في مِتعةِ أن تستمتِعَ باللاّ شيْء وأنتَ إلى شُبّاكِكَ في دَوْر الأعْمى
يوسف رزوقة
الآن، من نومي صحوت
ولن أعود إليه
أشرب قهوتي
ومعي سأسهر هكذا
حتّى الصّباح ولا صباح
تفكّر الأشياء، من حيث اشتهيت، نيابة عنّي
فلا رأسي تفكّر في غد يأتي ولا يأتي
ولا البشريّة الحمقاء قادرة على جعلي أفكّر فيها
أو أصدّق أنّها بشريّة أصلا
هنا، الأشياء سيّدة
تفكّر وهي في حكم الجماد
تقول لي: كم أنت أحمق
تكتب الشّعر، الرّواية والـ…
وتحلم، تحلم
اصح، تقول لي
واكتب وصيّتك الأخيرة أيّها الــ…
ها إنّني صاح، أقول لها
أحملق في الفراغ
وليس لي من مؤنس
إلاّك
والكلب الّذي ما انفكّ ينبح في الجوار
مؤلّفاتي؟
لا أراها الآن في صفّي
كأنّي لم أكن..
وبنات أفكاري الحسان
سخرن من أدبي: كفى!
وهجرنني متضاحكات
الآن، من نومي، صحوت..
الكلب ينبح في الجوار
وكلّ أشيائي هنا نامت
ولم أنهض أنا لأنام
ها إنّي أراقب وضع هذا العالم الموبوء
أسأله: وماذا بعد؟
أسأله ولكن لا حياة
صباح الغموض
صباح الّدّماء تسيح على أرضنا بأوامر فوقيّة، فاشهدي يا سماء
صباح القصيدة تقصف مبنى العروض
صباح الأغاني الّتي يتردّد، في كلّ أرض، صداها
صباح الوضوح وقد بات من ناطحات الضّباب
صباح الغد الممكن المستحيل
صباح الخراب الجميل
لماذا، بربّك، تبكي؟
كأنّك ضيّعت خلفك شيئا ثمينا
كأنّك لم تر حولك ناسا جميلين أو وطنا عبقريّا، حنونا
كأنّك أصبحت مرثيّة في مهبّ اللّغات
كأنّك حشرة كافكا
كأنّك ما عدت ذاك الّذي كان..
أو لكأنّك آخر
قل لي
لماذا، بربّك، تبكي؟
اللّغة الّتي شبعت مجازا واستعارات
تفشّى غازها ريحا
فبُعْثِرَ كلّ معنى
وانتهى المضمون تابوتا
وتلك حكاية أخرى
تُقْصِي الأَعْدَاءَ ؟ | إِذَنْ، مَعَ مَنْ تَعْدُو؟ | أَتُسَابِقُ ظِلَّكَ؟ | هَلْ يَكْفِي؟ | أَيْنَ التَّشْوِيقُ إِذَنْ؟ | لاَ تَسْمَعُنِي؟ | وَتُخَيِّرُ إِقْصَائِي؟ | اِفْعَلْهَا، الآنَ وَلَيْسَ غَدًا | هَلْ يَنْصُرُكَ التَّارِيخُ عَلَى أَعْدَائِكَ؟ | لاَ أَدْرِي
يا صديقي
ما مدى صدقك في ما تدّعي؟
كنت معي قبل قليل
ومعا كنّا نقود الحلم من قرنيه
نحو الضّفّة الأخرى من النّهر
ورأسا تلو رأس..
نكسر الأصنام، كنّا
وأراك الآن
في واجهة البازار، للبيع
فما أبخس سعر الرّوح
في هذا الزّمان!
أنا لا أريد…
وإن كان غيري يريد..
– سعادته أو تعاسته –
فليرد ما يريد
فقط لي رجاء وحيد:
اتركوني بمنأى..سعيدا
وأبيض كالياسمين
أداري اشتعالي وقلبي جليد
ولا تسألوني، إذا جئت في موجة، ما الجديد؟
فلا علم لي بالجديد ولا بالقديم
ولا علم لي بانتمائي إلى أحد..
ثم لا علم لي بانتمائي
إلى أية امرأة بعد أمي
ستحبل بي في فيافي المجاز
لتسألني ما أريد
أنا – وبمحض اشتهائي –
تخذت قرارا
فأبعدت نفسي
وإني، وإن لحت في أي “زوم” قريبا، بعيد
ولي أن أفكر:
ماذا أريد؟
أنا لا أريد، هنا الآن، شيئا
وإن كان غيري يريد رئاسة .. حتى البلاد
أو البرلمان
له ما يريد
أنا خارج الطقس، أرأس نفسي
ولي حين أكتب
جيش من النمل، صعب المراس
ولكنني حين يدهمني، في النهاية، رعد شديد
أرى في سفينة نوح نجاتي
وبي من بدائل دنياي ما أشتهي
و.. أريد
وَ / أوْ
أنا أجْري
بكل شماتةٍ، متلفِّتا، أجْري
أنا، من حيث لا أدري
وَ/أوْ
أدري
رأيتُ الوحش في حلمي
مخالبه على صدري
وفي ظهري مخالبه
ومن هلَعي
فزَزْتُ بلا أصابع لي
فلا غدَ لي
وهذا الوحش في بيتي
ولا يدَ لي
وقد صارت يداي فَمًا
يلولب صرخة مونشية عظمى
وها هو في اتجاه غامض يجري
وها هو لعنةً تجري
وراء زرافة تجري
وراء قصيدة تجري
وها أني، كسائر من صحَوْا، أجري
وما يجري، هنا والآن، لا يجري
و/أو
يجري بغير سياسة يجري
أنا أجري
ولكن لا علاقة لي بما يجري
وإن جرت الرياح لواقح..
الأشياء في أنبائها الحسنى
ونُون النسْغ في الألفاظ والأشجار والحجرِ
ولست أنا من البشرِ
فتخشاني الوحوش
أنا ابنُ إحساسي بمرْحلتي
ومرحلتي أنا لمْ تأتِ بعدُ
أنا، كسائر من صحوا، أجري
ولكن لا علاقة لي بما يجري
هنا والآن، في ترشيشَ
أو في بقعة أخرى
Discussion about this post