في مثل هذا اليوم 3 مارس1878م..
انتهاء الحرب الروسية العثمانية باستعادة بلغاريا استقلالها عن الدولة العثمانية وفقا لمعاهدة سان ستيفانو.
معاهدة سان استيفانو (29 صفر 1295هـ المُوافق للثالثِ من مارسَ/آذارَ 1878) (بالروسية: Сан-Стефанский мир)، أو «سلام سان ستيفانو» (بالروسية: Сан-Стефанский мирный договор)، (بالتركية: Ayastefanos Muahedesi) أو (بالتركية: Ayastefanos Antlaşması). هي معاهدةٌ بينَ روسيا والإمبراطوريّةِ العثمانيّةِ في ختام الحربِ الروسيّةِ العثمانيّةِ (77-1878). وقّعتْ في «سان استيفانو» (بالتركية: Yeşilköy) (قريةٌ على ساحلِ بحرِ مرمرةَ تبعدُ أحد عشرَ كيلومتراً غربَ المدينةِ التاريخيّةِ القديمةِ لإسطنبولَ، حاليّاً جزءٌ من إسطنبول) من قبل الكونت «نيكولاس بافلوفيتش إچناتيف» و«ألكسندر نليدوف» نيابةً عن الإمبراطوريّةِ الروسيّةِ، ووزير الخارجيّةِ العثمانيّةِ «صفوت باشا» والسفيرِ العثمانيِّ في برلينَ سعد الله بك نيابةً عن الإمبراطوريّةِ العثمانيّة. أنهتِ المعاهدةُ الحربَ الروسيّةَ التركيّةَ (1877-1878).
جاءتِ المعاهدةُ متزامنةً مع مناسبةِ تنصيبِ الإسكندر الثاني إمبراطور روسيا في 2 مارس لعام 1855 على العرش. نصتِ المعاهدةُ على إنشاء إمارةٍ ذاتيَةِ الحكمِ لبلغاريا بعد ما يقرب من 500 عام من الحكم العثماني. يحتفلُ البلغارُ باليومِ الذي جرى فيهِ التوقيعُ على المعاهدةِ 3 مارس 1878 كيوم التحرير. ومع ذلك فإن بلغاريا الموسّعةَ التي تصورتها المعاهدةُ أزعجتِ الدولَ المجاورةَ، وكذلك فرنسا وبريطانيا العظمى. وبالنتيجةِ لم توضعِ المعاهدةُ موضعَ التنفيذِ مطلقاً إذ حلَّتْ محلها «معاهدة برلين» التي أعقبت مؤتمرَ برلينَ الذي عقدَ بعد ثلاثةِ أشهر.
وفقاً للموقفِ الروسيِّ الرسميِّ لم تقصدْ روسيا من خلالِ التوقيعِ على المعاهدةِ أكثرَ من مسوّدَةٍ أوليّةٍ مؤقّتة، وذلك لتمكينِ تسويةٍ نهائيّةٍ مع القوى العظمى الأخرى.
تعدُّ معاهدةُ «سان استيفانو» منَ المعاهداتِ المهمّةِ في تاريخِ الدولةِ العثمانيّةِ فقدْ فرضتْ على العثمانيّين المهزومين أمام روسيا إدخالَ إصلاحاتٍ جوهريّةٍ على أوضاعِ المسيحيّينَ في الدولةِ العثمانيّةِ لا سيما في أوروپا؛ وهوَ ما عنى حقوقاً وامتيازاتٍ للأقليّةِ لاتتمتعُ بها الأغلبيّةُ المسلمة، وكان ذلك إشارةً إلى رغبةِ الدولِ الأورپيّةِ في تفجيرِ الدولةِ العثمانيّةِ من الداخلِ بعدَ إضعافِها للغايةِ في المحيطِ الدوليِّ، بحيثُ تمثّلُ «رجل أوروبا المريض» الذي ينتظرُ الجميعُ موتَه لتقسيمِ تركتِهِ الكبيرة.
استمرت «حرب 93» حوالي تسعة أشهر خسرت فيها الدولة العثمانية غالبية أراضيها في أوروبا، ولم يتبق لها إلا القليل من الممتلكات، وأمام هذه المأساة اضطر السلطان «عبد الحميد» أن يطلب من ملكة بريطانيا «فيكتوريا» التوسط لعقد هدنة، إلا أن الروس رفضوا في البداية وصمموا على استمرار القتال، فقرر العثمانيون الدفاع المستميت عن إستانبول، ومن ناحية ثانية تكتلت الدول الأوربية ضد روسيا التي بدت أطماعها في الوصول إلى المياه الدافئة تتحقق في هذه الحرب. وألقى الأسطول الإنجليزي بمراسيه في مياه إستانبول، وكانت هذه الرسالة التحذيرية من بريطانيا عاملاً مهماً في دفع الروس للتفكير في الهدنة ووقف الحرب.
أرادت روسيا المنتصرة أن تملي شروطها على الدولة العثمانية المغلوبة في معاهدة «سان استيفانو» (وهي ضاحية من ضواحي إستانبول على الضفة الأوربية من بحر مرمرة)، وتكونت هذه المعاهدة التي لم يُعمل بأي نص من نصوصها، من 29 مادة، حيث إن هذه المعاهدة المجحفة تم تعديلها بعد 4 أشهر و11 يوماً بمعاهدة أخرى هي معاهدة برلين التي محت كثيرا مما جاء في «سان استيفانو».
ومما نصت عليه «سان استيفانو»:
تعيين حدود للجبل الأسود لإنهاء الصراع، مع حصولها على الاستقلال.
حصول إمارة الصرب على استقلالها، مع إضافة بعض الأراضي الجديدة إليها.
حصول بلغاريا على استقلال ذاتي إداري، مع دفع بلغاريا مبلغا من المال سنويا للدولة العثمانية، ويكون موظفو الدولة في بلغاريا والجند من النصارى فقط، ويخلي العثمانيون جنودهم منها نهائيا.
حصول رومانيا على استقلالها التام.
يتعهد الباب العالي بحماية الأرمن والنصارى من الأكراد والشركس.
يقوم الباب العالي بإصلاح أوضاع النصارى في جزيرة كريت.
تدفع الدولة العثمانية غرامة حربية قدرها 250 مليون ليرة ذهبية لروسيا، ويمكن لروسيا أن تتسلم أراضي بدلاً من هذه الغرامة.
تبقى مضايق البوسفور والدردنيل مفتوحة لروسيا وقت السلم والحرب.
يمكن لمسلمي بلغاريا أن يهاجروا حيث يريدون في الدولة العثمانية.
وقد حال السلطان «عبد الحميد» دون إعطاء روسيا 6 بوارج بحرية من أحدث سفن الأسطول العثماني كجزء من الغرامات لروسيا.
وأدرك السلطان «عبد الحميد» بدهائه السياسي حجم وطبيعة التناقض في المصالح بين الدول الغربية، وسعى من خلال هذا التناقض إلى العمل على هدم معاهدة «سان استيفانو»؛ اعتمادا على اللجوء إلى أقل الضررين، وبنى موقفه السياسي وتحركه على أن بريطانيا هي أقرب الدول إليه في هذه المرحلة؛ ولذا سعى لتنسيق أموره معها؛ ومن ثم أعطى بريطانيا لواء قبرص، مقابل دعمها له، وكانت قبرص مهمة لبريطانيا في تدعيم وجودها في غرب ووسط البحر المتوسط.
وانعقد مؤتمر في برلين برئاسة المستشار الألماني «بسمارك» في (13 رجب 1295 هـ=13 يوليو 1878م) حضرته الدول الأوربية الكبرى، ولم يعط المؤتمر روسيا إلا النزر اليسير مما نصت عليه معاهدة «سان استيفانو»، ويعتبر مؤتمر برلين من آخر الاتفاقيات التي عدلت الحدود الجغرافية السياسية لأوروبا في القرن التاسع عشر، وأطال عمر الدولة العثمانية 35 عاما بدلاً من «سان استيفانو» التي كانت تسعى لوضع نهاية سريعة للخلافة العثمانية.
واستمر مؤتمر برلين 31 يوما عقدت خلاله 20 جلسة، واحتوى على 64 مادة، أجبرت الدولة العثمانية على إجراء إصلاحات في الأناضول الشرقية لصالح الأرمن، وفي عدد من المناطق في البلقان، غير أن السلطان «عبد الحميد» كان يجيد اللعب على التناقضات والمصالح المتضادة بين الدول الكبرى وفي منطقة البلقان.
كانت معاهدة برلين هي المرحلة الثانية بعد «معاهدة كارلوفجة» 1699، في تصفية الدولة العثمانية في أوروبا، والتي ختمت بمعاهدة بوخارست 1913، التي اعترفت بالاستقلال التام لثلاث إمارات تابعة لها هي رومانيا وصربيا وقرة داغ.!!
Discussion about this post