في مثل هذا اليوم 26 نوفمبر 2003م..
الكونكورد تحلق برحلتها الأخيرة في مدينة برستل.
طائرة كونكورد مشروع بريطاني فرنسي مشترك في مجال الملاحة الجوية التجارية. حلقت الطائرة أكثر من ربع قرن بسرعة ساوت وفاقت أحيانا ضعف سرعة الصوت، وتوقفت عن الخدمة عام 2003 بسبب ارتفاع تكاليفها وتراجع الطلب عليها.
تعني كلمة “كونكورد” التناغم أو الاتحاد، في إشارة إلى التعاون القائم بين فرنسا وبريطانيا.
قطعت طائرة الكونكورد -التي كانت رمزا للثراء والفخامة- رحلات عابرة للمحيطات، حيث إن هدفها الرئيسي كان اختصار الرحلات التي تستغرق وقتا طويلا، فسافرت من مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن أو مطار شارل ديغول بالعاصمة الفرنسية باريس إلى مطاري جون كينيدي في نيويورك ومطار دالاس في واشنطن.
التاريخ
اقترح مهندسون فرنسيون فكرة الكونكورد عام 1957، ثم وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقا عام 1962 لتنفيذ المشروع. وأقلعت الكونكورد لأول مرة في مارس/آذار 1969، ثم دخلت الخدمة رسميا يوم 21 يناير/كانون الثاني 1976 بعد أعوام من عمليات التطوير من جانب الحكومتين الفرنسية والبريطانية.
وقد واجه المصممون العديد من المشكلات غير المتوقعة وخاصة تلك المتعلقة بمعدلات الضوضاء الناجمة عن الطائرة ومقدمتها المتدلية، مما جعلهم ينفقون أموالا ضخمة في تصميمها.
كما ظهرت خلافات بين البلدين الشريكين بشأن حرف “e”، حيث أصر الفرنسيون على وضعه في نهاية اسم الطائرة، بينما رفض البريطانيون إضافته. ونجح الفرنسيون في نهاية المطاف في ترجيح كفتهم في هذا الخلاف.
كان الفرنسي أندريه توركا أول طيار قاد طائرة الكونكورد وقد توفي في يناير/كانون الثاني 2016.
الخصائص
تميزت طائرة الكونكورد بسرعتها الفائقة، فقد حلقت أكثر من ربع قرن بسرعة ساوت وفاقت أحيانا سرعتها القصوى ضعف سرعة الصوت، أي ما يزيد عن 2200 كلم/ساعة، لتشكل بذلك طفرة في عالم الطيران وتميزا نوعيا يفسر تفرد خدماتها ونخبوية ركابها، علما بأن المقاتلات الحربية هي وحدها التي تستطيع أن تحقق هذه السرعة الفائقة لفترات قصيرة.
صممت الكونكورد بشكل عبقري بمقدمة متحركة تشبه الإبرة وبعدة مزايا تقنية ثورية. ولمقاومة الهواء، ابتكر المهندسون جناحا للطائرة بشكل مثلث مميز، يشبه أجنحة الطائرات الحربية في فترة الخمسينيات.
وتم دمج طيارين آليين معا في أنظمة توجيه الطائرة، التي تقوم بقياسات المسار الذي تتبعه الرحلة الجوية بعد الإقلاع. كما قدمت الطائرة نظاما آليا للحفاظ على توازنها، إضافة إلى إمكانيات الهبوط.
وقدم نموذج طائرة “كونكورد 001” إسهاما علميا خلال الكسوف الشمسي الكامل يوم 30 يونيو/حزيران 1973، فقد أقلعت من لاس بالماس بجزر الكناري وتابعت الكسوف بضعف سرعة الصوت لمدة 74 دقيقة، مما سمح لفريق مكون من سبعة علماء من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بإجراء ملاحظاتهم غير المسبوقة.
غير أن طائرة الكونكورد لم يكتمل حلمها في التحليق سريعا وعاليا لسنوات طويلة، فقد أوقف استخدامها يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2003 بعد تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية كانت متجهة إلى نيويورك بعد إقلاعها من مطار شارل ديغول يوم 25 يوليو/تموز من نفس العام.
فتلك الحادثة التي أسفرت عن موت جميع ركابها الـ109 سهلت على مشغلها ومنتجيها اتخاذ قرار نهائي بإيقافها عن الخدمة، لتصبح قطعة من التاريخ. وقطعت إحدى طائرات الكونكورد آخر رحلة لهذا الطراز من مدينة نيويورك إلى مدينة سياتل في ثلاث ساعات و55 دقيقة، لتستقر في متحف الطيران بالمدينة.
وأرجع السبب الأساسي لتوقيف طائرة الكونكورد من الخدمة إلى تصميمها، إذ كانت هناك معايير خاصة تتعلق بالشكل الخارجي للطائرة وحجمها حتى يصبح باستطاعتها اختراق حاجز الصوت.
وقد أدت هذه المعايير إلى عدم قدرة الطائرة على استيعاب أعداد الركاب التي تستطيع طائرات البوينغ الاعتيادية استضافتهم في الرحلات الجوية.
وقبل حادث باريس، ظهرت بعض العيوب في الكونكورد، ففي نهاية العام 2002 ظهر عيب في محرك الطائرة أجبر واحدة منها كانت متجهة إلى نيويورك على العودة إلى لندن، واضطرت أخرى إلى خفض سرعتها عندما ظهرت شروخ في إحدى نوافذها.
وفي يناير/كانون الثاني 2003 عادت طائرة من طراز كونكورد تابعة للخطوط الجوية الفرنسية إلى مطار شارل ديغول أثناء رحلة لها من باريس إلى نيويورك، عندما عجزت مقدمة الطائرة عن الانتقال إلى وضع تجاوز حاجز الصوت.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2002 سقط جزء من دفة طائرة كونكورد تابعة للخطوط الجوية البريطانية أثناء رحلة بين لندن ونيويورك.!!
Discussion about this post