قصة قصيرة
خارج الزمن الحكومي
بقلمي: خالد بوزيان موساوي
بِمقهايَ المُفَضّل، على مَرمى مَعبَرِ طريق، آنسني منظر حضور ظلالٍ تنتظر… مرّت حافلة… غادرتْ… سكنَ المكان… ساد الفراغ إلى حين.
لم يكن يومي ذاك مجرد رقمٍ في مذكِّرة أسبوع؛ آثرْتُ أن أخرج عن النص، أن أتمرّدَ كما مُمَثّل على قرارات مُخرِج… أعلنتُ بداية النهاية؛ أنزلتُ السّتار… لم يكن الحدث لَيُثير حفيظة الجمهور، أو احتجاجه، أو تحفّظه… سيكتفي بالقول:
ـ غادرَ فُلان… سَيُعَوِّضُه علّان… وهكذا دواليك…
يومها، قدّمتُ عبر البوابة الرقمية طلبا للوزارة:
ـ “يشرفني السيد الوزير أن ألتمس منكم إحالتي على التقاعد النسبي بعدما استوفيتُ الشروط….”
نعم، كنتُ قد استوفيتُ الشروط كلّها قبل الأجلِ الذي أقرّتهُ الحكومة وصادق عليه البرلمان…
غزى الشيبُ رأسي كما إعلان رسمي لبداية شيخوخة… ونقش خنجر الزمن تجاعيد على جبهتي كما صفحة بآلاف الجُمَلِ تُؤَرِّخُ لمسيرة عمر… ما عادتْ قدمايَ تحملني لكثرة ما عدْتُ أتبوّل في سروالي خذلاني… لا أتذكّرُ حتى إنْ ذات يومٍ أو شهرٍ أو سنةٍ كنتُ يافعا ووسيما وقويّا وسيد قومي وفارس حبيبتي…
نصحني أحدهم أن أكتب مُذكّراتي… أجبته:
ـ أخوات “كان” كلها أفعال ناقصة… “كنتُ ذات يوم… وأصبحتُ ذات يوم…. تقاعد شهريار… نامت شهرزاد… لتبدأ حكاية أخرى؛ مسرحية قديمة / جديدة بمشهدٍ واحدٍ أضحى يتكرّر كلّ يوم (طابور مِنْ أشباهِ جُثثٍ تبحث عن حَجزِ سرير في المقبرة المجاورة)
عَكَّرَ نادل المقهى صَفْوَ هذياني؛ سألني:
ـ كم الساعة أستاذي؟
أجبتُهُ:
ـ لا أعرف… لقد تحرّرْتُ اليوم من ربطة عنقي، وتوقفت عقارب ساعتي عن الدوران… لقد قرّرْتُ أن أعيش ما تقى خارج الزمن الحكومي.
Discussion about this post