[مدينة المجانين .].
إنه ميكائيل يمسك بيمينه شعاع البرق ويضربه بحقد وغضب لينتشر منه زئير يفقد أعصاب تلك الغيمه التي أسدلت أجفانها وأغمضت عيونها على حلم مزعج
تلك الغيمه عقصت شعرها وأصبغت شفاهها ولبست روب شفاف يظهر نهدين متوثبين وحلمتين يقظتين لشفاه برق خفيف الظل قبل أن تغلس في فراش الانتظار ..
لكن ..؟
ميكائيل عندما قبضت يده على سماعة الهاتف كان المتصل هو الله مدير الكون يعلم خائنة الأعين وعقوق الخلائق فأمر ميكائيل بأن هناك مدينة تمردت أكثر من تلك الخطوط الحمراء التي رسمتها لها فعليك بها وعاقبها بأجمل ما خلقت لها ..
وهل هناك سوى العقل الذي يسير كونا إسمه انسان
لم يتمالك أعصابه سيدنا ميكائيل فضرب بكل جنون وغضب الكون الذي أعشى عيونه للحظات شعاع البرق
كانت تلك الغيمه اللتي تسبح فوق تلك المدينه ومراسلة ببريد رباني إليها ..تلك الغيمه التي جهزت فراشها ليطؤها برق وسيم لطيف يداعب شحمة أذنها ويمين عنقها بقبلات تجعل الغيمة التي لا قلب ثملى وتزرع شبق التي لا يحركه مفاتن الكون متوثبا وهائجا إلا أنه ؟
فاقت من نومها مضطربه قلبها وصل لقدميها لهول الضربه وكأنها سكرى بدون نبيذ وما هي بسكرى ولكن عذاب ميكائيل الممتد بسلك خفي مع الله شديد فطار عقلها وأصفر لون وجهها وبدأت تشد بشعر رأسها لهول الضربه وأضحت مجنونه وتحول الماء الذي ببطنها إلى سم الجنون وكل من تبتله تلك الماء ستصيبه تلك الرعشه وتفقده عقله ..
تمخضت الغيمه وأصبح معها نزيف شديد وهطلت بجنين أحشائها قبل ميعاد الولاده ولم يك هناك جزع نخلة تهزها ليتساقط عليها رطب يهدء من خوفها ويسقط جنين معجزه ليقول لها السلام عليك يوم ولدت ويوم سقطت من احشاؤك ويوم أن ألامس ارواح تلك المدينة التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رغدها ففسقت وتبرمت وجحدت بنعم الله ..
هطلت تلك المياه من بطن الغيمه الممزوجه بمادة الجنون فوق مدينة الاوباش .. نزلت بقوة تحت سياط البرق الذي لم يهدء للحظه .
كان جل أهل المدينه خارج منازلهم ولم يتوقعوا أن تهطل الأمطار في حر الصيف .. فتبلل جل أهل المدينة .
جل الرؤس تراها قد انفلقت وطار منها عصفور صغير بحجم طائر ابو الحن ..إنه العقل
جيش من العقول حلق فوق سماء المدينه يهرب من تلك الأجساد التي بدت خاوية ممن كان يثبتها ويعقلها ويسيرها حسب قوانين مدينة الاوباش وتحسب الف حساب قبل التفوه والنطق بأي كلمه فمخابرات وأمن حاكم المدينه لا ترحم والمخبرون مزروعون في كل ركن وزاويه وبدء حالة من هيجان الأجساد التي جن أصحابها .
العقول توارت عن الأنظار ودخلت مدينة النسيان بينما أصحابها بدى كل واحد منها يعمل ما تحلو له نفسه وما كان يخبؤه في درج وصندوق الخوف من المخابرات وسياطها ومعتقلاتها ..فكل يدلو بدلوه .
عامل التنظيفات كان قبل لحظات من تبلله بتلك الماء المجنونه وبيده مكنسة كبيره مطئطئ الرأس خانع لا يرى إلا القمامة وينظفها حتى بأسنانه لحظة عبور معلمه بسيارته كي يأمل الثناء فقط وعند هطول مطر الجنون إمتشق عصاه وبدء ينهر بالناس التي أضحت مجنونه وبدء الصراخ ..فاليسقط الحاكم
الكل ردد وراؤه حتى معلمه بدء يصرخ …
الشرطة جنت .. القاضي جن . . كل الرعية جنت .. عم الخراب ..جل شبابيك المدينة وأسلاك الكهرباء ودوائر الحكومه خلعوها ..يريدون إسقاط الحاكم ..
كسروا الابواب فتكوا ببعضهم البعض ونال رقاب بعضهم من رقاب بعض ..وبدؤا يضربون بعضهم البعض .. كسروا أغصان الشجر .. نصبوا الحواجز لبعضهم البعض ومزقوا ثياب بعضهم البعض ..هتكوا ستر وعرض بعضهم البعض ..والكل يريد إسقاط الحاكم ..
تطايرت ربطات العنق للبهاوات وتحولوا جنودا وشكلوا فصائل تحت أمرة كشاش الحمام ابو النجم وابو صطيف وأبو بحلق …والكل يضرب رقاب بعضهم البعض ..ويريدون إسقاط الحاكم..
من كل اهل المدينه لم يبلله ماء الغيمة المجنونه خمسة أنفار ..
الحاكم والمستشار الأمني يومها كانوا في اجتماع مغلق والخادم والطباخ والحارس الشخصي ..
وقف الحاكم فوق شرفته ينظر إلى الجمع الهائج متوجس وخائف .
كانت امرأة الحاكم وبعض نسوة الوزراء عاريات يقفزون ويصفقون قد أصابهم بلل السماء ..
الكل يريد اسقاط الحاكم ..
نظر الحاكم بخوف وقلق إلى مستشاره
هز برأسه المستشار وهمس بأنه ..إذا دخلت مدينة عوران وعميان فأعور عينك واقلعها فأنت بالنسبة له أعمى واعور ..وإذا جن القوم فلا فنحن بنظرهم مجانين ..لا عليك
أخذ وعاء ونزل الشارع وملئ الوعاء من بطن جورة ماء من ماء الجنون وسقى الحاكم ومن معه وشرب هو ..
لم تمض لحظات إلا وأتاه المدد من الشرق والغرب لإنقاذ عرشه شرط أن يتحكموا برقاب جوف المدينه ويطوقوها بسلاسل بعد أن شحطوا جل المتمردين خارج المدينة في أصقاع الأرض بحيث لن يجتمع مجنون مع اخر تحت لحاف قرية واحده .
من مجموعة
..وطن مثقوب ..تحت التنقيح
بقلم
طارق حامدي
Discussion about this post