جائزة النبلاء للآفاق المفتوحة
واصل سيره في خطه المسترسل نحو الأمام كالعادة ،توغل أكثر فأكثر، لاحظ شيئا ما ملقى على الرصيف شكله مغر،انحنى ليكتشفه .
آه! التقط الشريحة ، قلبها يمنة و يسرة، لا خدوش بها إذا دسها خفية في جيبه بعد تفكير و تأمل .
راوده الشك و بعض الهواجس فراح يسأل نفسه :
– ما الذي تحمله قطعة صغيرة كهذه، و لمن تكون يا ترى؟!
خطر بباله أن تكون لطالب جامعي أو باحث أكاديمي فالمكان غير بعيد عن الكلية.
للموضوع أهمية تفوق مجرد التخمين، ربما يتوقف عليها مستقبل أحدهم. سأبحث عن حل فأنا متفرغ طوال يومي..
ولكنه تراجع عن البحث و طرد الفكرة من ذهنه،ثم عاوده التخمين. استرجع يوم كان قاصدا الوزارة منذ عقود وقد ضاع منه ملف يحمل كل وثائقه ففوت على نفسه فرصة عمل راق في الخارج ولولا فاعل الخير ما كان الآن مسؤولا مرموقا محالا على شرف المهنة .
لاحظ بعض المارة اضطرابه و حديثه مطولا لنفسه، استوقفه جاره سائلا ” هل من مشكل يا حضرة المدير؟! ”
_ لا بأس ما دمت تسألني، سأطلب منك معروفا، دلني على أقرب مركز اتصالات عمومي من فضلك ..
_ الأمر ليس ببعيد، در إلى اليمين دورتين و نهاية المطاف در إلى الشمال قبالة المحطة الأخيرة تجد ظالتك.
انطلق البحث حيث وصف له الطريق بكل انتباه، ها قد ولج المركز يخامره ألف هاجس و هاجس، . لم يكن الأمر بسيطا
في البداية حاول الحفاظ على توازنه، بيد أن الفضول دفعه أكثر فأكثر وفجر فيه حب المغامرة و الاكتشاف وهو المتقاعد الذي هجر المكتب و الملفات الساخنة حديثا.
وضع الشريحة بالجهاز المناسب وراح يقرأ، أسماء وأرقام و معادلات رياضية و فيزيائية و صور و خطاطات، تعمق أكثر و استدعى ذكاءه المخبوء ، لم يصدق ما فهمه، سر يمكن أن ينقذ البشرية من كل الدمارو الأورام و الخور ،إنه الترياق لكل السموم و راح يخمن، في ذهول و استطراد… يعني إن أخذنا نسبة من بقايا جثث الألف سنة الماضية و أضفناها إلى بعض من رواسب بعض رفاة المائة سنة الماضية و أضفنا إليها مصلا من دماء معمري الكرة الأرضية ثم وضعنا المكونات في جينة معينة بالمخابر الحديثة أمكننا إعادة معدل أعمار البشر إلى ألف سنة، سيكون ذلك متاحا وتعود عجلة الزمن إلى سيرها البطيء، ماذا لو أعددت فريقا كبيرا للعمل على هذا الإنجاز و طلبت مساعدة كبار العلماء بالعالم العربي للبحث و التدارس ألم تهاجر كل الأدمغة و العباقرة لخدمة الغرب حان وقت عودتها ، امتد به الخيال إلى الأفق البعيد تراءى له نجم ساطع يفوز بأكبر جائزة عالمية في مجال الفيزياء الكونية جائزة النبلاء للبحوث الخارقة، شاهد نفسه متوجا يصفق له العالم العربي و الغربي و قد انحنى له كل طغاة العالم مستجدين قطرة من فيض اختراعه من عبوة سر البقاء…
لو لم يداهمه صاحب المحل لكان يركل الطغاة و يدهسهم تحت نعاله كصرصار حقير.
خبأ الشريحة بجيبه ولكن في غفلة منه ثبت كل المعلومات بذاك الجهاز ثم نشرها إلى كل العالم. ثم أغلق جهاز التشغيل و غادر المحل مزهوا بنفسه رافعا رأسه عاليا حتى أوقفته دورية شرطة قد دوى نعيبها فأفزع العالم. لا أعرف إلى أين؟
لا أحد منذ ذلك اليوم سمع عن تلك الجائزة خبرا رغم انتفاء هاجس الزمن لديهم.
سيدة بن جازية تونس
Discussion about this post