أدوار معكوسة…
===========
بقلم الكاتبة ريم محمد سورية
ركّز عينيه على السّاعة الرمليّة فوق الطّاولة في آخر الغرفة وكتب…
” ماذا لو كنتُ ذلك الرّمل ، أنساب بكل هدوء ، افترش النّصف السّفليّ وعندما أبدأ بالاعتياد على وضعي الجديد ، تأتي يدٌ قادرة تقلب الساّعة ليُعاد بعثي من جديد ”
لكن …لا ..لا …
” ماذا لو علقتُ في المنتصف الضيق وكنت تلك الذرّة التي أوقفت الزمن لحيظات ، عندها ربما قد أكونُ على قمّة جبلٍ عالٍ جداً ، لايصله أحد غيري ، يضاف اسمي إلى قائمة المتصوفين ، أتأمل في الملكوت راضياً ، أهيم حباً بدائرة الكون وتنظيمه ، أمارس الصوفية بكل اقتدار ، أطلق لحيتي البيضاء ، وربما يتفتق لي أجنحة بيضاء، وابتسامتي رّاضية …”
” أو ربّما قد ألبس بدلة رائد فضاء محكمة الإغلاق ، آخذ حصّتي من الأوكسجين الأرضيّ ، أدخلُ مسباراً فضائياً لأزور عوالم لم يرها أحدٌ قبلي…
ربما قد أتوه هناك ، وأبقى عالقاً بين المجرّات في سديم جميل وابتسامتي راضية…”
” أو لمَ لا أرتدي بدلةً أخرى أخفّ وأكثر انسيابية – بدلة غطس- لأغوص في عمق المحيطات ، أدخل إلى أعماق لم يدخلها أحد قبلي، أفتحُ عينيّ على اتساعهما لألقي التحية على سرب أسماكٍ نادر ذهبيّ ، وأهدهد بيديّ بعض الأعشاب البحريّة التي لم يرها أحد قبلي…”
”
ماذا لو كنت …ك…
دلف الطبيب محدثاً صريراً مزعجا في الباب..
– ماهذا ياسعيد ، تبدو هادئا جدا هذا الصباح ؟
ماذا تكتب اليوم؟
بحركةٍ انعكاسية سريعة ، خبأ ورقته وأخفى قلمه خلف ظهره..
– حان موعد الحقنة، اقترب من سريره بثبات ، ناوله ذراعه باستسلام كامل، حَقنهُ متمنياً له أحلاما سعيدة …
قبل أن يغمض عينيه بهدوء ، ازداد صوت الصخب في الغرفة المجاورة ، صراخ وضجيج، ضمّ ورقتهُ وحلّق …
بحركةٍ سريعة قلب الطبيب السّاعة الرّملية ، أخفى الورقة في جيبه ، وضع ورقة بيضاء بجانب السرير ، ابتسم مهمهما
-أعتقد أن هذه المصحة هى المكان الأنسب للعباقرة!!
تمت
ريم
Discussion about this post