في مثل هذا اليوم28 يناير1788م..
بريطانيا تنشئ أول مستعمرة مجرمين في «بوتاني باي» بأستراليا.
مثلت مهمة إنشاء مستعمرات على الأراضي الأسترالية عبئاً ثقيلاً على السلطات البريطانية، حيث افتقرت المنطقة لأدنى مقومات البنية التحتية بسبب نمط الحياة الذي تبنّاه السكان الأصليون، والذين فضّلوا التنقل والاعتماد على الصيد بدل إنشاء مجتمعات والتغذي على الأنشطة الفلاحية. كما تزامن كل ذلك مع المناخ السيئ للمنطقة حيث سجلت الحيوانات والحشرات السامة كالأفاعي والعناكب والعقارب انتشارها بشكل واسع. وكانت الموارد الطبيعية، والتي يمكن استغلالها عن طريق إرسالها نحو إنجلترا، شبه غائبة وبسبب كل هذه العوامل فشلت السلطات البريطانية في استقطاب مهاجرين للعيش بأستراليا.
وأمام عجزها في العثور على مهاجرين نحو أستراليا، اتجهت السلطات البريطانية نحو تفعيل برنامج ترحيل المجرمين نحو المستعمرات ليشمل بذلك هذه الأراضي الجديدة. فخلال العقود السابقة، لم يتردد البريطانيون في نفي العديد من المجرمين نحو مستعمراتهم بالقارة الأميركية. لكن مع بداية حرب الاستقلال الأميركية سنة 1775، تعطل هذا البرنامج قبل أن يعود مجدداً خلال السنوات التالية عقب تغيير الوجهة نحو أستراليا.
خلال سنة 1787، انطلقت من إنجلترا أول سفن محملة بالمجرمين نحو أستراليا، حيث غادرت ما يقارب 11 سفينة الموانئ البريطانية لتبلغ الأراضي الأسترالية في حدود شهر يناير سنة 1788 وعلى متنها مئات من المجرمين الذين لعبوا دوراً هاماً في إنشاء وتعمير مدينة سيدني.
وعمدت بريطانيا إلى تشديد إجراءات ترحيل المجرمين نحو أستراليا لتشمل أصحاب الجنح البسيطة، فعلى إثر خلاف بسيط أو شجار أو عملية سرقة لمبلغ مالي بسيط أو قطعة خبز، كان من الممكن أن يجد المواطن الإنجليزي نفسه في أستراليا. وفي حالة حاول المجرمون التمرد على متن السفينة التي تقلهم، لم تتردد بريطانيا في تشديد العقاب عن طريق تغيير وجهة السفينة نحو مناطق أخرى نائية مثل جزيرة نورفولك (Norfolk Island). وبالتزامن مع كل هذه الإجراءات، رفضت السلطات البريطانية ترحيل أصحاب الجرائم الكبرى كالقتل والاغتصاب نحو الأراضي الجديدة مفضلة مواصلة تطبيق عقوبة الإعدام عليهم.
ومنذ بداية عملية نقل المجرمين نحو الأراضي الجديدة سنة 1788 وإلى حدود زوال هذا الإجراء سنة 1868، رحّلت بريطانيا أكثر من 160 ألفاً من مجرميها نحو أستراليا، ليكونوا بذلك أول السكان البيض الأوروبيين لهذه المنطقة. وفي غضون ذلك، وعقب اكتشاف العديد من الموارد الطبيعية بها كالحديد والفحم والذهب، كسبت المستعمرات البريطانية بأستراليا مكانة مرموقة لتبدأ على إثر ذلك موجات الهجرة الإرادية نحو هذه المناطق وعلى حسب عدد من الإحصائيات هاجر ما بين عامي 1850 و1861 حوالي نصف مليون بريطاني بمحض إرادتهم نحو أستراليا.!!
Discussion about this post