في مثل هذا اليوم 9 نوفمبر1953م..
الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود يتولى حكم المملكة العربية السعودية بعد وفاة والده الملك عبد العزيز آل سعود.
سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ولد في الكويت بتاريخ 3 شوال 1319هـ/15 يناير 1902 وتوفي في 6 ذو الحجة 1388هـ/23 فبراير 1969م، ملك المملكة العربية السعودية الثاني، والحاكم الخامس عشر من أسرة آل سعود. خلال الفترة من 9 نوفمبر 1953 إلى 2 نوفمبر 1964. هو الابن الثاني من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود الذكور من زوجته وضحى بنت محمد بن برغش بن عريعر، ولد في نفس السنة التي استعاد فيها والده الملك عبد العزيز آل سعود الرياض من آل رشيد. وهو الملك الوحيد من ملوك السعودية الذي انتهى حكمه بالعزل من قبل أفراد العائلة المالكة وليس بالوفاة.
ولد الملك سعود في 3 شوال 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م، في السنة التي وافقت استعادة الملك عبد العزيز الرياض من آل رشيد، وذلك في منزل في قلب المدينة القديمة يدعى بيت العامر في الكويت في منطقة سكة عنزة التي كان يقطن فيها أفراد من قبيلة عنزة بقرب من بوابة السبعان ومسجد بن بحر وأيضًا المدرسة المباركية، الذي لقب لاحقًا بفريج سعود نسبة لآل سعود. كان يقطن سعود مع والديه وإخوته وجده الإمام عبد الرحمن بن فيصل وجدته سارة بنت أحمد السديري. وكان لقرب سعود وأخيه الكبير تركي الأول من جدهما وجدتهما في طفولتهما أكبر الأثر في تربيتهما
تربى الأمير سعود مثل أخوته تحت ظل والده الملك عبد العزيز حيث يحضر مجالسه ومجالس جده الإمام عبد الرحمن وعندما كبر سعود واشتد ساعده وبلغ من العمر ما بلغ بدأ والده بمنحه مهام ذات البعد العسكري والسياسي والإداري وفوض له مهام خارج الدولة والتي تكسبه الحنكة السياسية الخارجية بعد أن تتلمذ في العلوم السياسية والدبلوماسية على يدي عبد الله الدملوجي والشيخ حافظ وهبة وهما من أعمدة بلاط والده خلال تلك الفترة، فكان لهذه النشأة أثرها الفاعل في تكوين شخصية الأمير سعود وبناء شخصيته وتنمية عقليته.
بعد استسلام إمارة جبل شمر أمر الملك عبد العزيز بتوسيع عمليات قواته وكان سعود بجوار والده في الرياض يساعده في التخطيط ومراقبة التطورات والإشراف على تنفيذها فضمت القوات السعودية عسير لتضييق الخناق على الحجاز من الجنوب، ثم على الطائف ومكة المكرمة حتى تحقق له في عام 1343هـ الموافق 1924م، وجاء الملك الملك عبد العزيز للمرة الأولى في حياته مُحرماً إلى مكة تاركاً ابنه سعود في الرياض لإدارة الحكم تحت إشراف جَده الأمير الإمام عبد الرحمن حيث استمر سعود نائباً لوالده في الرياض حتى اِسْتَوْلَى الملك عبد العزيز على جدة والمدينة المنورة، وبعد مبايعته في الحرم المكي، قُلِّدَتْ في جميع أنحاء البلاد، حيث أخذ أمراء المناطق المبايعة له نيابة عنه، وتولى أيضاً الأمير سعود قيادة شؤون نجد بعد حادثة الإخوان في معركة السبلة إذ كان على والده الخروج على رأس جيش لإخماد تبعات معركة السبلة من بعض القبائل في جمادى الآخرة 1348هـ الموافق نوفمبر 1929م.
حادثة المحمل كانت المحك الأول الذي أظهر الإخوان بمظهر مختلف فتحولوا بطريقة ما إلى مصدر للقلق وصنع المشكلات التي هددت في وقت من الأوقات كل جهود الملك عبد العزيز في بناء دولته الحديثة، حيث وقعت هذه الحادثة بعد ضم الحجاز بوقت قصير حيث سرت العادة في العهد العثماني أن تنسج مصر كسوة الكعبة وترسل في كل عام في مسيرة قافلة ضخمة يحيط بها الحرس وأمير الحج وحاشيته، وتتقدمهم فرقة موسيقية مما أثار غضب الإخوان، وبدأوا بالهجوم عليهم، فما كان من الملك عبد العزيز إلا أن أرسل ابنه بجيشه لمحاربة المعسكر المصري من هذا الهجوم، وقد تسببت هذه الحادثة بمشاكل سياسية بين السعودية ومصر. وللأسف مشكلة الإخوان امتدت واستمرت واتسعت أفقها لدرجة أن الملك عبد العزيز أدرك أن لا حل لها إلا إيقاف المتمردين عند حدهم للحد من الفوضى التي ساهموا في خلقها داخلياً وخارجياً فما كان منه إلا أن أعلن التعبئة العامة واستقر في بريدة منتظراً ابنه الأمير سعود والأمير محمد للقاء المتمردين في السبلة، ووُضِعَتْ خطة محكمة للسيطرة على الوضع بأقل الخسائر حتى أنتهت فتنة الأخوان.
وليًا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء
وبانتهاء حركة الإخوان والقضاء على مقاومتهم، قرر الملك عبد العزيز التحضير لإعطاء صفة شرعية لبلاده وحكمه. فبدأ بإطلاق اسم المملكة العربية السعودية على الأجزاء التي وحّدها وإعلان ذلك في 17 جمادى الأولى 1351هـ الموافق 17 سبتمبر 1932. ثم تبع هذه الخطوة بالإعداد لإعلان ولاية العهد لابنه سعود بعد أن استوفى كافة الأوصاف الشرعية الواجب توفرها، وبعد أن أثبتت الأحداث دوره القيادي فيها ومعالجته الحكيمة والشجاعة للأحداث أصبح جديراً بأن يكون خليفته الرسمي لاستلام زمام الأمر من يديه عند اللزوم، مواصلاً جهاده وكفاحه لتحقيق وحدة صف الأمة والنهوض بها على المنهج والخطة التي رسمها. فرشحه لولاية العهد وتم الإقرار عليها بالإجماع من أفراد العائلة والمشايخ والعلماء وغيرهم من الرعية ونشرت صحيفة أم القرى في 30 محرم 1352هـ الموافق 25 مايو 1933، مقالاً عن مراسيم البيعة للأمير سعود والدور البارز الذي قام به الأمير محمد بن عبد الرحمن في الإعداد لهذه المراسيم وذلك بعد إصدار الملك عبد العزيز مرسوم ملكي من مجلس الشورى بجدة بمبايعة الأمير سعود ولياً للعهد وذلك في 16 محرم 1352هـ 11 مايو 1933، وطلب من جميع أفراد الأسرة الحاكمة وأعيان مناطق المملكة العربية السعودية وشيوخ القبائل بمبايعة الأمير سعود ولياً للعهد وكان الأمير سعود حينذاك في الرياض وتمت المبايعة في مكة في الحرم المكي.
شجع الملك عبد العزيز الأمير سعود على السفر إلى أوروبا. وتم إعداد برنامج شامل لزيارة العديد من الدول بما فيها إيطاليا، وفرنسا، وإنجلترا، وبعض البلدان العربية. وبعد انتهاء الرحلة الأوربية، واصل الأمير سعود رحلته إلى العالم العربي عبر الإسكندرية متوجهاً إلى القدس، وشرق الأردن وذلك في عام 1354هـ الموافق 1935. وكان يرافقه في هذه الرحلة وفد يضم فؤاد حمزة والدكتور مدحت شيخ الأرض. أما رحلته إلى الأردن فقد كانت في إطار رغبة والده المعلنة في توطيد العلاقات مع الهاشميين كما عبر عنها الملك عبد العزيز بعد حادث الاعتداء عليه في مكة. وكان استقباله في فلسطين استقبالاً حافلاً حيث صلى في المسجد الأقصى، والمسجد الإبراهيمي في الخليل. ويعتبر أول أمير سعودي يذهب إلى القدس، وقد رافقه في هذه الزيارة فهد ابن كريديس وصالح العلي، وخير الدين الزركلي إضافة إلى فؤاد حمزة، ومجموعة من المسؤولين في الحجاز. وتذكر المصادر البريطانية السرية أن رحلته إلى أوروبا تكللت بالنجاح الكبير بفضل أخلاقه الحميدة وشخصيته. وقد ذكرت أيضاً قي تقرير آخر لها أن دوره في الأردن اتسم بالمثالية وحققت هدفين: أولهما تحسين العلاقات مع البيت الهاشمي، وثانيهما توضيح دور المملكة في مساعدة عرب فلسطين في محنتهم. وفي وقت لاحق وقعت المملكة العربية السعودية في 1354هـ الموافق 2 نيسان 1936، معاهدة أخوة عربية وتحالف مع العراق التي فتحت مجالاً لتقوية العلاقات الدبلوماسية وإنشاء علاقات عسكرية كما شجعت على انضمام دول عربية أخرى إليها. وفي عام 1355هـ الموافق 1936، ولتعزيز هذا التفاهم وترجمته إلى واقع عملي ملموس، قام الأمير سعود بدعوة من الملك غازي بزيارة للعراق رحب فيها العاهل العراقي بالأمير سعود ترحيباً حاراً، وحققت هذه الزيارة نتائج إيجابية في توطيد العلاقات العامة بين البلدين. ثم وقّعت المملكة العربية السعودية معاهدة أخرى مع مصر اعترفت من خلالها مصر رسمياً بالمملكة العربية السعودية، وعلى أثرها بدأت الحكومة السعودية ابتعاث طلابها وطياريها إلى مصر للدراسة والتدريب. وقام الأمير سعود أيضا بزيارة البحرين في 13 شوال 1356هـ الموافق 15 كانون الأول 1937، بهدف تحسين العلاقات المتوترة بينها وبين قطر بسبب مسائل الحدود. وفي عام 1355هـ الموافق 1937، أوفد الملك عبد العزيز الأمير سعود إلى بريطانيا لتمثيله في الاحتفالات الخاصة بتتويج الملك جورج السادس في عام1937موقد استغل وجوده هناك لاستعراض العديد من القضايا الثنائية والعربية، ثم زار في السنة ذاتها العراق وسوريا ولبنان والأردن، وتلتها زيارة خاصة أخرى إلى بريطانيا في جمادي الثانية 1357هـ الموافق آب 1938، مع أخيه الأمير محمد ومكثا لمدة شهر وقد ذكرت بعض التعليقات على هذه الزيارة أنه كان لها أهداف سياسية أيضاً.
تولى الحكم بعد وفاة والده الملك عبد العزيز آل سعود في الطائف 2 ربيع الأول 1373 هـ الموافق 9 نوفمبر 1953 ، وبويع ملكًا في 4 ربيع الأول 1373 هـ الموافق 11 نوفمبر 1953، وأعلن أخاه فيصل بن عبد العزيز آل سعود ولياً للعهد.
عانى في سنوات حكمه الأخيرة من أمراض متعددة منها آلام بالمفاصل وارتفاع ضغط الدم وكان ذلك يستدعي منه الذهاب إلى الخارج للعلاج، وبسبب الأمراض واشتدادها عليه فإن ذلك جعله لا يقوى على القيام بأعمال الحكم، كما بدأت في ذلك الوقت الخلافات تظهر بينه وبين ولي عهده الأمير فيصل والتي تطورت واتسعت، وبسبب ذلك دعى الأمير محمد أكبر أبناء الملك عبد العزيز بعده وبعد الأمير فيصل إلى اجتماع للعلماء والأمراء عقد في 29 مارس 1964، وأصدر العلماء فتوى تنص على أن يبقى هو ملكًا على أن يقوم الأمير فيصل بتصريف جميع أمور المملكة الداخلية والخارجية بوجود الملك في البلاد أو غيابه عنها، وبعد صدور الفتوى أصدر أبناء الملك عبد العزيز وكبار أمراء آل سعود قرارًا موقعًا يؤيدون فيه فتوى العلماء وطالبوا فيه الأمير فيصل بكونه وليًا للعهد ورئيسًا لمجلس للوزراء بالإسراع في تنفيذ الفتوى. وفي اليوم التالي اجتمع مجلس الوزراء برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير خالد بن عبد العزيز واتخذوا قرارًا بنقل سلطاته الملكية إلى الأمير فيصل وذلك استنادًا إلى الفتوى وقرار الأمراء، وبذلك أصبح الأمير فيصل بن عبد العزيز نائبًا عن الملك في حاله غيابه أو حضوره. وبعد صدور هذا القرار توسع الخلاف بينه وبين أخيه الأمير فيصل، كما ازداد عليه المرض، ولكل تلك الأسباب اتفق أهل الحل والعقد من أبناء الأسرة المالكة أن الحل الوحيد لهذه المسائل هو خلعه من الحكم وتنصيب الأمير فيصل ملكًا، وأرسلوا قرارهم إلى علماء الدين لأخذ وجهة نظرهم من الناحية الشرعية، فاجتمع العلماء لبحث هذا الأمر، وقرروا تشكيل وفد لمقابلته لإقناعه بالتنازل عن الحكم وأبلغوه أن قرارهم قد اتخذ وأنهم سيوقعون على قرار خلعه عن الحكم وأن من الأصلح له أن يتنازل، إلا أنه رفض ذلك.
وفي 26 جمادى الآخرة 1384 هـ الموافق 1 نوفمبر 1964 اجتمع علماء الدين والقضاة، وأعلن مفتي المملكة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ خلع الملك سعود عن الحكم ليخلفه الأمير فيصل ملكًا. وفي يوم 27 جمادى الآخرة 1384 هـ الموافق 2 نوفمبر 1964 بويع الأمير فيصل ملكًا.
وقد اعترف رسميًا بخلعه من الحكم في 3 يناير 1965 وذلك عندما أرسل كتاب مبايعة للملك فيصل بايعه فيه بالحكم.
وفاته
غادر الملك سعود البلاد للعلاج في اليونان سنة 1385هـ الموافق 1965م؛ وتوفي يوم السبت 6 ذي الحجة 1388هـ الموافق 23 فبراير 1969م في أثينا عن عمر ناهز 67 سنة، ونقل جثمانه إلى مكة المكرمة حيث صلي عليه في المسجد الحرام ودفن بعدها في مقبرة العود في الرياض. ويروي السيد مكي عشماوي بأن التلفزيون والراديو السعودي أعلن عن وفاته وقطع برامجه المعتادة وعرض آيات من الذكر الحكيم، وأن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود وإخوته الباقين حضروا للصلاة عليه كما حضروا مراسم الدفن.!!
Discussion about this post