في مثل هذا اليوم 4نوفمبر1974م..
إنقلاب يطيح بالنظام العسكري في اليونان.
في 21 أبريل 1967 وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات المقررة، استولت مجموعة من ضباط الجيش اليميني بقيادة العميد ستيليانوس باتاكوس والعقيد جيورجيوس بابادوبولوس ونيكولاوس ماكاريزوس على السلطة في انقلاب. كان الكولونيلات قادرين على الاستيلاء على السلطة بسرعة باستخدام عناصر المفاجأة والارتباك. كان باتاكوس قائد مركز تدريب المدرعات (Κέντρο Εκπαίδευσης Τεθωρακισμένων ، ΚΕΤΘ) ومقره أثينا.
وضع قادة الانقلاب الدبابات في مواقع استراتيجية في أثينا، واكتسبوا بشكل فعال السيطرة الكاملة على المدينة. في الوقت نفسه تم إرسال عدد كبير من الوحدات المتنقلة الصغيرة لاعتقال كبار السياسيين ورجال السلطة والمواطنين العاديين المشتبه في تعاطفهم مع اليسار، وفقًا لقوائم معدة مسبقًا. وكان من أوائل الذين تم اعتقالهم الفريق غريغوريوس سباندياكيس ، القائد العام للجيش اليوناني. أقنع الكولونيل سباندياكيس بالانضمام إليهم، وجعله يفعل خطة عمل تمت صياغتها مسبقًا لدفع الانقلاب إلى الأمام. تحت قيادة العميد المظلي كوستاس أصلانيدس، تولت فرقة المظليين إدارة وزارة الدفاع اليونانية بينما سيطر العميد باتاكوس على مراكز الاتصالات والبرلمان والقصر الملكي، ووفقًا لقوائم مفصلة – اعتقلت أكثر من 10000 شخص.
بحلول ساعات الصباح الباكر كانت اليونان بأكملها في أيدي العقيد. وقد اعتقل المتآمرون جميع السياسيين البارزين بمن فيهم القائم بأعمال رئيس الوزراء باناجيوتيس كانيلوبولوس، واحتجزوه بمعزل عن العالم الخارجي. وفي الساعة 6:00 صباحًا بتوقيت شرق أوروبا، أعلن بابادوبولوس تعليق إحدى عشرة مادة من الدستور اليوناني. ومن نتائج هذا التعليق أنه يمكن اعتقال أي شخص دون أمر توقيف في أي وقت وتقديمه إلى محكمة عرفية لمحاكمته. وروى إيوانيس لاداس مدير وكالة الفضاء الأوروبية آنذاك في مقابلة لاحقة أنه “في غضون عشرين دقيقة يمكن اعتقال كل سياسي وكل رجل وكل فوضوي مدرج … كانت خطة بسيطة وشيطانية”. تم القبض على جورجيوس باباندريو بعد مداهمة ليلية لفيلته في كاستري أتيكا. قُبض على أندرياس في نفس الوقت تقريبًا، بعد أن دخل سبعة جنود مسلحين بحراب ثابتة ومدفع رشاش منزله بالقوة. هرب أندرياس باباندريو إلى سطح منزله لكنه استسلم بعد أن صوب أحد الجنود مسدسًا إلى رأس ابنه جورج باباندريو البالغ من العمر أربعة عشر عامًا.
حاولت الطغمة العسكرية لبابادوبولوس إعادة هندسة المشهد السياسي اليوناني عن طريق الانقلاب. يُعرف بابادوبولوس وأعضاء المجلس العسكري الآخرون في اليونان بمصطلح “أبريلياني” (الأبريليين) للدلالة على شهر الانقلاب. أصبح مصطلح “Aprilianoi” مرادفًا لمصطلح “ديكتاتوريون 1974”.
ا حدث في انقلاب اليونان الذي تسلط على الحريات وأسرف في الاعتقال وسفك الدماء ومراقبة الصحف وطرد المراسلين، إلى أن مني قائد الانقلاب العسكري بالهزيمة الساحقة، فاضطر العسكريون إلى التدخل والإطاحة به واستدعاء مدني ليرأس الوزارة وتتم الدعوة لانتخابات ديمقراطية.. بينما يحاكم قائد الانقلاب بالخيانة ويتلقى حكما بالإعدام؛ لتنتهي بذلك فترة “حكم الجنرالات” في اليونان بعد 8 سنوات.
الكولونيل جورج بابادوبولوس.. إنه القائد العسكري الذي أحكم سلطاته على اليونان بعد انقلاب عسكري فتولى وزارة الدفاع وقيادة الجيش ورئاسة الوزراء ثم جمع إلى سلطاته أيضا رئاسة الدولة، وبعد أن قدم نفسه إلى اليونانيين كمصلح اقتصادي ومؤمن بالحريات، فوجئوا بالرجل يجر عليهم ويلات الاستبداد والحروب.
امتد حكم المجلس العسكري في اليونان قرابة الثماني سنوات من 1967 حتى 1974، ارتكب العسكر خلالها معظم الجرائم السياسية، فقاموا بتقييد الحريات، ومنع أي نشاط سياسي، وأجروا اعتقالات واسعة جدا في صفوف النشطاء والمطالبين بالديمقراطية، وفرضوا رقابة شديدة على الصحف، وألغوا مئات المنظمات المدنية الخاصة التي لم تؤيّدهم!.
كلمة السر في هذا الفصل كانت: “قبرص”، الجزيرة المتوسطية الغنية بمواردها التي تقطنها العرقيتان التركية واليونانية، مما يجعل منها مطمعًا من جانب كلا الدولتين، الشعور الطاغي بالغطرسة لدى جنرالات المجلس العسكري اليوناني نمّا لديهم الإحساس الخادع بالقوة، فارتكبوا أشد الحماقات بؤسًا في قبرص التي كانت ساحة نزاع قديمةً أصلا بين اليونان وتركيا.
تعاون جنرالات اليونان سرا مع الساعين إلى انقلاب عسكري في جزيرة قبرص وخاصة منظمة (إيوكا) التي كانت تتبع قيادتهم في أثينا مباشرة، ودفعوا برجالهم وجنودهم إلى تلك الجزيرة التي تعد مطمعا لهم خلافا للاتفاقات المبرمة بينهم وبين تركيا وبريطانيا، وفي 1974 أعلن الحرس الوطني تحت قيادة جنود يونانيين الاستيلاء على الحكم واحتل مبنى الإذاعة والتليفزيون وأغلق مطار نيقوسيا وعين نيكوس سامبسون المعروف بعدائه الشديد للأتراك رئيسا جديدا.
ارتكب الانقلاب العسكري مذابح غير مسبوقة في نيقوسيا، معظمها كانت بين اليونانيين أنفسهم الذين عارضوا الانقلاب العسكري، حتى قال مؤرخون إن شوارع نيقوسيا وباقي المدن القبرصية امتلأت بالجثث، وفاجأ الانقلاب بشراسته الجميع.
وبعد أن أرسلت تركيا تحذيراتها مرارا واجتمعت بمسئولين بريطانيين، أدركت أن الوقت لن يكون إلا في صالح الانقلاب العسكري هناك الذي سيكتسب شرعية ويصير أمرا واقعا، فقامت بعمليات إنزال لجنودها على السواحل القبرصية، ما دفع الانقلاب في اليونان إلى إرسال تعزيزات من الجنود اليونانيين بدوره إلى هناك، غير أن التجهيزات والاستعدادات التركية حسمت الأمر ومني قادة اليونان بهزيمة عسكرية مدوية، إلى قرر مجلس الأمن وقف إطلاق النار.
في الوقت نفسه وبالتزامن مع الهزيمة العسكرية كان الغضب قد وصل إلى مداه داخل الجيش اليوناني.. الذي كان حانقًا بشدة على الرئيس الجنرال الفاشل بابادوبولوس، فقامت مجموعة عسكرية بانقلاب ناجح على جنرالات مجلس بابادوبولوس العسكري وعينوا مكانه الفريق فيدون جيزكس رئيسًا مؤقتًا، ثم استدعى العسكريون بعد ذلك السياسي المحترف “قسطنطين كارمانليس” ليدير الحكومة بدلا منهم ويعودوا هم إلى ثكناتهم بعد انهيار تجربة الحكم العسكري، وفيما بعد صار كارمانليس أول رئيس منتخب ديمقراطيا لليونان.
وفي عام 1975 حُكِمَ على بابادوبولوس بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، ثم خُفِّف الحُكم إلى السجن المؤبد، حتى مات جورج بابادوبولس مسجونًا في سنة 1999.!!
<img class="x16dsc37" role="presentation" src="data:;base64, ” width=”18″ height=”18″ />
١١
أعجبني
تعليق
مشاركة
Discussion about this post