أيام مع جرير
بقلم: غريد الشيخ محمّد
رحل اليوم تاركًا في حياتي فراغًا كبيرًا… عجيبٌ أن نُحِبَّ إنسانًا رغم ما فيه من الصفات التي لا توافقنا ولا تعجبنا..
تعرَّفت إليه منذ شهر، وأصبح رفيقي الدائم، حتّى عندما سافرت إلى دمشق لزيارة أمي وإخوتي ذهب معي…
كنت أتركه لبعض الوقت ثم أسرع عائدة إليه بشوق كبير، يبتسم بسخريته المعهودة ثم يقول متهكّمًا: سرعان ما عدتِ، قلتِ إن لديك مواعيد كثيرة وأعمالًا!
أجيبه معترفة: نعم، لكن بي شوقًا غريبًا يدفعني للعودة بسرعة.
ساعاتٌ طويلة كنت أقضيها بين يديه، يقصُّ عليَّ حكاياتِه الغريبة، ويحدّثني عن رحلته التي بدأت باقتحامه عالم العنف والمشاجرات، وخلافاته مع الآخرين، وكيف كان يتوصل في النهاية إلى إذلالهم وإنزالهم إلى أسفل السافلين.
كنت أعترض أحيانًا على أسلوبه الفظّ وكلماته النابية، لكن سرعان ما كانت رقّته ولطفه ووداعته تدعوني لأن أغفر له.
هل عرفتم الآن من هو رفيقي… إنه جرير..
مَن جرير؟
جرير الشاعر يا أصدقائي… تتعجبون وجرير مات قبل اثني عشر قرنًا وبضع سنوات!
نعم… رحل ولكنه كان بزيارتي لعدّة أشهر.
سأحكي لكم الآن كيف كان شاعري العظيم والحبيب رفيقًا لطيفًا لي.
اتفقت مع دار النشر التي أتعامل معها على شرح دواوين الشعر، اختاروا أولًا ديوان جرير وسلموني إياه.
نظرت إلى الغلاف الأسود واسم شاعري المفضّل الذي حفظتُ، كما حفظ كثير منكم قصيدته الرائعة والتي يقول فيها:
(إنَّ الـعيون التي في طرفها حَوَرٌ
قَتَلْننا ثـمَّ لـم يـُحْيينَ قَـــــتلانا
يَصرعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حراكَ به
وَهُــنَّ أضعفُ خـلقِ الله أركــانا
أتبعتُهم مقلة إنسانُها غَرِق
هل يا ترى تارك للعين إنساناً؟
يا أُمَّ عمرٍو جَزَاكِ الله مغفرةً
رُدِّي عليَّ فؤادي كالذي كانا
ألستِ أحسنَ مَن يمشي على قدمٍ
يا أملحَ الناس كلّ النّاس إنسانا)
ضممتُ المُجَلَّدَ الضَّخم بسعادة إلى صدري، لا بدَّ أنني سأعيش مع الشاعر الغَزِلِ اللطيف الذي دغدغ مشاعرنا في قصائد عديدة، وأيضًا حملَنا معه في رحلة حزنه على زوجته التي توفيت، فرثاها بقصيدة تحمل كل معاني الوفاء والحب واللهفة:
(لولا الحياء لَهَاجَني استعبارُ
ولَزُرْتُ قَبرَكِ والحبيبُ يُزَارُ
ولَّهْتِ قلبي إذ علتني كبرةٌ
وذوو التّمائمِ من بَنِيكِ صغارُ)
وأخاطبُ نفسي: إذن فرحلتي مع الشّعر هيّنةٌ ليّنة مع شاعري اللّطيف…
وصلتُ إلى البيت وتناولت غدائي بسرعة، قال والدي: اجلسي قليلًا لنتحدث…
أسرعتُ إلى غرفتي، إنّه ينتظرني مناديًا إيَّايَ بإغراءٍ شديد.
تقدَّمتُ منه: اجلس يا صديقي فلنبدأ رحلتنا.
بدأ جرير بإنشاد القصيدة الأولى:
(حَيُّوا أُمامةَ واذكروا عهدًا مضى
قبل التّصدُّع من شماليلِ النوى)
قاطعتْه: حسنًا يا صديقي تمهَّلْ، لماذا تستعملُ هذه الألفاظ الصعبة، اشرح لي الشَّماليل، النَّوى، التَّصدّع.
نظر إليّ ساخرًا: أيتها الشّابّة ليست ألفاظي صعبة، بل إنكم أنتم تخلّيتم عن اللّّغة الأم، واخترتم ألفاظًا بعيدة كلَّ البعد عن لغتكم الأصيلة العريقة..
– حسنًا يا صديقي نحن كذلك، ولا بدَّ أن ألفًا ومائتين من السنين جديرةٌ بهذه التغييرات بما يتناسب مع زمننا الحاضر، فنحن مثلًا لم نعد نستخدم النُّوقَ في تنقّلاتنا، ولا الظعائن حتى نعرفَ أنواعها وتفاصيلها.
هزَّ رأسَه موافقًا: نعم، نسيت هذا؛ لكل زمان أدواته، ولا بدّ من لغة تتناسب مع العصر، حسنًا يا عزيزتي، أُمامَة هذه كانت من اللّواتي أحببتُهنّ وقد صارت زوجتي فيما بعد، والتّصدّع هو الفراق، أما شماليلُ كلِّ شيء فهو بقاياه.
أفهمتِ الآن؟..
– نعم.. نعم… فهمت… تفضّل أكمل.
يتابع بغُنّة في صوته:
(قالت: بَلِيتَ فما نراكَ كعهدنا
ليت العهودَ تجدّدتْ بعد البِلى)
كنت أستمعُ إلى هذا العتاب الرقيق بين الشاعر وحبيبته التي تلاحظ تقدّمه في العمر وانحناء ظهره والخضاب بلحيته، ثم ينتقل من الغزل الرقيق الناعم إلى مدح هشام بن عبد الملك وذكر عطاياه ومكارمه، ثم يذكرُ حاجة قبيلته (بني تميم) إلى عطاء ورضا الخليفة.
وانتهت القصيدةُ وكنت في أوقت كثيرة أستوقفه لأسأله عن بعض الألفاظ، التي ما كنت أفهمها وأغضّ الطَّرْفَ عن أخرى، على أمل أن أرجع إلى ابن منظور لأسأله عن معناها.
انتهت جلستنا الأولى فنظر إلي قائلًا: تعبتِ هاه.. هل تعلمين كنَّا نقفُ في سوق المِرْبَد فنقول القصائد ارتجالًا، ويتحدَّى الواحد منا الآخر بأبياتٍ قد تتجاوزُ الخمسين، وكان الناسُ حولنا يقفون ويسمعون أشعارنا، وكثير منهم كان يحفظ من المرة الأولى ثم يرويها، وهكذا كانت تنتقلُ في الأمصار سريعًا؟
قلت: بأسرع ممَّا ينتقل الخبر اليوم بالأقمار الصناعية..
ضحك وقال متمنيًّا: لو كانت الأقمار الصناعية وهذه التكنولوجية الحديثة التي كلّمتِني عنها في أيامنا لعملنا العجائب.
أجبتُه بابتسامة: الحمد لله… لقد عملتم العجائب دون هذه التكنولوجيا.
وَدَّعْتُه بعد أن أحسستُ بتعبٍ وإرهاق شديدين، قال: لا بدّ أنكِ ستنامينَ طوال نهار الغد؟
قلت: نعم، بعد هذه السهرة الطويلة.
قال: إنها قصيدة واحدة!
أجبتُه: لكنها كعشر قصائد، بل مائة.
تركتُه وذهبتُ خلسةً إلى الغرفة الثانية، وفتحت الورقة الصغيرة التي كتبت فيها الكلمات التي لم أفهمها، وبدأت بالاستفسار من ابن منظور الذي حفظ اللّسانَ العربيّ، وبدأتُ أبحث… الكثير من الشواهد عند ابن منظور من شعر جرير! يا إلهي، وكأن جرير قد فصَّلَ قصائده لتكون شواهد للّغةِ العربية، وباتّفاق مع صاحبه ابن منظور.
الساعة الآن الرابعة فجرًا… مرّت الساعات بسرعة، لكنني فهمت القصيدة جيّدًا… حسناً، فككتُ طلاسمَها، وهذا سيساعدني غداً لأفهم التي تليها.
أيقظني جرير في السادسة صباحًا، نظرت إليه، قال:
– قومي أيتها الكسولة، الساعة الآن السادسة، لو كنتِ في أيامنا لكنتِ حلبتِ العنز ورعيتِ الماشية ورجعتِ إلى خبائك في مثل هذا الوقت.
عركتُ عيني: حسنًا، ما دمتَ قد أيقظتني باكرًا، أخبرني، هل صحيح أن والدك..
قاطعني ضاحكًا: نعم.. نعم، والآن ستقولين إنَّني عاقٌّ بوالدي، لكن اسمعي، هل رأيتِ والدًا يتسلَّلُ في الفجر ليرضعَ ضَرَ العنز حتَّى لا يحسَّ أبناؤه العشرةُ الصّغار ويلحقوا به ليقاسموه!
قلتُ: صحيح أنّه كان بخيلًا؟
قال: نعم، وجدّي أيضًا، الخَطَفَى، تعرفينه؟ كان بخيلًا أيضًا رغم أنه كان غنيًّا، لكنه كان شاعرًا وعالِمًا بأنساب العرب، وأذكرُ أنه كان يقرأ شعرَه وشعر الآخرين لنا، وهكذا أستطيعُ أن أُؤكِّدَ أنّ موهبةَ الشعر لديّ ولدى أبنائي من بعدي هي إرثٌ من هذا الرجل.
قلت: إذن، فمن أورثكم هذه الموهبة ليس بخيلًا كما تدّعي.
هزَّ رأسه قائلًا: نعم، فهذه الموهبة هي التي فتحتْ لي أبوابَ الخلفاءِ على مصاريعِها، فمدحتُهم بأجملِ مدائحي، وحصلتُ بالمقابل على المال الكثير.
قلت: وهذه الموهبةُ أيضًا هي التي جعلتك الهَجَّاءَ الأول، وهذا ما جعل القبائل يخافونك ويشترون أعراضهم وكراماتهم بالمال.
قاطعني قائلًا: أنا لا أحبُّ الهجاء، لكن هم كانوا يبدؤونني وأنا لا أستطيعُ أن أعفو، وكان لا بدَّ أن أردَّ عليهم الصّاعَ صاعين، حتى لا يُعاوِدوا الكرّة.
قلت: لكنكَ كنتَ تظلمُ الناس أحيانًا، لا سيّما عندما كنت تتحدثُ عن النساء وتحطُّ من كراماتهنّ، وتصفهنّ بما ليس فيهنّ من صفات شائنة.. وأنا أذكر أنني قرأت مرة أنك كنت وحتى آخر حياتكَ تستغفرُ الله من ذنبٍ اقترفْتَه بحقِّ جِعْثن؛ أخت الفرزدق، بعد أن أشبعتها إهانةً وخزيًا.
أطرَقَ قليلًا وقال: نعم.. ربّما ظلمتُها..
أردتُ تغييرَ الحديث: حسنًا، أخبرني عن قصّتِكَ مع الراعي النّميريّ.
لمعتْ عيناه بشدّة وابتسمَ ابتسامته الساخرة وقال:
– لقد كان الراعي يفّلُ الفرزدق عليّ، فعاتبتُه مرّةً وقلت له إن كان بإمكانه إذا سأله الناس أن لا يفضّل أحدنا على الآخر، منعًا للشَّرّ، ويوم كنت أعاتبه كان معه ابنه جندل، الذي ضرب البغلةَ التي كان والدُه يركبها، فأطار قلنسوتي على الأرض، يومها أحسستُ أنه لا بدّ من انتقام أكبر.
ذهبت إلى المنزل وطلبتُ كعادتي باطيّةً من نبيذ…
قاطعتُه بابتسامة: أعلم لقد قالت العجوز التي كنتَ في ديارها إنها قد رأتك تحبو على الفراش عريانًا، فاستغربتِ الأمرَ وقالت لأصحاب الدار: إن ضيفكم مجنون..
هل كنت تفعل هذا دائمًا؟!
ضحك وقال: اسمعي بقية القصة:
كتبت ليلتها ثمانين بيتًا في بني نمير وختمتها بقولي:
(فغُضَّ الطَّرْفَ إنّك من نُمَيْرٍ
فلا كعبًا بلغتَ ولا كِلابا)
ولمعت عيناه بشدّة وكأن القصّةَ تتكرّر الآن، وقال وهو يُهَمِمُ: الله أكبر، لقد أخزيتُه إلى آخر الدّهر.
وتابع: ثم في اليوم التالي دهنتُ شعري كعادتي، وجمعت أطرافَه ولبست أحسن ثيابي وركبتُ حصاني واتّجهتُ إلى المِربَد؛ إلى حيث يجلسُ الراعي والفرزدق وجماعتهما.
ودون أن أُسلِّمَ عليهم وجّهتُ كلامي له وكان اسمه (عبيد): يا غلام، قلْ لعبيد، أبَعَثَك نسوتُك تكسبهنّ المال بالعراق! أما والذي نفسُ جرير بيده، لترجعنّ إليهن بميْر يسوءهن ولا يسرّهنّ.
ثم قلت قصيدتي التي أسكتتِ الجميع، وأذلَّت بني نمير إلى آخر الدهر.
قلت: وماذا عن الفرزدق؟
قال بتفكير: في يده والله نبعةٌ من الشعر قد قبضَ عليها، وقد كنت وإيّاه نتبارى ونغرف من نبع واحد.
قلت: اسمع ما قاله عندما سئل عنك، قال: (والله لو تركوه لأبكى العجوزَ على شبابها والشابّةَ على أحبابها، ولكنهم هرّوه فوجدوه عند الهِراش نابحًا وعند الجراء قارحًا).
هزّ رأسه وقال: إن خلافاتنا لا تجعلنا نحيدُ عن قول الحقيقة، والنقد الصحيح الخالي من التحيز.
توالت الأيام، ولقاؤنا يبدأ منذ ساعات الصباح الأولى ولا ينتهي حتى الهزيع الأخير من الليل، وكان تعلّقي به وبسماع أشعاره يزداد يومًا بعد يوم، فقد بدأتُ أفهم المفردات جيّدًا، لا سيما عندما كان يحدّثني عن مناسبات القصائد وعن أيام العرب، والمعارك التي يفتخر بها بقبيلته وشجاعتها، ويذمّ فيها القبائل الأخرى.
وفي أوقات كثيرة كنت أستحضرُ كتاب نقائضِه مع الفرزدق، فيُنشدُ قصيدة وأقرأ له جوابها من شعر الفرزدق، فيعود بتفكيره إلى تلك الأيام ويستحضرُ الذكريات، فيبتسم حينًا وحينًا آخر يُطرِقُ حزنًا.
سألته مرَّةً: وماذا عن الحبّ في حياتك؟
قال: الحبّ يا عزيزتي ملأ حياتي ووجودي كله، أحببتُ زوجاتي اللواتي عشنَ معي حياة هادئةً لطيفة، وبادلنني الحبّ حبًّا والوّ ودًّا.
ثم لمعتْ عيناه وتابع:
ـ عشتُ حياتي مع الأنثى بكل ما فيها من تواصل ولهفة… نغم لا يتوقف أبدًا، وما زال صداه في داخلي، وأثره في شعري وكلماتي.
قلت: ورغم ذلك فأنت في بعض شعرك تشكو وتستعطف وتعتب وتتضرع، ألم تقل:
(قلبي حياتي بالحسانِ مُكَلَّفٌ
ويُحِبُّهنَّ صَدايَ في الأصداءِ
إنّي وجدتُ بهن وَجْدَ مُرَقَّشٍ
ما بعضُ حاجتِهِنّ غيرُ عناءِ
ولقد وجدت وصالهنّ تَخَلُّبًا
كالظّلّ حين يفيءُ للأفياءِ)
أجابني مبتسمًا: أنا يا عزيزتي إنّما أعاتبُ ولا أحقد، بل على العكس؛ فهو ـ كما ترين ـ عتبٌ لطيف ناعم.
قلت: نعم، فهذا العتب يبدو وكأنه نوع من الترف أو من لزوم القصيدة.
قال: لقد اعترف الكثيرون من النّقّاد بأن شعري في الغزل هو الأجمل والأصدق.
نظرتُ إليه بمحبّة: لا عجبَ في ذلك، وأنت تحمل هذه النفس العفيفة، وهذه الرّقّة في الطباع، وهذا التّمسّك بالدين..
قال: نعم.. نعم.. وكم كنت أتمنى لو أنهم تركوني ولم يعتدوا عليّ، لما انجررتُ إلى الهجاء المقذع.
سألته: كنتَ تأخذُ الكثير من المال مقابل مدحك للخلفاء، فماذا عن قصّتك مع الخليفة عمر بن عبد العزيز؟
قال: لقد مدحتُه بأجمل مدائحي، ورغم أنه لم يعطِني المال، فقد خرجتُ من عنده راضيًا، وقلت عندما سألني قومي في ذلك:
(تركت لكم بالشّأمِ حبلَ جماعةٍ
أمينَ القُوى مُسْتَحْصِدَ العَقدِ باقيا
وجدتُ رُقَى الشيطانِ لا تَستفِزُّهُ
وقد كان شيطاني من الجنِّ راقيا)
في اللّيلةِ الأخيرة، جرير ينشدني قصيدتَه الأخيرة، وأنا ساهمةٌ واجمة..
يناديني من حين لآخر: هيه… اسمعي هل فهمتِ هذا البيت؟ إنه يعني كذا وكذا..
وأهزُّ رأسي علامة الفهم، وعندما أنهى القصيدة كلها نظر إليَّ نظرةَ المُتَفَضِّلِ وقال: هيّا لقد انتهينا، لقد قرأتُ لك شعري كلّه في بضعة أشهر، وقد استغرقت في تأليفه سنوات طويلة من حياتي.
قلتُ بحزن: كنتُ أتمنّى لو نستمرُ في القراءة لفترة أطول… تعوّدتُ أن تقرأَ لي كلَّ يوم من قصائدك، فأنا أتعجّلُ الفجر ليطلعَ لأستمع إليك.
قال بلهجة الناصح الخبير: حسنًا يا عزيزتي، لقد قضينا وقتًا ممتعًا…
وتابع غامزًا بعينِه: رغم أنه كان مُمِلًّا في بعض الأحيان بالنسبة إليك، لكثرةِ ما رجعت لصديقنا ابن منظور أو إلى صديقنا ياقوت الحموي، لتتعرّفي على الأماكن التي كنت أمرّ بها في شعري، لكن تذكّري أن هناك شعراء آخرين سيزرونك عندما أرحل، وقد تجدين المتعة مع بعضهم، لا سيما أنك ستتعرفين إلى شعراء من طبائع مختلفة وشخصيات مميزة.
لمعتْ عيناي بفرحٍ: نعم… قد يأتي بعدك مباشرةً المتنبّي أو المَعرّي أو البحتري.
قال مقاطعًا: وقد يأتي صديقي الأخطل!
قلتُ: فليأتِ، فإنّني أعرف اللّغةَ التي يتكلّم بها، فهي شبيهةٌ إلى حدٍّ كبير بلغتك.
قال: حسنًا، لقد بدأتِ تتأقلمينَ مع هذا الجوّ الجديد الذي تعيشينه.
انتهت سهرتنا الأخيرة، وها هو يومي الأول بعيدًا عن جرير…
أعلمتم مَنْ هو صديقي الذي رافقني لأشهرٍ وملأ عليَّ حياتي؟
إنه جرير…
Discussion about this post