في مثل هذا اليوم20 فبراير 1942م..
الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة يتولى حكم البحرين خلفًا لوالدة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة.
سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة (10 أكتوبر 1894 – 2 نوفمبر 1961)، الحاكم الحادي عشر للبحرين من 20 فبراير 1942 حتى 2 نوفمبر 1961.
ولادته وتربيته
ولد الشيخ سلمان بن حمد عام، 1895 م وتربى في رعاية والده، درس القرآن والدين ثم جلب له والده الشيخ حمد بن عيسى الأساتذة لمختلف العلوم فتعلم منهم ما يؤهله لأن يحكم بلاده من بعد والده.
تولّى الشيخ سلمان العهد في رعاية والده وبموافقة الأعيان والأهل والأقرباء من آل خليفة وكان ينوب عن والده في كثير من المناسبات الرسمي فقد كان والده يؤهله لمسئولياته الكبيرة القادمة.
حكمه
نودي به حاكما على البحرين إثر وفاة والده حمد عام 1942 م واحتفل في عيد جلوسه رسميا في 6 أبريل عام 1942
وقد عرف عنه ميله الكبير للعمل الجاد وولعه بإدخال عناصر الحضارة الغربية والاستفادة منها في سبل تطوير البلاد والمطالع للصحف التي صدرت في عهده. يشاهد أنه دأب طوال عهده على متابعة التقدم والعمران في العالم وتحويلها إلى البحرين حيث تشهد البحرين في عهده افتتاح المشاريع الكبيرة التي لا زال بعضها يشهد على الدقة والاهتمام التي روعيت في تأسيسها فكان يتابع المشاريع ويفتتحها بنفسه ويشرف ويدقق على كل كبيرة وصغيرة فيها. والمراقب لمدى التقدم والتطور الذي وصلت إليه البحرين في عهده يشعر بمدى وعي هذا الأمير الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وباشرها في نفسه كما كان يهتم بالعلاقات الخارجية لبلاده اهتماما كبيرا فكان يستقبل رؤساء وملوك البلاد والعربية بنفسه. ويودعهم بنفسه بضيافته الكريمة التي تدل على كرمه وسخائه المعروفين وصداقته الكبيرة لمن يحيطونه بحمايته كانت متناهية الكرم وهذا ما ورثه عن أبيه الشيخ حمد بن عيسى الذي تذكره بريطانيا ولا تنسى أن تشيد في مثاليته وكرمه فيذكر بليجريف في مذكراته، أنه قدّم 30 ألف جنيه إسترليني كعربون على الإخلاص المتفاني إلى الحليف سواء كان عربيا أو أجنبيا.
إن المتابع لحركة التطور والتقدم والعمران الاقتصادي والبشري في البحرين في عهد الشيخ سلمان من تقدم خاصة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية…… وبالذات أن هذا الزمن يصادف تطور وسائل النقل السريعة (وظهور النقل الجوي-الطيران)الذي ساعد على جلب وسائل التطور من العالم الأوروبي سواء كان هذا التطور ماديا أو ثقافيا-أم عسكريا-أم عمرانيا، فقد ساعد على تفتح شباب البحرين وتعريفهم على ما يجري خارج مجتمعهم بالسرعة الكبيرة التي مصدرها عددا من الجمعيات والأندية الرياضية، والنوادي الثقافية تطورت إلى ندوات فكرية سياسية شارك في عضويتها طلبة الشباب وصغار التجار وموظفو الشركات الأجنبية والمعلمون وغيرهم من أبناء الأقطار العربية في البحرين.
كان الشيخ سلمان كأبيه الشيخ حمد ينهض صباحا مبكرا، وبعد الصلاة يذهب إلى قصر القضيبية وهو نفس القصر الموجود حاليا، حتى اليوم ويجلس في مجلسه الخاص مستقبلا الناس باحثا في أمورهم حتى الساعة التاسعة صباحا بعدها ينتقل إلى مكتبه لينظر في أمور الدولة والرعية حتى الغذاء ويخرج بعدها في مجلسه الخاص في منطقة القضيبية ويجلس حتى المساء.
وكان شتاؤه على العموم في منطقة الرفاع وصيفه في منطقة القضيبية في المنامة، أما الربيع فكان يقضيه في منطقة الوسمية وكانت لديه هناك مزرعة ذات مياه عذبة وارفة الظلال.
أما علاقته بالناس ضمن البلاد فقد كان يخصص لها يومين: يوم بلدية المنامة ويوم الاثنين وفيه يذهب إلى بلدية المحرق حيث يجتمع بأهل البلاد وأكابر القوم والتجار والأعيان ويبحث فيما استجد من أمور لديهم يوما بيوم، هذه الأمور دأب عليها الشيخ سلمان ومن قبله والده الشيخ حمد ومن ثم الحفيد الشيخ عيسى بن سلمان.
وقد طالت مدة حكم الشيخ سلمان بن حمد إلى نحو عشرين عاما فاهتم في بناء المدارس وتوسيعها وتطوير الاقتصاد الوطني… وترأس عدد من الدوائر مثل إدارة القاصرين والمحاكم.
وتوفي يوم الخميس 2 نوفمبر في مقره في (سافره) الذي اتخذه مسكنا له إثر مرضه قبيل وفاته في عامين تقريبا وشيع جثمانه إلى مثواه الأخير في مقبرة الحنينية.
لم يغادر البحرين خلال حياته إلا لمناسبتين – الأولى عند زيارته للملكة المتحدة عام 1953 م لحضور حفل تتويج الملكة إليزابيث الثانية حيث حل ضيفا على الحكومة البريطانية. أما الثانية فكانت في العام 1958 م عندما سافر إلى الرياض وحل ضيفا على أخيه الملك سعود وعقد في هذه الزيارة اتفاقية الرياض التي حددت بموجبها الحدود البحرية بين الدولتين.
في أواخر عام 1948 سيطر موضوع محلي هام على اهتمام المواطنين، حيث شهدت شوارع المنامة ولأول مرة أعمال توصيلات لم تشهدها من قبل، وكانت الناس تتجمع حول المهندسين والعمال الذين يعملون على توصيل أنابيب المياه إلى البيوت من خلال شبكة صحية للمياه. وكانت الحكومة قد أصدرت إعلانا أثلج صدور المواطنين الراغبين في توصيل المياه النقية لبيوتهم، وكان الحدث المميز الآخر في ذلك المشروع هو العدادات التي تشهدها البلاد لأول مرة. ولا شك أن وجود عدادات للمياه في ذلك الوقت كان موضوعا هاما لحديث الناس في المجالس والبيوت. وقد حددت الحكومة سعر توصيل المياه للبيوت التي تبعد 100 قدم عن الأنبوب الرئيسي مع تركيب العداد ب225 روبية، كما حددت الحكومة سعر المياه بثلاث أنات لكل مائة ألف جالون من الماء.
وجاء اليوم الذي انتظره الجميع، ففي صباح يوم السبت 10 صفر عام 1368 هجرية وصل الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين مصحوبا بمعية الشيخ محمد بن عيسى والشيخ عبد الله، إلى محطة المنامة حيث كان في انتظارهم كبار أفراد العائلة الحاكمة وأعضاء المجلس البلدي والوجهاء والأعيان، كما كان في مقدمة مستقبلي السيد«بيتر هولوي» مدير شركة «إخوان هلوي» التي أنجزت المشروع والذي حضر إلى البحرين خصيصا للمشاركة في هذا الاحتفال. وقد تفضل الشيخ سلمان بن حمد بالضغط على زر توصيل المياه النقية لتغذية معظم مناطق العاصمة المنامة. لقد كانت الخدمات المقدمة للمواطنين تجيء على رأس أولويات الشيخ سلمان والذي كان يحرص على متابعة تنفيذها شخصيا.
ومن جانب آخر شهدت البحرين في تلك الفترة حدثاً مميزا آخر، حيث انعقد في البحرين أول مؤتمر طبي في أوائل شهر نوفمبر عام 1948، وقد حضر هذا المؤتمر 27 طبيبا من بريطانيا وأمريكا وإيران والعراق والكويت، وذلك للنظر في المسائل المتعلقة بشؤون الصحة. وكانت إقامة مؤتمر يحضره أطباء من هذه الدول وفي تلك الفترة تعتبر بلا شك إنجازا كبيرا للقيادة في البحرين. وخلال هذه المؤتمر تشكلت لجنة من 6 أطباء لوضع تقرير عن الوضع الصحي في دول الخليج، حيث تم رفع هذا التقرير إلى السلطات العليا في تلك الدول، وذلك في بادرة انطلقت من البحرين وكانت الأولى من نوعها، حيث عكست جانبا من اهتمامات حاكم البحرين آنذاك.
وفاته
كانت البحرين قد بدأت تتذوق بواكير طعم الاستقرار، عندما راحت المتاعب الصحية، تعرف طريقها إلى جسد الشيخ سلمان، وكان الرجل يتحمل المشقة والتعب، بصورة مدهشة، فقد كان فارسا عربيا يكابر الألم، ويكبر عن الشكوى. ولم يكن الشيخ سلمان يعرف طعم الراحة والاسترخاء، فساعات عمله تمتد إلى آخر الليل، وتبداء مع أول النهار.
وكان برنامجه اليومي، يبدأ في الساعة الثامنة، حيث يصل إلى مكتبه الخاص، في مبنى باب البحرين، الذي كانت تشغله عدد من إدارات الحكومة. وبعد أن يرشف القهوة العربية، كان يستقبل المواطنين الذين ينتظرون للسلام عليه، فينظر في طلباتهم، وأمورهم. ثم يبدأ عمله الرسمي، الذي يتضمن مقابلات، ولقاءات، ومراجعات يومية، ومخاطبات…
وكان يتجاهل في سبيل عمله للبحرين وشعب البحرين، نصائح الأطباء الذين أبدوا الكثير من القلق على صحته، ونصحوه في عدم الإكثار من السهر، وتقليل ساعات العمل، غير أنه ظل مواظبا على برنامجه، الذي اختاره لنفسه، واعتاد عليه منذ الشباب.
وظل الشيخ سلمان، يرفض نصائح الأطباء، بالخلود إلى الراحة….ولو توقف الأمر عند هذا الحد، لكان خيرا، فالرجل الذي اعتبر البحرين قطعة من قلبه، كان يؤلمه كثيرا، ما يحدث لها، من أبنائها، ومن الدول الطامعة بها. وكانت الأعباء الصحية، تزداد يوما بعد يوم، بفعل ازدياد أعباء البلاد، وهمومها.
وحاول الشقيقان عيسى وخليفة، التخفيف بعض الشيء، عن والدهما، فكانا إضافة إلى إقناعه، بالركود إلى الراحة، ينقلان إليه أخبار البلاد بالتفصيل، ويتلقيان توجيهاته، بشأن تصريف بعض الأمور … وكان الشيخ خليفة، لا يكاد يفارق والده، في أيامه الأخيرة… وخاصة بعد أن انتقل الشيخ الوالد، للإقامة في منطقة «سافرة»، نتيجة تردي وضعه الصحي.
وظل يغالب المرض، والشكوى، إذ تُوفي في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس، الثاني من نوفمبر عام 1961، عن عمر يناهز 67 عاما، بعد حوالي 20 سنة، أمضاها على سدة الحكم.!!
Discussion about this post