فقرة القصة القصيرة: ضيفة اليوم الاديبة والشاعرة العراقية عضو النافذة صديقتي الأستاذة فوز حمزة.
تذكير:
سبق لهذه الفقرة ان نشرت قصصا وقراءات نقدية في جنس القصة القصيرة لكاتبات وكتاب عرب من:
– العراق: ليلى المراني، وعبد الله الميالي..
– سوريا: مصطفى تاج الدين الموسى…
– الجزائر: د. سمية غشير، والطيب صالح الطهوري…
– تونس: نعيمة قربع…
– المغرب: حسن الموزوني، وعبد الباسط بوشنتوف، وخالد بوزيان موساوي…
القصة القصيرة جنس ادبي سردي نبيل قريب من جنس “الحكاية” ويختلف عنها من حيث البناء، والتصور، والعناصر المكونة، قريب كذلك من جنس “المقامة” ، ويختلف عنها من حيث اللغة والاسلوب والبناء…
القصة القصيرة جنس ادبي غربي اول رواده في عصر النهضة الاوروبية الإيطالي بوكاس والفرنسية مارغاريت دو نافار في القرن 16 الميلادي…
من أهم رواده الذين اوصلوه للعالمية الفرنسي موباسان والألماني كافكا والانجليزي/ الأمريكي ادغار بو وغيرهم…
ومن المغاربة محمد شكري ومحمد زفزاف واحمد المديني وبوزفور ….
اليوم اقدم لقراء واعضاء ورواد النافذة قصة قصيرة من إبداع الفنانة والاديبة العراقية فوز حمزة المغتربة بالديار البلغارية:
نص القصة القصيرة:
دعوة ساتيفا
في البقعة التي تلتقي عندها مياه بحر نورجا مع مياه بحر نورشا .. ثمةُ جزيرة تحيطها من إحدى الجهات أشجار البرقوق الأحمر الذي زادته أشعةُ الشمس اشتعالاً وتوهجًا.
أشجار الصفصافِ سحر ظلالها الخضراء وهي تميس مع الأنسام تغوي الورد .. فيمتلئ المكان بالعبير الذي ينعش الأفئدة فتهيم الروح في الملكوت.
الشلال الفضي الواقع على طرف الجزيرة الآخر .. لم تتوقف المياه فيه عن التدفق والجريان ..
أشجار الكرز وحدها بألوانها الرائعة كانت تحيط بالقصرِ ذو الشرفاتِ الكبيرة كأنها أجنحة للحوريات.
كل شيء هادىء .. مَنْ يجرؤ على أنْ يصدر صوتًا فيثير غضب ساتيفا ربة البحر.
شيء ما حرك السكون .. زعزع سلام الجزيرة فاختلط هديل الحمام مع زقزقة العصافير.
خرجت الأفاعي من أوكارها مذعورة .. نفضت الأشجار أوراقها وهي ترتجف .. صوت غريب حملته الأمواج القادمة من بعيد إلى الجزيرة .. هذا الصوت أثار الحزن لدى سكان الجزيرة ولم يكن أحد من قبل قد ألف هذا الشعور ..
أسراب النوارس البيضاء طارت نحو الشرفة بعد أن لمحت ربتها وهي تشير إليها بالقدوم .. انحنت قبل أن تقول :
– غفرانكِ مولاتنا ساتيفا ..
وقبل أن تكمل الطيور حديثها .. أمرتهم ربتهم بإحضار من عصى أوامرها واخترق القوانين.
اندهش كل من كان على الجزيرة .. إذ لم يسبق لهم أن رأوا مخلوقًا يمشي على قدمين .. يدير رقبته في أنحاء المكان مستغربًا هو الآخر.
إشفاقهم عليه كان كبيرًا حين تذكروا ما ينتظره من عقاب .. اندهاش الربة ساتيفا كان أكبر حين وقع بصرها عليه .. لم تنتظر طويلاً قبل أن تساله :
– مَنْ أنتَ ؟
أجابها :
– لا أدري !
– كيف وصلتْ إلى هنا ؟!
ـ لا أدري !
ـ ما هذا الذي تحمله بين يديك ؟
– ناي .. أعزف عليه ألحان أشجار ودعت الحياة .. وبدأ يعزف عليه والكل مصغ ومستغرب .
قبل هذه اللحظة .. لم تكن ساتيفا قد عرفت من قبل مشاعر الحيرة .. هذا المخلوق القادم من عتبات الزمن ولد داخلها شيئًا لم تعرف ما هو .. شيئًا جعلها تقترب منه وتستنشق عطره.
أصاب الخدر جسدها فانتشت الروح المختبئة فيه .. وأبصرت خيوطًا تحيطُ بهذا الكائن الغامض .. هالة من نور تمتد إليها .. تحيط بها وتأسرها ..
نظراته أذابت الجليد لينبت بدلاً عنه زهرًا يبوح بالندى والحب .. تمكن من قلبها .. عزف على أوتاره أعذب لحن فتمكن العشق منها وراح الموج يرقص في هدوء ناعس.
ولأول مرة تتذوق ساتيفا وهي مطبقة الأجفان طعم الحلم .. ما لبثت حتى تزوجت ربّة البحار هذا المخلوق العجيب .. فأنجبا إنسان ••
Discussion about this post