مابعد الزلزال ..
د.علي أحمد جديد
نتساءل في البداية عن كيفية قراءة النظام العربي (الرسمي) عناوين الصحافة العالمية وهي تتناول بالتحليل العميق ظاهرة التمرّد الشعبي العربي على “قانون قيصر” وعلى كل ملحقاته بصلابة عالية الانتماء .. أواهتمام تلك الأنظمة بمطالبة مجلس حقوق الإنسان في جينف أن يُثبِتَ شيئاً من صدقية الالتزام بمواثيق (هيئةالأمم المتحدة) التي وقعت جُلُّ مؤسساتها في مستنقع التسييس العلني الفاجر لكارثة الزلزال المدمر في سوريا !!… حيث فضحت المشاهد التعامل التسييسي بين أنقرة وبين دمشق طبقاً لذهنية ما يسمى (المجتمع الدولي) المتمرس بالصوت وبالصورة على الكيل بمكيالين وباحترافية عالية ، وأسلوب تعاطيه مع هذه الكارثة المأسوية وسواها من القضايا الكبرى …
ولا مدى منسوب استجابة الأنظمة العربية للضمير الشعبي العربي .
إن أربعين عاماً من قوانين (معاقبة سورية) بشعبها وجيشها ورئيسها قد سقطت عشية هذا الدمار بواحدة من أعظم تجليات الوحدة العربية المضيئة في وجدان الشعوب لتكشف للعالم كله وللنخب الدينية والثقافية والسياسية ، بخاصة ، أن المكان الصحيح لوحدتنا الكبرى لايقبع في أروقة (جامعة الدول العربية) ، بل في نبض القلوب المقاومة لجميع أشكال التبعية والارتهان لوحوش الاستعمارين القديم والجديد .. وكشفت مدى الحاجة الماسة إلى تأسيس منظومة (جامعة الشعب العربي) وليس الدول ، بدءاً من دمشق ومن التفسير السوري
لمصطلح الأمن القومي العربي ومفهوماته ، مع ملاحظة أن سوريا الوفية للذاكرة العربية لم تشأ الانخراط في أفخاخ التسويات المذلة والمهينة ، وذلك ما يشهد به
تاريخ القائد الخالد والمؤسس حافظ الأسد ، وبدلالة يوميات مدرسة الثبات والصمود للرئيس الدكتور بشار الأسد ، الذي غدر به الأقربون
– وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً –
وحاصره المعتدون على تراب سورية ، وفي مدنها وقراها لا طمعاً بنفطها وثرواتها ومناجمها الطبيعية وحسب بل لتدمير مناجمها الإنسانية وردم آخر آبار الحرّية والكرامة التي احتفظت بهما دمشق
واستعصت على مشاريع الاحتلال ومؤامراته المتنقلة بين فتن التقسيم لتنتقل إلى فتن التجويع !!..
لكن سوري وبكل عنفوان “الإثم الكنعاني” اجترحت قيادتها منفردة ومتسلحة بسورها الواقي الذي هو الجيش العربي السوري وبشعبها الأصيل في صموده وثباته معجزات الانتصار في جميع حروبها التي مازالت تخوضها في الدفاع عن حقوق الإنسان العربي حتى تحوّلت من عاصمة (سورية) إلى عاصمةٍ لأحرار العالم وفِي
مقدمتهم أحرار فلسطين ، لنشهد قريباً كيف سيكتب التاريخ أن سوريا المنتصرة جعلت من انتصارها مثالاً ونموذجاً لصلابة وثبات التضامن بين قيادة لاتنكسر وجيش لايهزم وبين شعب لاتزلزله النائبات مهما جار عليه الزمن ..
وسيكتب التاريخ مثبِتاً أن أبواب المستقبل العربي وأبواب الحرية والكرامة لا تُفتَح إلا بمفاتيح دمشق السورية بكل ماتحمله من إثمها الكنعاني ومن الأصالة والحضارة ومن إرادة الحياة ، وهي تلك الحياة التي لا مكان فيها للضعف ولا للجهل أوللذل والهوان .
Discussion about this post