* بعضنا لا يستحق أن يعيش مرتين
………………………
نص تجريبي ل / محمد البنا
…………………………………
سألته باهتمام
– أريد أن أسمعها منك مرة أخرى
– أحبك..أحبك..أحبك
أطرقت رأسها وصمتت هنيهة ظنها دهرا
– لم أعد أحس بها منك
أصابه وجوم سبقته دهشة، سألها
– ما الذي تغير بين أمس واليوم؟..كنا..كنا..
أشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى، تتأمل الفراغ الممتد إلى اللاشيء، همهمت
– الكثير الكثير..تغير الكثير
نظر إليها يتمعن ملامحها مستغربًا كلماتها، صافحها صوته المتهدج
– أنا لم أتغير!
أجابته دون أن يكمل جملته
– أنا التي تغيرت..ألا تفهم ؟..أنا أحب رجلًا آخر
صفعتها حروفٌ تناثرت من بين شفتيه المشتعلتين غضبا
– وأنا ! ..أكنت تتلهين بي سنينًا مضت..أجيبي
هو انتظر إجابة، وأنا اتخذت قراري ألا تجيبه أبدا، حاول معي كثيرًا أن أضع كلماتٍ على لسانها، وحاولت أنا أن أقنعه أن يتركها ويمضي؛ ليحفظ بعضًا من ماء وجهه الذي أراقته أمام عينيه بدمٍ بارد، بينما كانت هى تراقبنا في صمت، قرأت في عينيها الغائبتين عن مسرح الحدث، أن بخلدها شيءٌ آخر تعتزم المضي إليه دون الرجوع إلي، ولكنها آثرت الانتظار، لترى ما سيؤول إليه نقاشنا، وسؤالي لكم يا قرائي الأعزاء..هل لكم أن تخمنوا من منا سيقنع الآخر؟..وهل قرأتم ما خبأته نفسها عني، ذلك الذي باحت به لي عيناها؟
– سمعتك يا صديقي سمعتك، ولكن هل يشاطرك الآخرون نفس الرأي؟..أترى همهماتهم؟ لا أنا ولا أنت نسمعها، ولكن يمكنك من تتبع انفعالات ملامحهم أن تلحظ أنّ بعضهم يوافقك، بينما يعارضك البعض الآخر..
يا الله!.. انظروا لقد فاجأنا جميعا، وبادرها بسؤالٍ دون..دون أن يعيرني أي أهمية، دون أن يعبأ بوجودي، بل وبقدرتي على محوه تمامًا من سطور قصتي..أقلتُ قصتي؟.. بلى قلتُ وسمعتموها كلكم، كانت حروفها نقية واضحة ودامعة أيضا
– ضعي نفسك مكاني للحظة..
قاطعته وقد التفتت إليه بكامل جسدها البلوري
– ماذا تقصد؟
– لو جئت أنا إليك وأخبرتك أنني لم أعد أحبك، وأن أنثى أخرى استحوذت على كل مشاعري..ماذا ستفعلين ؟
أجابته دون تردد
– سأحبك أكثر
سألتها نظرته المندهشة والمستغربة في آن، استطردت
– لن أدعك لتهنأ بك غيري وتمتلكك..أنت لي أنا، أنا فقط..أتفهم ؟
– إذن هى غريزة امتلاك، لم يكن ما بيننا حبًا..امتلاك..كان هدفك امتلاكي ..امتلاكي فقط
– سمّيه ما شئت، لا تعنينني المسميات في شيء
وفي غفلة مني – هو ظن ذلك- أمسك بيد معولي، وضربها على أم رأسها، ليشج التاج نصفين، قبل أن تتناثر بلوراتها وتسّاقط هاويةً إلى أرضية الغرفة دون دماء.
محمد البنا…القاهرة في ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٢
نص على طريقة موليير المسرحية
——————————————-
نمط مسرحي شخوصه / رجل /امرأة
-رجل عاشق / امرأة مغرورة لعوب
-السارد/ الراوي في المسرح
-الحضور / لهم دور في النقاش والتصاعد الحدثي/
السارد ( الملقن) لم يستطع التنبؤ برد فعل البطل ( الرجل) / غرور المرأة
مايميز هذا المسرح هو اشتراك الجمهور في الأحداث بآراءهم
( سمعتك ياصديقي…….)
لنفاجئ في النهاية أن المرأة ماهي إلا منحوتة ( جسدها البلوري)
الرجل هو الفنان ( النحات) الذي أبدع هذا التحفة ، وبعد أن التمس غرورها حطمها من تاجها لتتحطم ب ( معوله)
(ضربها على أم رأسها ليشج التاج نصفين قبل أن تتناثر بلوراتها وتساقط هاوية إلى أرضية الغرفة دون دماء)
إذن كانت ملكة متوجة على عرش ممتلكاته / رغبت بآخر ربما معرض أو فنان آخر ففضل تحطيمها أمام ذهول الحضور
وكأنها جلسة نقاش مسرحي أو بروفاة لتحضير الأحداث
أوربما فصل من رواية قيد التحضير يشترك بصنع نهايتها وأحداثها القراء لكن دون أن يتنبهو لفطنة وسرعة البطل الذي أنهى الأحداث على غير مايتوقعون …
الثنائيات:
ثنائية ( المرأة / المنحوتة)
(الرجل/ الفنان)
(السارد / الراوي)
(الجمهور / الحضور)
الدلالات من النص:
————————
منحوتة كريستالية / ” قرأت في عينيها الغائبتين عن مسرح الحدث أن يخلدها شيء آخر تعتزم المضي إليه دون الرجوع إلي ، …..”
طريقة السرد المسرحية / بملقن أو سارد/
أعطت جمالية فاضت على الحدث وصبغته بصبغة انفعالية سريعة بإيقاع مسرحي حركي خاطف للأبصار ومؤثر حتى على الحضور ….
ينتهي النص بدهشة دون التفاتة مع حبس الأنفاس المتسارعة وكأنه مشهد النهاية وبعده سيسدل الستار قبل أن يترك مجالا للحضور لإبداء دهشتهم التي سيحتفظون بها طويلا …
العنوان وعلاقته بالعلاقة الجدلية بين ( الرجل والمرأة)
إسقاطاته ( نحات ومنحوتة ) أو ( كاتب وإبداعه)
( بعضنا لايستحق أن يعيش مرتين ) / الإسقاط /الغرور الذي يعقب النجاح إما بالوصول للقمة أو لقلب المحب أو لدرجة الكمال الفني عند المنحوتة…..
نص رائع جدا وقد كتبت قصة سابقا بنفس الموضوع ( غيرة) لكن أنسنة التمثال هو وجه الاختلاف
Discussion about this post