفرذدق وعيرهم من شعراء العرب بل ويقف ويستمع إلى أشعارهم ونطقهم وطريقتهم فى الإلقاء الشعرى كيف كانوا يقرضون الشعر ويتبارون فى إلقائه من منا لم يحلم أن يتقابل مع الجاحظ ويحدثه أو علماء العرب كابن سيناء والحسن ابن الهيثم ، لو ذهبنا بعيدا عن حدود هذا الحلم إلى حلم أخر ان نعيش هذه العصور ونتعايش مع اهلها هل معقول أن نصدق ذلك ؟؟؟ لماذا لانعيد إلى أطفالنا ماضى ساحر فى قالب درامي نصنعه فى بيئة حية او افتراضية ؟ ونستفيد من فكرة الانغماس الشامل لهذا العصر ،وأقصد بالانعماس شبه الشامل أى انه لايتوقف على الانغماس اللغوى فقط ولكي نتعرف على مفهوم الانعماس اللغوي والفرق بينه وبين الانغماس التام
الانغماس اللغوي :
” العين و الميم و السين أصل واحد يدل غَطَّ الشيء , يقال غمست الثوب و اليد في الماء , إذا غططه فيه , و في الحديث : ” إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء ” , و يمين غموس , قال قوم : معناه أنها تغمس صاحبها في الإثم ” ([1] )و يورد ابن منظور ” غَمَسَه يغمسه غمساً أي مقله فيه , و قد انغمس فيه و اغتمس , و المغامسة المماقلة , و كذلك إذا رمى الرجل نفسه في سطة الحرب أو الخطب , و في الحديث عن عامر , قال : يكتحل الصائم و يرتمس ولا يغتمس , قال : و قال علي بن حجر : الاغتماس أن يطيل اللبث فيه , الارتماس أن لا يطيل المكث فيه ” ([2]) . و يذكر الرازي في مختار الصحاح أن معنى الانغماس هو الاندماج و الاختلاط و الامتزاج , فقال : ” غمس الشيء في الماء و نحوه غمساً : غمره به , و يقال : غمس اللقمة في الإدام , و اليمين الكاذبة في الإثم : أوقعته فيه . ([3]) و يأتي بمعنى غمس المرء نفسه ” وسط الحرب أو الخطب ” ([4])
ومصطلح “الانغماس اللغوي” هو ترجمة للمصطلح الإنجليزي :
“Language Immersion” .
ويعرفه قاموس “مريم ويبستر” بأنه طريقة لتعلم لغة أجنبية بأن تدرس دراسة تامة بتلك اللغة([5]) .
والانغماس اللغوي التام: ( أن انغماس الطلاب في اللغة التي يريدون تعلمها غمساً تاماً بحيث تحيط بهم من كل جانب فلا يسمعون غيرها ولا يستعملون غيرها في كل أمورهم التعليمية وغير التعليمية داخل الصف وخارجه )
فالفكرة التي فى مخيلتي أن يكون هناك عمل درامي شامل بشكل عير مألوف أى ليست حدوده خشبة المسرح فقط وإنما نصنع محاكاة لطبيعة البيئة التى نريد أن نتعايش معها سواء العصر الجاهلى أو العصر الأموى او العباسي وتقام من خلاله ديكورات لهذا العصر من القصور والحدائق والخيام والمنازل ذات الطابع القديم المميزة لهذا العصر ويرتدي الممثلون أزياء هذا العصر ويخاطبون رواد هذا العصر بلغتهم وفكرهم وثقافتهم ، هذا التصور يحتاج إلى إعداد الممثلين لدراسة كل تفاصيل العصر الذى يحاكونه فمثلا العصر الجاهلى يتعايش رواد هذا العصر مع البيئة العربية ويتعرف على عناصرها المميزة الخيام والخيول والصحراء والبادية والأزياء ويتحدثون مع أهل هذا العصر بلغتهم ، وهكذا فى بقية العصور ولا مانع أن يتقمص ممثل دور أبي نواس أو امرؤ القيس أو عنترة ، فى عمل ملحمى يميل إلى الارتجال الدرامي المعد مسبقا بشكل علمي مدروس ، إن المحاكاة الدرامية لبيئة ما تعد وسيلة من الوسائل الناجعة فى تعلم اللغة الثانية أيضا ، حيث يتعايش الدارسون فى هذا المعسكر فترة شهر أو اكثر ليمارس اللغة والثقافة من خلال الانغماس التام لهذه الثقافة ولعل مثل هذه المعسكرات التعليمية مكلفة للاية لايستطيع القيام بإنشائها سوى مؤسسات ضخمة وقد شاهدت بعض المهرجانات التى تعبر عن ذلك ولكن فى حدود ضيقة مثل مهرجان الجنادرية بالرياض بالمملكة العربية السعودية حيث يستعرض ثقافة الشعب السعودى بطريقة مماثلة ، ويستعرض مثلا سوق عكاظ وما يمثله من خضارة وثقافة عربية ولكن ما أقصده أن يكون هناك متهج شامل لمحاكاة البيئة العربية لابد أن يوضع البرنامج الثقافى شامل كل تفاصيل
- يجب أن يقوم المنهج على تطوير ما يسمّى المهارات الإجرائية الثقافية وأقسامها:
العملية:
- المهارات الاجتماعية.
- المهارات اللازمة للحياة اليومية.
- المهارات المهنية.
- المهارات الخاصة بأوقات الفراغ والفن والرياضة والهوايات.
المتداخلة حضارياً:
- القدرة على ربط حضارته بالحضارة الأجنبية.
- الإحساس بالحضارة الجديدة والقدرة على اختيار مجموعة طرق للتواصل مع أهل الحضارة الجديدة.
- فهم الحضارة الجديدة باختلافاتها مع حضارته فيكون الوسيط بين حضارته والحضارة الجديدة لكي يتلاشى سوء الفهم.
- ذكر الإطار تحت باب آليّات التعلّم أن القدرة على التعلّم بكفاءة عن طريق الملاحظة المباشرة والمشاركة في الأحداث الاتصالية (سواء على المستوى اللغوي أم المستوى الحضاري الاجتماعي) عن طريق تدريب المهارات الحسية، والتحليلية ومهارات تحري حلول المشكلات، وبذلك لا بد للمنهاج من تنمية هذه المهارات.
- أن يراعي المنهاج اختلاف كفاءات المتعلّمين الشخصية مثل دوافع الشخصية وصفاتها ووجهات النظر.
- أن تتعلّق الكفاءات اللغوية الاجتماعيّة بالمعارف والمهارات اللازمة للتغلّب على البعد الاجتماعي لاستخدام اللغة.
**وتحت باب الكفاءات الاتصاليّة ذكر الإطار الكفاءات اللغوية الاجتماعية وقدّم وصفها كالآتي:
الوصف اللغوي للعلاقات الاجتماعيّة: وفي هذا وصف طبيعة العلاقات الاجتماعيّة اليوميّة وأعراف الخطاب المُهذّب الذي وصفه بالسلاسة في الكلام واحترام مشاعر الآخرين.
كما وذكر وصف التراكيب الاصطلاحيّة مثل الحكم والأقوال المأثورة والأمثال الدّارجة في اللغة الهدف.
وذكر وصف لاختلاف السّجلات اللغوية محدداً أنواع الخطاب بالنسبة للسياق الثقافي ووصف التنوعات اللغوية (اجتماعياً، إقليمياً، عرقياً…إلخ)، وفي هذا وصف التغييرات بين اللغة الهدف واللغة الأم.
فمشروع محاكاة البيئة العربية دراميا يحتاج إلى تضافر كل الجهود ، جهود علماء اللغة وعلماء الحضارات والتاريخ والعلم الاجتماع واللغة ، والديكور والاضاءة
Discussion about this post