مختارات ..
=-=-=-=-=
الإحباط ..
د.علي أحمد جديد
الإحباط هو شعور إنساني بالحيلولة دُونَ تحقيقِ المرءِ رغبةً مِن رغَباتِه ، سواء أكان لهذه الرغبة ما يبررها أم لا . ويصاحب ذلك ضربٌ من حسرةٍ وخيبةٍ كبيرة في تحقيق الأمل .
وترافق الإحباط مجموعة من المشاعر المؤلمة التي تنتج عن وجود عائق يحول دون إشباع حاجة من الحاجات أو معالجة مشكلة من المشكلات لدى الفرد .
وقد يلعب الإحباط دوراً مهماً في تحقيق الصحة النفسية أو التحول بها إلى حالات من المرض النفسي ؛ وهو يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على التوافق الشخصي .
وكلما كانت قوة الفرد أعظم شخصيته متماسكة كان أمتن وأصلب ويستطيع تحمل الإحباط ويثابر في تجاوز عوائقه ومشاعره للانطلاق في الحياة محققاً أهدافه وسعيداً بساعاته ولحظاته .
ويعتبر الشعور بالإحباط شيئاً طبيعياً في حياة كل إنسان بعد الخروج من تجربة صعبة ومؤلمة ، لكن الكثيرين من الناس قد يعانون من إحباط دائم دون أن يعرفوا ذلك ، ومن بعض دلالات الإحباط .
الإحباط الإحساس بالضيق والتوتر والغضب والعجز والشعور بالدونية ، وينتج ذلك عن وجود عائق ما يحول دون إشباع حاجة عند الإنسان أو حل لبعض مشكلاته . ويعاني الكثيرون من الإحباط ، الأمر الذي يجعلهم عاجزين عن مواجهة مشاكلهم التي تدل على المعاناة من الإحباط ، و منها :
1) ـ الحزن الشديد :
وأول علامات الإحباط هي الشعور بالحزن الشديد ، أو إحساس الإنسان في غالب الأحيان أن لا شيء في حياته على ما يرام . وهذا النوع من الحزن لا ينفع معه عزاء ، لأن الإنسان المحبط يبقى منغلقاً على نفسه دائماً وغير قادر على استقبال أية أفكار إيجابية .
2) ـ تزاحم الأفكار السوداء :
والإنسان المحبط يستيقظ كل صباح وهو يتوقع حصول أشياء سيئة خلال يومه ولايتوقع أي شيء جيد في حياته .
3) ـ غياب الرغبة وتقلب المزاج :
يُعتبر غياب الرغبة في أي شيء علامة واضحة من علامات الإحباط . فالإنسان الذي لا يُعاني من الإحباط قد يحس بنوع من الضيق بسبب التعب في العمل ، لكنه يأمل دائماً بأحداث جديدة تنسيه هموم الحياة ، كالعطلة والخروج والحفلات . أما الإنسان المحبط فلا يرغب في أي شيء من ذلك ولا يرى أي حافز في حياته .
4) ـ الانتقاص من الذات : يدل فقدان الثقة بالنفس على الشعور الشديد بالإحباط . ويتجلى شعور الانتقاص من الذات في الإحساس الدائم بالفشل في الحياة العملية والأسرية . والإنسان المحبط يشعر أنه لا يستحق الحب والسعادة ولا حتى الحياة التي يعيشها .
5) ـ التعب :
عادة ما تصاحب الإحباط علامات جسدية ، كفقدان الشهية واضطرابات في النوم وآلام في الظهر والإحساس المزمن بالتعب .
ويقترح موقع “Doctissimo” زيارة الطبيب في حالة الشعور بعلامات الإحباط ، لتشخيص المرض وعلاجه واسترجاع لذة الاستمتاع بالحياة .
وقد يصاب الفرد الطبيعي بالكثير من لحظات الإحباط بسبب أمور معينة تحدث في الحياة فيسعى لسد احتياجاته حتى يصل إلى السعادة والحياة بشكل مريح ، لكن التكيف أو تحسين الصحة العقلية والتمتع بها أمر يصعب الوصول إليه دوماً وهذا يرجع إلى أن الشخص لا يمكنه الشعور بالأكتفاء بأية طريقة كانت .
فكل البشر يواجهون الكثير من المواقف سواء بالنقد ، أو بارتكاب الأخطاء ، أو التذمر ، أو التنمر وما إلى ذلك ، ويصبح من الصعب على الإنسان أن يعمل لرفع الشعور بالأمان والإحساس بالقيمة والأهمية ، لأن القيود المفروضة في المجتمع ، أو القوانين والقيم الأجتماعية ، تفاقم الشعور الإحباط عند ظهور بعض العقبات البسيطة في المجتمع ، وعلى سبيل المثال يشعر المعلم بالإحباط إذا لم يفهم الطلاب الدرس الذي قام بشرحه لهم على أكمل وجه .
وللإحباط صور وانواع مختلفة ، منها :
* الإحباط الشخصي :
وهذا النوع من الإحباط هو الأكثر أنتشاراً بسبب مشاكل الحياة الشخصية والعقبات ، وإن وجود المقربين ودعمهم يعتبر هو أكبر مساعدة للشخص المحبط ، ولذلك فإن لطبيعة الحياة الشخصية دور مهم جداً . فقد يظهر الإحباط في الحياة الشخصية نتيجة لارتفاع سقف التوقعات المختلفة ، ومن طبيعة الإنسان أن يتوقع من علاقاته أن تكون في صورة مثالية ومن هنا يبدأ الإحباط في الظهور على الأفق وهو ما يسمى الإحباط الشخصي .
* الإحباط المتضارب :
في العصر الحالي ، يتعرض الإنسان إلى دوائر صراع مع الأخرين ، كما هو بين العمال ومع الموظفين ومع الملاك ، وبين المواطنين وبين المغتربين .. وفي الوقت الحالي يعيش البشر تحت ضغوط معيشية ضخمة بسبب ظروف العمل أو في الحياة الشخصية مما يشكل الإحباط المتضارب المؤدي إلى السلبية ، وقد يصاب الأشخاص بالإحباط في أقل المواقف ، ولهذا ينصح بالبحث عن الإيجابية في كل شيء كي يتم تخطي هذا الإحباط بسلام .
* إحباط الضغط :
يجب دوماً التفرقة فيما بين الدافع وبين الضغط ، إذ أن سعي الإدارات حالياً لرفع إنتاجية عامليها ، يفرض التشجيع الإيجابي والحث السليم على إنتاج المزيد وهو ما يعطي للناس القدرة على تفهم إمكانيتهم ، ويزيد الإيجابية لديهم ، كما يقلل الدعم المسؤول من الضغط الذهني ، في الوقت الذي يسبب فيه الضغط السلبي الكثير من الأعباء وهو ما يؤدي إلى حدوث إحباط الضغط ، لأن الإحباط يظهر نتيجة للضغط من كلا الجانبين على حدٍّ سواء وإن إعطاء الكثير بدون وعي يضع الإنسان في مأزق عليه تخطيه فيغلب على الأمر توتر ضاغط ، يدفع الإنسان للشعور بالإحباط .
* الإحباط البيئي :
لا يمكن إنكار الدور الذي تقوم به البيئة في توليد الإحباط ، وحين يعيش الإنسان داخل بيئة صحية وسعيدة فإن هذا الوضع سيؤثر على أي إحباط قد يحدث له والعكس صحيح . وإذا كان الجو المحيط بائساً ومُتعِباً وفيه الكثير من عدم الرضى ومشاعر الكره والعداء فإن الإحباط سيأخذ جانباً كبيراً من الحياة ، ومن هنا يمكن أن نستوضح مدى تأثير البيئة القوي وأهميتها لأن البيئة الجيدة تعطي طاقة إيجابية ، في الوقت الذي تعطي البيئة السلبية السبب الرئيس للإحباط البيئي .
إن معرفة مشكلة الفرد ووعيها تدل إلى مصدر التوتر وتحديد سبب التوتر وهذا هو الأساس لحل أي مشكلة أو التخلص من شعور الإحباط ، لأن تحديد المشكلة سيحدد طرق حلها بطريقة سليمة وصحية . وقد يفيد وصف الحالة أو المشكلة بتوضيح سبب حدوثها فيستدل تفكير الشخص إلى طرق التخلص من أي تداعيات قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط .
أما الفرق بين الإحباط وبين اليأس ..
فإن الإحباط هو “الإبطال” .. أي الشعور بقلة الحيلة أو انعدامها وبخيبة الجهود والشعور بأن ما نقوم به غير مؤثراو فاشل أوباطل وكل ه يذهب هباء منثوراً ..
أما اليأس فهو “انقطاع الأمل” وفيه معنى التسليم بالفشل التام مهما بذلنا من المحاولات في المستقبل .
والنتيجة أنه مع الإحباط يكون الأمل بالمستقبل لإعادة المحاولة وتعديلها حتى الوصول للهدف المنشود . ولكن اليأس يعني أنه لاأمل لأن الجولة الآخيرة قد انتهت ولم يعد هناك مجال للبدء من جديد .
إن الإحباط حالة إنسانية عقلية .. أما اليأس فهو أمر غير عقلاني وقاتل لمسيرة الحياة لأن اليائس يؤمن مسبقاً بأنه سيفشل ويحكم على المستقبل بهذا الحسم حتى قبل أن يحاول ويختبر مايريد القيام به !!..
والمهم في الختام الوعي بأن لايتحول الشعور بالإحباط ، إلى يأس أبداً .
Discussion about this post