في مثل هذا اليوم 18 فبراير1229م..
الإمبراطور الروماني فريدريك الثاني يوقع هدنة لمدة 10 سنوات مع الملك الكامل استعاد فيها القدس والناصرة وبيت لحم بدون قتال أو مساندة من البابا وذلك أثناء الحملة الصليبية السادسة.
مراليوم الذكرى الـ794على قيام الإمبراطور الرومانى فريدريك الثانى توقيع هدنة لمدة 10 سنوات مع الملك الكامل استعاد فيها القدس والناصرة وبيت لحم بدون قتال أومساندة من البابا وذلك أثناء الحملة الصليبية السادسة، وذلك فى 18 فبرايرعام 1229.
ووفقا لدراسة بعنوان “الحملة الصليبية السادسة (626ــ627هـ /1228 ــ1229م)، للدكتور د. مقاديم عبد الحميد، بجامعة وهران الجزائرية، فكان موقف الإمبراطور الألمانى فردريك الثانى 1215 ـــ 1250م مختلفا فقد أبدى استعدادا واضحا للاستفادة من هذه الروح السلمية البادية فى موقف السلطان الكامل الأيوبى ويرجع السبب فى ذلك إلى فردريك الثانى نفسه إذ لم يكن صليبيا مثل غيره من ملوك أوروبا الذين قادوا الحملات الصليبية، لقد كان هذا الإمبراطور الذي عرف باسم أعجوبة الدنيا صقليا تربى فى ظل مظاهر الحضارة العربية الاسلامية التي فرضت نفسها فى كل مكان من جزيرة صقلية التى نشأ فى أحضانها.
عندما وصل الإمبراطور فردريك إلى عكا بعث رسوله إلى الملك الكامل، وأمره أن يقول له: “الملك يقول لك: كان الجيد والمصلحة للمسلمين أن يبذلوا كل شيء.. ولا أجيء إليهم والآن فقد كنتم بذلتم لنائبي – في زمن حصار دمياط – الساحل كله، وإطلاق الحقوق بالإسكندرية وما فعلناه وقد فعل الله لكم ما فعل من ظفركم، وإعادتها إليكم، ومن نائبي؟ إن هو إلا أقل غلماني، فلا أقل من إعطائي ما كنتم بذلتموه له وحار الملك الكامل في الموقف الذي يجب أن يتخذه من الإمبراطور لأنه هو الذي دعاه إلى الشام، وألح عليه في المجيء إليها ليناصره على أخيه المعظم، واعداً إياه بقسم من أملاك هذا الخصم، فلما وصل إليها لم يعد في حاجة إلى مساعدته لأن المعظم كان قد توفي، وغدت الأملاك الموعودة جزءاً من مملكته وأصبح من واجبه أن يدافع عنها، إن لم يكن بعامل الرغبة فى المحافظة عليها فبعامل الحفاظ على سمعته أمام جماهير المسلمين يصف ابن واصل الموقف فيقول: “تحير الملك الكامل، ولم يمكنه دفعه ولا محاربته، لما تقدم بينهما من الاتفاق”، ومن هنا أراد الكامل أن يطيل أمد المفاوضات بينه وبين فردريك.
وأدرك الإمبراطور أن موقف الملك الكامل أصبح على غير ما كان ينتظر، ولم يبق للإمبراطور فردريك الثاني أمام هذا الموقف الحرج سوى سلاح المفاوضة والاستعطاف واستخدام كافة وسائل الدبلوماسية للوصول إلى غرضه والعودة إلى الغرب الأوروبي مرفوع الرأس، فأرسل إلى الملك الكامل سفارة من رسولين تحمل له هدايا نفيسة من منسوجات حريرية وأواني ذهبية وفضية، مطالباً إياه بتحقيق وعده تسليم بيت المقدس، غير أن السلطان الكامل بادله بالرفض.
وإزاء تنكر الكامل لوعوده، ساء موقف فردريك الثاني لاسيما بعد أن جاءته الأخبار من الغرب بأن البابا استغل فرصة غيابه واعتدى على ممتلكاته، فأخذ يرجو الملك الكامل ويستعطفه، حتى قيل أنه كان يبكي في بعض مراحل المفاوضات وليس أدل على تذلل الإمبراطور من الكلام الذي جاء في رسائله إلى الملك الكامل: “أنا أخوك واحترام دين المسلمين احترامي لدين المسيح، وأنا وريث مملكة القدس، وقد جئت لأضع يدي عليها، ولا أروم أن أنازعك ملكك، فلنتجنب إراقة الدماء”، واستمر الإمبراطور في الاستعطاف، ولم تلبث الاستعطافات أن أتت أكلها وأفلحت في التأثير على الكامل.
وأثناء ذلك شرع فردريك الثاني في عمارة صيدا وقام بتحصين يافا، وكان ذلك بمثابة مظاهرة عسكرية، جعلت الملك الكامل يخشى قيام فردريك وبقية الجموع الصليبية بالشام بعمل حربي ضده، وهو الشعور الذي فسره المقريزي بقوله: “إن الكامل خاف من عائلته عجزاً عن مقاومته”. وكان الدخول في حرب ضد الإمبراطور والصليبيين عندئذ تعني بالنسبة للملك الكامل وقوعه بين ثلاثة أعداء هم: (الصليبيين، وابن أخيه الملك الناصر داود من ناحية، والخوارزمية التي استنجد بها الناصر داود من ناحية ثانية)، وفي ضوء هذه الحقائق كلها، وتحت تأثير رسول الملك الكامل في المفاوضات الأمير فخر الدين يوسف بن الشيخ، تنازل عن بيت المقدس.!!
Discussion about this post