في مثل هذا اليوم10 نوفمبر745م..
ميلاد الإمام موسى الكاظم، سابع أئمة الشيعة الاثنا عشر.
موسى الكاظم بن جعفر (7 صفر 128هـ-25 رجب 183هـ) أحد أعلام المسلمين، والإمام السابع عند الشيعة الإثنا عشرية، والده جعفر بن محمد الصادق أحد فقهاء الإسلام، قضى جزءاً من حياته في السجن، وعاصر فترة حساسة من تاريخ المسلمين. كنيته أبو إبراهيم وأبو الحسن، ومن ألقابه عند الشيعة: الكاظم والعبد الصالح وباب الحوائج وسيد بغداد، وقد سُمي بالكاظم لشدة ما كظم من الغيظ وصبر على ظلم الظالمين له.
ان عمُر موسى بن جعفر 55 عاماً، قضى منها 20 عاماً في حياة والده جعفر الصادق و35 بعد وفاته. وقد عاش تلك الفترة في زمن أبيه وارتاد مدرسته العلمية الكبرى التي أنشأها في الكوفة، والتي خرّجت الآلاف من العلماء والفلاسفة والفقهاء والمحدثين، حتى قال الحسن الوشّاء عند مروره بمسجد الكوفة:«أدركت في هذا المسجد 900 شيخ كلهم يقول: “حدثني جعفر بن محمد”»، وأما منزل أبيه الصادق فكان أيضاً مدرسة علمية يرتادها كبار العلماء والفقهاء، قال محمد صادق نشأت:«كان بيت جعفر الصادق كالجامعة يزدان على الدوام بالعلماءالكبار في الحديث والتفسير والحكمة والكلام، فكان يحضر مجلس درسه في أغلب الأوقات ألفان، وفي بعض الأحيان أربعة آلاف من العلماء المشهورين . وقد ألّف تلاميذه من جميع الأحاديث والدروس التي كانوا يتلقّونها في مجلسه مجموعة من الكتب تعدّ بمثابة دائرة علميّة للمذهب الشيعي أو الجعفري.» وتربى الكاظم في هذا الجوّ العلمي المشحون بالمناظرات والنقاشات.
وكانت الفترة التي عاشها في أواخر حياة والده الصادق وبعد وفاته هي فترة علمية حساسة جداً في تاريخ المسلمين حيث سيطرت فيها الفلسفة اليونانية على الفكر العام، وكثرت فيها الاتجاهات الفكرية وتنوّعت، وامتد ذلك إلى صلب العقيدة والدين، فمن حركات تدعو إلى الإلحاد ومن حركات فلسفية تشكك في بعض العقائد الدينية، فكان على الكاظم أن يتحمل مسؤوليته من الناحية العلمية.فواصل منهج أبيه الصادق في رئاسة المدرسة التي أسسها هو وأبوه الباقر. وكانت مدرسته في داره في المدينة وفي المسجد كما كان آباؤه، فحضرها كثير من أعلام المسلمين، وتخرج من هذه المدرسة نخبة من الفقهاء ورواة الحديث، قدّر عددهم بـ (319) عالماً وفقيهاً.
استلم الحكم بعد وفاة الهادي أحد اقوى الخلفاء العباسيين هارون الرشيد الذي لم يختلف كثيرا عن ابائه في الحرص على التضييق على الشيعة وعلى راسهم موسى الكاظم. حيث يرى الشيعة ان الائمة الاثنا عشر هم الخلفاء الحقيقيين وان لا شرعية لاي حاكم في وجودهم. وقد لعب الوشاة دورا هاما في تاجيج الوضع حيث دخل علي بن إسماعيل على هارون الرشيد وقال: «ما ظنت ان في الأرض خليفتين حتى رايت عمي موسى بن جعفر يُسلم عليه بالخلافة» وزاد على ذلك فابلغ الخليفة بان الاموال تُحمل اليه من المشرق والمغرب وبان له بيوتاً من المال.
ولم يكن لهارون الرشيد ان يتهاون مع مايمكن ان يهدد كرسيه وحكم آل عباس فامر باعتقال موسى الكاظم، فاعتقل وهو يصلي في المسجد النبوي وكان اعتقاله في 20 من شوال 179هـ. وكانت السلطات حريصة على عدم وقوع اضطرابات فارسلت موكبان وهميان احدهما للبصرة والاخر للكوفة ليوهموا الناس عن مسير موسى الكاظم ووجهة اعتقاله، وأمر هارون الرشيد بتسيير موسى الكاظم ليلا وبشكل سري إلى البصرة.
أودع الكاظم في سجن البصرة تحت اشراف رئيس سجنها عيسى بن أبي جعفر، ويبدو ان شخصية الكاظم الكارزمية قد اثرت على عيسى ومن معه بالسجن، فكان لهذا اثر في قدرة العلماء الوصول اليه بشكل سري ورواية الحديث عنه. وقد تكون السلطات في بغداد وجلت من انباء تاثير الكاظم على من حوله فطلب الخليفة من عيسى بن أبي جعفر ان يغتال الكاظم، فرد عيسى برسالة يقول فيها بانه اختبر الكاظم ولم يجد منه سوءا ويطلب اعفاءه من تنفيذ هذه المهمة. فامر الرشيد بحمل الكاظم إلى بغداد بعد ان قضى عاماً بحبس البصرة.
لما وصل الكاظم إلى بغداد لم يحبس في السجن مع عامة الناس وانما حبس في بيت الفضل بن الربيع وقد يكون السبب من ذلك الخشية من تاثير الكاظم على الناس. وبعد فترة غير معروفة امر الرشيد باطلاق سراح الكاظم وتقول المصادر ان اطلاق السراح هذا كان بسبب رؤيا راها الرشيد في منامه. لكن الكاظم لم يُغادر بغداد ويذهب العديد من المؤرخين بانه كان تحت الإقامة الجبرية فيها. وخلال هذه الفترة كان يلتقي بصورة متواصلة مع الرشيد ويخوضون المناقشات الدينية.
أعاد هارون الرشيد اعتقال الكاظم مرة أخرى وحبس عند الفضل بن الربيع مجدداً، لكن الفضل عمد إلى الترفيه عن الكاظم وعدم اذيته. كما اوعز هارون الرشيد إلى الفضل باغتيال الكاظم الا ان الفضل امتنع وماطل في ذلك. وقد وصلت اخبار الترفيه الذي فيه الكاظم إلى هارون الرشيد الذي كان في الرقة آنذاك. فامر بمعاقبة الفضل وإرسال الكاظم إلى السندي بن شاهك. وبالفعل تم اعتقال الفضل وتجريده وجلده مائه سوط أمام الناس حتى كاد يفقد عقله.
نُقل الكاظم إلى سجن السندي بن شاهك حسب أوامر الرشيد، وقد جهد السندي في ارهاق الكاظم والتنكيل به والتضييق عليه بكل الوسائل ابتغاء لمرضاة الخليفة. وذهب مؤرخون شيعة إلى ان الكاظم قد سجن في بيت السندي. وعلى الرغم من التضييق في السجن فان الكاظم استطاع استمالة خادم السندي وغيره الذين كانوا يساعدون الكاظم على الاتصال بالعلماء واجابة مسائلهم الدينية. ولم يدم هذا الوضع طويلاً حتى توفي الكاظم في سجنه وكان ذلك عام 183هـ، ويذهب رواة شيعة إلى أن الكاظم لم يمت حتف انفه وانما جرى تسميمه والمشهور عند الشيعة أن هارون الرشيد عمد إلى وضع السم في الرطب وامر السندي ان يجبر الكاظم على اكله.!!
Discussion about this post