” عفواً إبليس ”
بقلم امل السودي من سورية
نعم
“إبليس ”
قد تبدو هذه الكلمة للوهلة الأولى مألوفة لنا ،
من منطلقها الديني” الشيطان ”
الذي عاث ويعيث في الأرض فساداً.
فهل حقاً هو من أفسد كل شيء؟!
نعم إنه “إبليس”
لكن ؛
بحلته الجديدة ، تلك الحلّة التي صنعناها نحن بإيدينا ولبسناها .
نعم إنّه ذلك العنصر الدخيل ، الذي لا يتعدى حجمه كفّ اليد ، الذي اخترق عالمنا وحياتنا ،
فقتل فينا البراءة والطفولة والأمومة والنسيج الاجتماعي والوطن ٠
انظروا إلى أطفالنا .
أين براءتهم وهواياتهم وميولهم ؟!
أين ملاعبهم ملاعب الطفولة ؟
أين تلك الأمومة المقدسة التي ترعاهم وتربيهم وتبني لهم شخصيتهم ؟!
انظروا إلى شبابنا _وأسفي عليهم – باتوا كالرهائن والسجناء .
قُتِل فيهم حب الطموح والإبداع ،وحب الاستكشاف .
أصبحوا رهائن لمراتع الإدمان والمخدرات ، والانحطاط الأخلاقي .
حتى العلاقات الزوجية لم تسلم من تلك اللعنة ، فباتت مسارح للخيانات والغدر .
فأصبح كل طرف يعيش عالمه الافتراضي، يسرح في مراتع الخيانة تحت مسمى الصداقة .
تلك الكلمة الأنيقة في شكلها .
أمّا فيما يخصّ العلاقات الاجتماعية بما تحمله من محبة ومودة ، أضحت باردة وجافة وجامدة لا طعم لها .
بمعنى أدق إنه” الجمود الاجتماعي ”
لا أدري !
أهو مرض ؟
استشرى وسرى في أجسادنا ،
وتسلل إلى نفوسنا،
ودخل إلى ضمائرنا
أم لعنة حلت بنا ، حتى أصبحنا مدمنين .
فبتنا نأخذ صور من المآسي الإنسانية ،
لمن يحترق أو يغرق أو يطلب العون ؛
دون أن تهتز ضمائرنا .
همنا الوحيد في هذا كله لفت الانتباه،
على حساب إنسانية هؤلاء الناس .
أمّا مشاعرهم فلتذهب إلى الجحيم .
حتى الموت لم يسلم ، فلا حرمة له ولا احترام .
والكثير الكثير …..
حدّث ولا حرج
عفواً إبليس ومعذرةً؛
ألقينا ورمينا أزماتنا ومشاكلنا كلها عليك ،
لا لشيء فقط لأنك “إبليس”.
Discussion about this post