أنا وأنا
بقلم: ماهر اللطيف
بسطت كفَّي واطلقت يدَاي ورفعت رأسي عاليا ودمع العين ينسكب مدرارا وزلزال جسدي قد تجاوز كل درجات رختر إلى أن انهارت كل مبانيه ومكوناته ولم يبق غير القلب نابضا نبضا مكثفا وسريعا يفوق سرعة الريح وقلت “يا رب، يا رحمن يا رحيم، يا من قلت ادعوني استجب لكم، ها اني استنجد بك وأرجوك أن تقف إلى جانبي…”
وما زلت أتأهب للدعاء حتى قاطعني صوت خشن اربكني وزاد من تدمير كياني وذاتي وهو يقول بصوته العالي ” ادخل في صلب الموضوع وكفاك مقدمات”، ثم صمت.
فالتفت في جميع الاتجاهات ولم أجد أحدا غيري وبعض الكلاب السائبة في هذا الحقل الشاسع الممتد في أطراف بلدتي القروية الموجودة في أعماق وطني.
فاستعذت من الشيطان الرجيم وتلوت المعوذتين قبل أن ألقى نظرة أخرى في كل مكان للتأكد من خلوه من كل مخلوق، فإذا بالصوت يعود فجاة وهو يقهقه ويسخر مني ومن خوفي ويقول بكل ثقة وثبات:
– انا هنا أيها الجبان في انتظار فحوى دعائك، انطق
– (بعد أن كدت أشل من الخوف والرهبة والبحث عن مصدر الصوت دون الوصول إلى نتيجة وصاحب الصوت يقهقه ويسخر مني كالعادة، فقلت بصوت خافت ومتقطع يكاد لا يسمع) من أنت؟ من أنت؟ بسم الله الرحمن الله (والصوت يقهقه) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (والصوت يقهقه) أظهر لأراك، فكيف اخاطب شبحا؟
– (ضاحك ومستهزئا بي) لا أظهر الضعفاء والجبناء وفاقدي الشخصية والكرامة
– (مقاطعا بشدة) لست كما تقول، أنا أقوى مما تتصور، انا أهرب من الناس ومن كل من ظلمني شاكيه إلى الله الذي أجد معه الراحة والسكينة والطاقة للنهوض بعد كل سقوط لاصنع من الفشل نجاحا ومن الضعف قوة (والصوت يقهقه) أشحن ما ضعف مني واقويه بذكر الله والإيمان والتقوى والورع ومهابة المعاصي والمساوئ….
وواصلنا الحديث والصوت يحاول دائما الحط مني ومن معنوياتي وقدراتي، يصفني بأبشع الصفات و يتعمد اهانتي والنيل مني، يستهزئ بي وبحالتي الرثة….
فتسلحت بالتجلد والصبر والعزيمة والتحدي وتوكلت على الله بعدما دعوته كثيرا، وكفكفت دموعي وبسملت وانطلقت أشيد أسوار النجاح من جديد على انقاض الفشل َالالم والدموع والجراح….
وبرهنت بالتالي لمخاطبي الذي كان ضميري في الحقيقة بطلان ادعاءاته وظنونه ومحدودية فهمه لذاتي وقدراتها التي لاتؤمن بالمستحيل مادام سلاحها ومرجعها وقوتها الله ودينه الحنيف…
Discussion about this post