الحبيب الفنان القدير صبحي سليمان ( أبو فراس ) ، في قلب الله .
الياس الحاج
تردد اسمه على مسامعي منذ سبعينيات القرن الماضي من خلال مشاركته لمجموعة أوائل فرقة المسرح الجامعي المركزية ( رشيد عساف ، سلوم حداد ، عباس النوري ، الراحل نزيه سرحان ، الراحل حسان يونس ، الر احل لؤي عيادة …. ) إلى أن التقيته مطلع الثمانينيات في دمشق عن طريق الحبيب الراحل الباقي يوسف حنا ، ومن أيامها أصبحت علاقة الود والاحترام المتبادل قائمة بيننا ، ثم عملنا معاً أول مرة في مسلسل الرجال والضباب من إخراج الراحل جميل ولاية ومن بعدها أصبحت لقاءاتنا شبه يومية وأحياناً لأكثر من مرة ، فهو يرتاد ذات الأماكن التي أتنقل فيها عادة بحكم طبيعة عملنا ( مكان عملي في مديرية الإنتاج التلفزيوني ، الإذاعة ، مديرية المسارح والموسيقا ( المسرح القومي ) ، مقصف نقابة الفنانين ( قاعة الشطرنج ) ، مسرح القباني ومسرح الحمراء .. وحتى مقهى الروضة في الأوقات التي كان يتواجد فيها الراحل عدنان بركات أو في مطعم أبو أديب بجديدة عرطوز في الأيام التي جمعتنا مع الراحل هاني الروماني المقرب منه ، وفي كل مكان كان له حظوة ومواقف طريفة مع شركاء المهنة .. وأكثر ما كان يلفت انتباهي تمسكه بعلاقاته الأولى أيام المسرح الجامعي ، بل وتفاخره بتلك الأسماء التي اعتبر نفسه واحداً منهم ولا يتجزأ عنهم ، والطريف في شخصيته أنه جاد وملتزم بمهنية في أوقات العمل .. وفي أوقات السمر والراحة يتقبل المزاح من الجميع وخاصة الظرفاء الكبار (الراحل يوسف حنا ، الراحل عبد الرحمن آل رشي ، الراحل هاني الروماني ، الراحل عبد الرحمن أبو القاسم ) .
لمع نجم الفنان القدير صبحي سليمان في منتصف ثمانينيات القرن الماضي أي مع بدايات انتشار الدراما السورية من خلال مشاركاته بأعمال القطاع العام ، كما كان له دور لافت في التنسيق لتحقيق أعمال مشتركة بين الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ومؤسسة الخليج للإنتاج المشترك .. وكان كما كنت ألحظ وبشكل مستمر أنه على مسافة واحدة من جميع المخرجين في مديريتنا ( الإنتاج التلفزيوني ) الراحلين الكبار ( علاء الدين كوكش ، غسان جبري ، جميل ولاية ، شكيب غنام ، رياض ديار بكرلي ، بسام الملا ، هاني الروماني ) .
مع انتشار إنتاج القطاع الخاص ، أصيب بالخيبة ، لكنه كان مؤمناً أن الحياة فيها أهل الخير ، وأن الخير لا يعدم عند أهل الوفاء ، فقرر الابتعاد نسبياً عن الأوساط الفنية ، وانصرف للعمل في مجالات تجارية بسيطة ( محل أحذية ) ، ولا أعتقد ابتعاده عن عالم الفن كان سبباً في تغييبه ، وإنما ندرة الوفاء بعد ابتعاد الكثيرين ممن كان له الفضل في تشغيلهم وقضاء معظم أوقاته برفقتهم ، حتى كدت ألحظ قدموه بين وقت وآخر إلى مديرية الإنتاج التلفزيوني أو نقابة الفنانين أو المسرح القومي كحالة عابر بائس من الواقع .. يقف متأملاً من بعيد ويمضي أو يلتقي مع الكبير أديب قدورة ( الحبيب أبو مازن ) في قاعة الشطرنج لوقت قصير أو مع الفنان ومدير الإنتاج جميل العبد ( الحبيب أبو أمير ) ثم يمضي وحيداً … إلى أن انقطعت أخباره عنا بسبب إصابته بوعكة صحية .. ورغم تقصيري بحقه لعدم معرفتي بمكان إقامته في مخيم اليرموك كنت أطرح سؤالي المتكرر عن أحواله وتأتيني الإجابات أنه مريض ، ثم عرفت أنه انتقل غلى قدسيا ولا يخرج من منزله .. وربما كان ذلك سبب غيابه لفترة ليست بقصيرة … لكن أعماله باقية رغم أنف كل من تنكر لماضي الريادة الدرامية ومرحلتها الذهبية التي يعتبر واحداً من نجوم أعمالها ، منها : سيف بن ذي يزن ، نجوم بين الغيوم ، عز الدين القسام ، حرب السنوات الاربع ، الرجال والضباب ، العبابيد ، أبو كامل ، الشتات ، البواسل ، غضب الصحراء ، يوميات مرحة ، الينابيع ،الدروب القصيرة ، المحكوم ، حمام القيشاني ، القيد ، حي المزار ، الهارب ، أما مشاركاته في السينما فهي قليلة ( التحقيق ،أمبراطورية غوار ) .
تحية وفاء إلى صاحب الصوت الأجش والقلب الطفل .. إلى روح من اتسع صدره محبة الجميع .. الفنان القدير الحبيب صبحي سليمان .
تعازينا القلبية لأسرتك أبا فراس الحبيب وذويك الأسرة الفنية … سامحني لتقصيري معك .. وهي ليست عادتي مع أحد المحبين .
Discussion about this post