فى مثل هذا اليوم 14 فبراير 1944م..
– ثورة في جاوة على اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية.
احتلت الإمبراطورية اليابانية الهند الشرقية الهولندية، المعروفة الآن بإندونيسيا، خلال فترة الحرب العالمية الثانية من مارس 1942 وحتى بعد نهاية الحرب في سبتمبر 1945، كانت تلك الفترة واحدة من أكثر الفترات أهمية في التاريخ الإندونيسي، حيث كانت الهند الشرقية الهولندية عبارة عن مستعمرة هولندية في السابق منذ عام 1819. بالرغم من أن هولندا ذاتها كانت مُحتلة من قِبل ألمانيا في عام 1940، وبالتالي لم يكن لديها القدرة الكافية للدفاع عن مستعمراتها ضد الجيش الامبراطوري الياباني، وبأقل من ثلاثة أشهر بعد الهجوم الأول على جزيرة بورنيو، حيث اجتاحت البحرية اليابانية والجيش الياباني كلًا من القوات الهولندية والقوات المتحالفة معها. في بادئ الأمر كان الوجود الياباني مُرحبًا به من قِبل معظم الإندونيسيين باعتبارهم محررين من الاستعمار الهولندي. لكن مع ذلك تغيّر شعور السعادة هذا عندما أدرك الإندونيسيون بأنه من المتوقّع أن يتحمّلوا مصاعب وتكلفة المجهود الحربي الياباني. وفي الفترة بين عام 1944و1945، تخطّت قوات الحلفاء إندونيسيا إلى حد بعيد ولم تقاتل في طريقها للمدن ذات الكثافة السكانية العالية مثل جاوة وسومطرة. وبالتالي كانت معظم إندونيسيا ماتزال تحت قبضة الاحتلال الياباني حين استسلامها في أغسطس 1945.
كان الاحتلال بمثابة التحدّي الأول والجاد بالنسبة للهولنديين في إندونيسيا، حيث أنهى الحكم الاستعماري الهولندي، ومع انتهائه، كانت التغييرات عديدة جدًا واستثنائيّة، بحيث كانت نقطة تحوّل لاحقة وهي الثورة الوطنية الإندونيسية، والتي كانت ممكنة في الوقت الذي لم يكن لها أن تولد قبل ثلاث سنوات فقط. وعلى عكس الهولنديين، فقد سهّل اليابانيون إضفاء الطابع السياسي على الإندونيسيين وصولًا لمستوى القرية. قام اليابانيون بتعليم وتدريب العديد من الشباب الإندونيسي وتسليحهم وأعطوا صوتهم لقادتهم الوطنيين بخاصة في جاوة، وبشكل أقل في سومطرة. وهكذا، خلق الاحتلال الياباني الظروف الملائمة لإعلان الاستقلال الإندونيسي وذلك عبر تدمير نظام الاحتلال الهولندي، وتسهيل النزعة القومية الإندونيسية، خلال عشرة أيام من استسلام اليابان في المحيط الهادئ. سعت هولندا بالرغم من ذلك لاستعادة جزر الهند، تبِع ذلك صراع دبلوماسي وعسكري واجتماعي دام خمس سنوات، مما أدى إلى اعتراف هولندا بالسياسة الإندونيسية في شهر ديسمبر من عام 1949.
كانت إندونيسيا مستعمرة من قِبل هولندا، وذلك حتى عام 1942، كانت تعرف باسم الهند الشرقية الهولندية. وفي عام 1929 أثناء الصحوة الوطنية الإندونيسية، توقّع الزعماء الوطنيون الإندونيسيون «سوكارنو» و«محمد حتّا» -الرئيس المؤسس اللاحق ونائب الرئيس-حربًا في المحيط الهادئ وأن التقدم الياباني الحاصل في إندونيسيا قد يصب في مصلحتهم ويكون مفيدًا لقضية الاستقلال.
علنت الحكومة الهولندية في المنفى الحرب على اليابان في الثامن من ديسمبر عام 1941، لتتشكّل على إثرها القيادة الأمريكية البريطانية الهولندية الأسترالية (إيه بي دي إيه سي أو إم) تحت قيادة الجنرال «أرتشيبالد وافال» وذلك لربط وتنسيق قوات الحلفاء في جنوب شرق آسيا. ذهب كبار مسؤولي الحكومة الهولندية إلى المنفى في الأسابيع التي سبقت الغزو؛ نقلوا فيها السجناء السياسيين، العائلة والموظفين الشخصيين إلى أستراليا. كانت الصراعات قائمة بين الجماعات الإندونيسية المتنافسة حتى قبل وصول القوات اليابانية، حيث قُتل على أثرها الناس، اختفى بعضهم أو توارى عن الأنظار. تعرضت حينها الممتلكات الصينية والهولندية للسَلب والتدمير.
بدأ الغزو في أوائل عام 1942، كان سريعًا وكاملًا، حيث وقعت أجزاء من «سولاويزي» و«كاليمانتان» بحلول شهر يناير 1942 تحت سيطرة القوات اليابانية، بحلول شهر فبراير 1942 هبط اليابانيون وتمركزوا في سومطرة حيث كانوا قد حرّضوا «الأتشيهيون» -مجموعة عِرقية تعيش في آتشيه أقصى شمال سومطرة- على التمرد ضد الهولنديين. في التاسع عشر من فبراير بعد أن استولى اليابانيون على جزيرة «أمبون»، هبطت فرقة العمل اليابانية الشرقية في «تيمور»، مُسقطة وحدة مظليّة خاصة إلى تيمور الغربية بالقرب من «كوبانغ»، وهبطت في منطقة «ديلي» في الجزء البرتغالي من تيمور لطرد قوات التحالف التي غزت في ديسمبر. كان أخر جهد للتحالف في 27فبراير لاحتواء التقدم الياباني وتم تحييده جانبًا نتيجة لهزيمتهم في معركة بحر جاوة. هبطت القوات اليابانية في أربعة أماكن على طول الساحل الشمالي ل جاوة دون أي عوائق تُذكر. حيث انها شهدت أعنف قتال في كل من أمبون، تيمور، كاليمانتان وبحر جاوة، أما في الأماكن التي لم يكن فيها تواجد للقوات الهولندية، فلم يحصل فيها قتال. استسلم القائد الهولندي في التاسع من مارس 1942 مع الحاكم العام «جونكير إيه.دبليو.إل».
استُقبل الاحتلال الياباني في بادئ الأمر بالترحيب والحماس والتفاؤل من الإندونيسيين الذين جاؤوا للقاء الجيش الياباني مُلوّحين بالأعلام ويهتفون بالجُمل المؤيّدة مثل (اليابان شقيقنا الأكبر)، ومع التقدّم الياباني قام الإندونيسيون المتمردون في كل جزء من الجزر الهندية تقريبًا بقتل مجموعات الأوروبيين (وبخاصة الهولنديين) وأبلغوا اليابانيين بشكل موثوق عن مكان تواجد مجموعات أكبر. أفاد الكاتب الإندونيسي الشهير برامويديا أنانتا توير: «مع وصول اليابانيين، كان الجميع متحمّسًا مفعمًا بالأمل، باستثناء أولئك الذين عملوا تحت إمرة الهولنديين».!!
Discussion about this post