أسألك يا بغداد
د. هالا شرارة
أسألك یا بغداد..
يا معشوقة❗
أما زال الشعراء عندكِ یتأبطون النوم في النهار، ویطردونه لیلا
لیطبخوا القصاٸد
بنکهةالسهر في شارع المتنبي؟
أما زال هواة الرسم
یحتالون علی القمر ليصدّق أنّه تعب من الوقوف؛
فیقفز لیسابق انعکاس ظلّه علی جسورك،
ثمّ يغيّرون لون وجهه بريشتهم العابثة؟
أما زالت عيناك قمرين غافيين بدلالٍ فوق السطوح ؟
وهل صحيح أنّهم مسحوا عن جبينك آثار النخيل؟
أسألك يا بغداد❗
أما زلتِ قبلة العلوم؟
إليها یحجّ الراغبون من كلّ صوب یتهافتون للالتحاق بجامعاتک؟
وكيف أحوال بناتكِ؟هل صرن یبتن في خيام اللاجٸين ؟
هل یُدَوّنَّ قصص الرّائدات العراقيات قبل ان ینسینَها؟
أسألك يا بغداد❗
هل عاد أبناء البغداديين”سوّاحا”
یتحدثون لغات لا تفهمينها ؟
ھل یسألون ال”بیبي” عن فلوس عراقیة للتسوق في دکاکین الحي؟
أما زال الطفل “المقطوع الأصابع”على باب المساجد جائع؟
هل صار أطفالك یرمون کتب المدرسة لیبیعوا وردك الذابل.. ولا مِن مشترٍ!
فیحملون أكفّهم صحنا یتسوّلون مؤونة أيّام مسروقة من طفولتهم؟؟
أسألك یا بغداد ❗
کیف حال دجلى…
أما زال دجلى؟ أم صار یشبه شیٸا غیر النهر؟
أما زال يعشق صبية تتثاءب قربه ليداعب وجهها
برذاذ العبّارات؟
هل أصلحوا العبّارات أو باعوكِ كلاما ليس عليه ضريبة؟
وأخبريني.. هل بقي النفط بئر شٶم یسبح فیه اللصوص؟
أسألك یا بغداد❗
هل زاد عمرُ الفرات ؟هل یقف مؤدَّبًا أو یعدو مشاغبًا؟
هل غيّرت الحراٸق لونه البارد؟
هل صار عجوزا؟ هل صار مملّا؟
هل فاض حزنًا؟ هل جفّ قهرًا؟
هل استدار علی عقبیه یتسوّل ماءً من الجيران لیغسل أجساد الموتی ؟
أسألك یا بغداد❗
کیف حال مقابرکِ ؟
هل هجرتها الأمّهات؟
هل تبخّرت دموعهنّ
هل لملمتم أكياس العظام؟
هل وجدتم الأسماء؟ وهل وزعتم العظام بالتساوي؟
أسألك یا بغداد❗
هل صار الجوع بطلاً لا یُهزَم؟
هل صار التمر ثمینا؟
هل صار الخبز ثمینا؟
هل صار الموت ثمينا؟
ماذا أقول للآخرین عنک یا بغداد ❗
ماذا أقول لکِ عنکِ ؟
أأقول أن أبناءك امتزجوا بالمقلع الثاني من(شبه)الحضارات؟
وأنتِ الجدّة
وانت المنهل
وانتِ الوارفة
وصاروا ینسبون أنفسهم لأماکن لا علاقة لها بکل ما بین نهريكِ
لا علاقة لها بإبتسامتك، ولا وجهک، ولا صوتک، ولا نکهتک
أسألك يا بغداد❗
هل أزعجتک تلويحة الوداع ۔فأعرضتِ عن تحيتنا؟
هل أنتِ غاضبة علینا ؟!
هل أنا أيضا غاضبة علينا؟
هل فقدت شجاعتك لذلك تتهربين من الإجابة؟
إذًا
لا تسألینی یا بغداد.. ❗
ماذا أری ۔۔۔
لست أرانا إلاّ تائهين تغترفنا عجلة الغربة الملوّثة..
أَضَعْنا الحدَّ الأدنى من الشوق،
وفي غربتنا فیکِ
لم یبق مکان للشوق
لا تسأليني فالدمع ساخن
نسكبهُ جمرًا
يحرق درب العودة!
د. هالا شرارة
Discussion about this post