قلمي يعبر لِما تجيش به أنفاسي
ناديا يوسف تحاور الأديب ماجد علي
وتبقى الكلمات و العبارات أو ما يطلق عليها بنات الفكر هي الأجمل في حياة الإنسان فكيف بالشعراء الأكثر إحساساً وصدقاً بالمشاعرلأنها تعبر عما يجول في أنفسهم وأنفس الآخرين وبقدر ما تكون نابعة من القلب تصل الرسالة المرجوّة منها و لكن قلة منهم من يحسنالتعبير عن شاعريته ويمتلك لغة الثقافة والإبداع
هو القائل :
دع الأرواح تنسج ما تراه
لها شأنٌ تعالى في سناه
تعانق باشتياق حين نصبو
ونحن القانتين بما نراه
رغم دراسته العلمية وعمله في المجال التدريسي والإداري وسفره للتدريس في البلاد العربية لم يشكلوا عائق إمامه ليتابع شغفه وعشقهللأدب بل على العكس كانوا هم الدافع يمنعوه من منابعة موهبته وشغفه الأبدي الادب هو الشاعر و المربي الفاضل ماجد علي ابن مدينةالدريكيش القابعة على كتف الساحل السوري في محافظة طرطوس والذي كان لنا معه هذا الحوار ليتحدث فيه عن تجربته الادبية
_متى بـدأت تـكتـب الشعر وماهي أول قصيـدة لـك ..؟
بدأت الكتابة الخاصة نثرا من المرحة الثانوية حتى وفاة والدي عام ٢٠٠٨ بحادث سير، ولكبر الفاجعة وفي حفل تأبينه كتبت قصيدة، وخوفامن الأخطاء عرضتها للشاعر الكبير كامل سليمان، حينها وبعد اتمام قراءتها اعاد طويها ووضعها أمامه وفوقها نظارته، وقال: انت شاعر.
وكانت القصيدة:
… ندى الأبوه …
بحمد الله أبدأ بالمقال
وأجزل بالصلاة لخير آل
وسأل خالقاً أزلاً قديماً
يداوي مهجتي ويريح بالي
فيوم السّبت يومٌ ليس ينسى
به حطّ الوبال على الوبال
و عمّ الحزن في مدنٍ ودورٍ
وشاع الموت يعصف بالوصال
بأنّ الحبّ قد أمسى قتيلًا
وحيداً في العراء على الجبال
وأنّ البين ألقى كل ثقلٍ
فغاب ندى الأبوّة عن ظلالي
و أثلجت التقية كلّ حدبٍٍ
سحائب قد هطلن على محال
بإيمانٍ وتسليمٍ بحكمٍ
لرحمنٍ كريمٍ ذي الجلال
سليمان الخطيب وذاك فخرٌ
لأنساب الخلائق و المعالي
إلى أن أقول:
بكيت وفي البكاء عليك فخرٌ
فمثلك فوق ما تزن اللآلي
سألثم تبرك الممزوج عطراً
وأمرغ جبهتي و العطر غالي
وأنشد شعرك المكنون دهراً
فحبّك مهجتي و لسان حالي.
سأضيف للإجابة بأن الشاعر سليمان كامل ألزمني احضار كتاباتي التي أنكرت وجودها، وقال: عوض انت تهدي والدك قصيدة تهديهديواناً، وأوصلني إلى دار النشر لطباعة ديواني بعنوان ( مهد وطين ) وأهديه لروح والدي الحبيب.
_هل يجد الشاعر صعوبة في كتابة أولى أبيات القصيدة أم ختام القصيدة وإيجاد القافلة المناسبة لها ؟
حقيقة بداية القصيدة هي الأكثر صعوبة، وخاصة حين نتعمد ان يكون للقصيدة مقدمة تحمل طابع الشمول، أو الحكمة، اما ختامها فعامةأسهل، مع انها أحيانا تحتاج إلى قفلة مناسبة.
_ هل كل ما تكتبه من الواقع أو من مكنونات خيالك ؟؟؟ و ما تأثير الأنثى في حياتك الشعرية؟
اما ما أكتبه عامة إن كان للأنثى، أو ما أبوح به من مشاعر، وإرهاصات، وصراعات متنوعة، فهو من ما أعيشه تماما، وأشعر به، وماكتاباتي إلا ارتدادٌ لما يكتنفني من مشاعر وأحاسيس أعيشها، ولم أجنح يوماً لأتقمّص أي دور أو مشاعر مفتعلة، ولا أدري إن كان بإمكانيذلك.
هل يحتاج الشاعر إلى التنوع في قصائده ؟ وكيف تأتي الكلمة في توظيف الفكرة التي تريد ايصالها ؟
الحقيقة قيل لي أمرار عدة بأن مفرداتي صعبة ونحتاج إلى العودة للمعاجم للبحث عن معاني بعض المفردات، وهذا يؤخذ علي، وأنا ما كنتأتعمد ذلك، وبعدها حاولت أن تكون مفرداتي أبسط، ومع ذلك أجدني أغوص مستخدماً مفردات تأتي من غيب، تلزمني تنصيبها دون ارادةمني رغم محاولتي الهروب منها، أو استبدالها أحياناً.
وأنا هنا لم أكن أتعمد الشريحة التي ستصلها كتاباتي، ولم أفكر يوماً بذلك، وأكثر ما يعنيني هو الصدق في العبارة، وسلامتها، وأن تنصبفي ذلك العمق الذي أرميه.
اما التنوع فهذا يتعلق بتنوع الأحداث التي تحدث من حولي، وانفعالي بما يعيشه وطني من أحداث، وما يتحمله مواطنوه من نكبات.
وما كان لي أن أنوع بقصد التنوع، بل تبعاً لما تجيش به أنفاسي عبر قلمي.
_هل شاركت بمهرجانات وما رأيك بالمشاركة فيها ؟
نعم في مرحلة سابقة شاركت بالعديد من المهرجانات، ولن أرخص لنفسي تقييم تلك المهرجانات، ولكن يمكنني أن أقول انه في أحان عدةكنت أعود غير راض وغير مبتهج.
_ ما رأيك بظاهرة شهادات التقدير التي تمنح للادباء من منابر وملتقيات عربية وعالمية
أما بالنسبة لظاهرة شهادات التقدير التي تمنح للأدباء والكتّاب على حد سواء، فلا أنكر أنها تسعدني في أحيان كثيرة، رغم أني أراها وهيتمنح جزافًا، ودون أسس حقيقية واضحة المعالم والمعايير، وأعتقد أنها تشكل دافعاً وحافزاً للكتّاب، ومشجع حقيقي لهم للكتابة، وبذلك فهيتحمل الكثير من الإيجابية عند ذلك.
أمّا أن يؤخذ بالاعتبار سوية النص، من حيث اللغة والبلاغة والموسيقا وصوره البيانية، فهذا لم نلحظ له تأكيداً، بل نجد ان هناك نصوصاًتحمل مفردات رخيصة ومبتذلة، و تحظى بالتقدير وشهادات الشكر والسناء.
_ الشباب هم الاكثر تأثراً وتأثيراً في الفنون والأدب وكعامل مع هذه الشريحة بصفة مدرس او مدير كيف تصف لنا هذه المرحلة وماذاأضافت على تجربتك الأدبية ؟
بالنسبة لمهنتي كمدرس وخاصة لمادة الرياضيات، فكنت وما زلت فخورا بها، فالحب المتبادل بيني وبين طلبتي كان عظيماً وكان يمدّني بكثيرمن الطاقة و دفعني إلى مزيد من العطاء، وأعطاهم طاقة واندفاع إلى العمل والإجتهاد، وأفخر أن هذا ساهم بتغيير واقع الكثير من الطلبة،في حب المادة بشكل خاص والدراسة بشكل عام.
وجاءت عقب ذلك مهمة الإدارة، التي فتحت أمامي أفق كبيرا، وأعطتني الفرصة للتعامل مع عدد أكبر من الطلبة ومبادلتهم الحبوالإحترام، والأخذ بيد عدد أكبر من الطلبة، من بناء الشخصية السليمة وزراعة الثقة بالنفس، و شحز الهمم للجد والإجتهاد والخلق السليم،فكنّا عائلة مكونة من ألف وثلاثة مئة فرد، نتعاون ونعمل بكل هدوء وسلام وجمال وحب.
وهذا فتح آفاق كبيرة في عالمي على كافة الصعد، ومنها الشعري، حتى كنت أتشارك وأفراد هذه الأسرة العظيمة بإحياء اليوم العالمي للغةالعربية، بإقامة مهرجانات أدبية ومعارض فنية، واغنائهم للإذاعة الصباحية، وحتى خلال الفسح اليومية، وتشجيعهم على كتابة الشعر،والنصوص الأدبية على اختلافها كل الحب لتلك الهامات التي تعاظمت ونمت من أطباء ومهندسين ومدرسين وعاملين على اختلاف مواقعهمفي هذا الوطن الحبيب،ممن يراسلني عبر وسائل التواصل، او الذين أصادفهم في مسيرة حياتي، ويقابلونني بتلك الابتسامة التي مازالتتروي فؤادي، وبريق تلك العيون التي مازال ينير آفاقي، لأعود وأعيد لهم عبارتي: ( أحبّكم ) وأسأل الله أن يعيد الأمن والسلام والخير لهذاالوطن الحبيب، فتنعمون به ويزهو بكم. كما لا بد من توجيه رسالة حب واحترام لهذا المنبر الاعلامي المتميز لما يقدمه من رسالة إعلامية منخلال تسليط الضوء على أصحاب المواهب والابداع في كل المجالات
وفي الختام لابد من شكر شاعرنا الكبير على هذا الحوار ونختم بالأبيات الشعرية التي يقول فيها :
هنا غنّى الجمال لخامتاه
و شاد وفي السّماء لقمرتاه
فهلّل للسلام بكل ردحٍ
فما أثنت سقاه لمن سقاه
Discussion about this post