فى مثل هذا اليوم 26مارس1954م..
الإعلان عن حل مجلس قيادة الثورة العسكري في مصر، لكن تم الرجوع عن ذلك.
مجلس قيادة الثورة هو مجلس تشكل عقب نجاح ثورة 23 يوليو ومغادرة الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان لأرض مصر على يخت المحروسة المملوك للبحرية المصرية، وقد قام المجلس بقيادة اللواء محمد نجيب بخلع الملك فاروق وإجباره على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد متعللين بالفساد الإداري الذي انتشر في البلاد في أواخر أيامه من حيث تغيير الوزارات. تشكل المجلس لإدارة شؤون البلاد إلى جانب مجلس الوصاية على عرش الملك أحمد فؤاد الثاني ولكن سرعان ما انفرد المجلس بحكم مصر بعد إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية.
أصل أعضاء مجلس قيادة الثورة هم أعضاء الهيئة التأسيسية لتنظيم الضباط الأحرار التي تأسست عام 1948 بالإضافة إلى محمد نجيب الذي تولى القيادة مع قيام الثورة:
محمد نجيب.
جمال عبد الناصر.
محمد أنور السادات.
عبد الحكيم عامر.
جمال حماد كاتب بيان الثورة ( لم يكن من أعضاء مجلس قيادة الثورة لكنه من تنظيم الضباط الأحرار).
جمال سالم.
صلاح سالم.
زكريا محيي الدين.
حسين الشافعي.
عبد اللطيف البغدادي.
كمال الدين حسين.
خالد محيي الدين.
حسن إبراهيم.
و بعد ثورة 23 يوليو والإعلان عن قيام مجلس قيادة الثورة أضيف إلى هؤلاء الأعضاء ضباط شاركوا في حركة الجيش وهم:
يوسف صديق.
عبد المنعم أمين.
الحكم
تولى مجلس قيادة الثورة حكم مصر إلى جانب مجلس الوصاية الملكي من 1952 إلى 1953 وانفرد بالحكم بعد إلغاء الملكية في مصر
تولى اللواء محمد نجيب رئاسة المجلس من عام 1952 إلى 1954 ثم تولى رئاسته جمال عبد الناصر من عام 1954 إلى 1956 .
النهاية
انتهى حكم مجلس قيادة الثورة عام 1956 بانتحاب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية.
أزمة مارس، هي أزمة سياسية وقعت في مارس 1954 بين محمد نجيب من جانب ومجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر من جانب آخر. وأدت الأزمة لانقسام المجتمع المصري المدني في رأي بين استمرار حركة الجيش (ثورة 23 يوليو) المنحازة بقراراتها للفقراء، والاصلاح الزراعي، وبين المطالبين بالديمقراطية وعودة الحياة السياسية.
في أول مارس 1954، ظهرت الصحف المصرية، وفيها أخبار القبض على 118 شخصاً، بينهم عبد القادر عودة، وأحمد حسين، كما تقرر إيقاف الدراسة، في الجامعات الثلاث، إلى نهاية الأسبوع، حيث كانت المظاهرات قد اجتاحتها. وسافر محمد نجيب، في اليوم نفسه، إلى السودان لحضور افتتاح البرلمان السوداني، مع صلاح سالم، وأحمد حسن الباقوري. وكان موعد السفر غير مناسب إطلاقاً فالأمور لم تهدأ بعد، في مصر، وكثير من المشاكل كانت تحتاج إلى حل ومواجهة. وكانت هناك، في الخرطوم، مفاجأة شديدة. جماهير حزب الأمة احتشدت، في المطار، والشوارع المؤدية إليه، تعلن، بعد انتصار الحزب الوطني الاتحادي، في الانتخابات. وتعيين إسماعيل الأزهري، رئيسًا لوزارة السودان، هاتفة (لا مصري ولا بريطاني … السودان للسوداني).[1]
ورغم أن الصادق المهدي كان في استقبال محمد نجيب، في المطار، إلا أن المظاهرات أخذت شكلاً معاديًا، وأفسد اصطدام الجماهير بالبوليس مظهر الاحتفال بافتتاح البرلمان السوداني، وحاصر المدعوين في أماكنهم. وكان محمد نجيب، في القصر الجمهوري، يحاول الاتصال، عبثاً، بالسيد عبد الرحمن المهدي. واجتمع بالسفراء العرب، لمناقشة طبيعة المظاهرات، فأجمعوا على أن استفزازات البوليس قد “شوهت الموقف وحولته إلى مجزرة”. وسقط ثلاثون قتيلاً، وأصيب 117 بجراح وكان، بين القتلى، مدير البوليس الإنجليزي، وحكمدار المدينة السوداني. وظهر، من التحقيق، أن المدبرين الرئيسيين كانوا، كلهم، من أنصار عبد الرحمن المهدي. وحكم بالسجن على أغلبهم. وكان، من المتهمين، رئيس تحرير جريدة الأمة لتحريضه على الفتنة، وصحفي آخر من أتباع المهدي، وعلى عدد من جماعة الأنصار، التابعة لحزب الأمة، وكانت هذه المؤامرة بغرض القضاء على فكرة الوحدة، مع مصر.
ومما لا شك فيه أن هذه الأحداث كان لها تأثير بالغ السوء على القيادة المصرية التي كان أملها كبير في إتمام الوحدة مع السودان. كما أن الخلافات الداخلية في مصر هي التي شجعت على إحداث مثل هذه الأحداث الدامية في السودان. وغادر محمد نجيب وزملاؤه الخرطوم، مع الفجر، كما غادرها كذلك سلوين لويد، الوزير البريطاني ولم يُفتتح البرلمان السوداني.
لقد ألمح عبد الناصر واتهم نجيب صراحة بتواطئه مع الاخوان المسلمين وحقيقة علاقة محمد نجيب بالاخوان كما يقول الأستاذ عمر التلمساني: محمد نجيب كان على علاقة طيبة بالاخوان وكان في تقديرنا أنه ليس بالشخص الذى يصلح للعمل مع جمال عبد الناصر لأن عبد الناصر يخطط ويبنى منذ زمن طويل.[2]
وكان محمد نجيب رجلا خالص النية تولى قيادة الانقلاب لإصلاح البلاد فكانت علاقتنا به طيبة وحتى علاقته بالنحاس باشا علاقة طيبة. وعلاقاته أيضا مع كل الناس طيبة وقد قام الأستاذ الهضيبي بواسطة الصلح بينه وبين جمال عبد الناصر لكيلا يحدث صدام في الجيش لا تؤمن عواقبه ” .
قرارات مجلس قيادة الثورة
في 6 مارس 1954، أعلن جمال عبدالناصر، أن مجلس قيادة الثورة قرر، بجلسة 5 مارس 1954، اتخاذ الإجراءات، فوراً، لعقد جمعية تأسيسية، تُنتخب بطريق الاقتراع العام المباشر، على أن تجتمع، في خلال يوليه 1954، ويكون لها مهمتان:
أولاً: مناقشة مشروع الدستور الجديد، وإقراره.
ثانياً: القيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد، وفقاً لأحكام الدستور، الذي ستقره الجمعية التأسيسية.
وحتى تجرى الانتخابات للجمعية التأسيسية، في جو تسوده الحرية التامة، قرر مجلس قيادة الثورة إلغاء الأحكام العرفية قبل إجراء الانتخابات، بشهر. وإلغاء الرقابة على الصحافة والنشر، ابتداء من 6 مارس، فيما عدا الشؤون الخاصة بالدفاع الوطني. ويكون لمجلس قيادة الثورة سلطة السيادة لحين انعقاد الجمعية التأسيسية. وينظم الدستور الجديد كيفية تنظيم الأحزاب.
جاءت هذه القرارات مفاجأة لأنصار الثورة وخصومها على السواء. وأول ما يلفت النظر فيها أنها تتعارض، في جوهرها، مع القرار السابق صدوره، من مجلس قيادة الثورة في 17 يناير 1953، بتحديد فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات تنتهي في يناير 1956، فماذا جد من الحوادث حتى تجتزأ نحو سنتين من هذه الفترة؟ لعل خلافاً جديداً قام بين قادة الثورة أدى إلى صدور هذا القرار الذي يحمل بين طياته تخلي الثورة عن مهمتها.
وفي 8 مارس 1954، قرر مجلس قيادة الثورة تعيين اللواء محمد نجيب، رئيساً لمجلس قيادة الثورة، ورئيساً لمجلس الوزراء، بعد أن تنحى جمال عبدالناصر عن رئاسة الوزارة. وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة (انظر ملحق أمر من مجلس قيادة الثورة بتعيين اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء) واستفاضت الأنباء عن قرب صدور قانون الانتخاب للجمعية التأسيسية، كل ذلك ولجنة الدستور لم تتم بعد وضع مشروع الدستور، ولا قانون الانتخاب.
السماح بقيام الأحزاب
لحظة خروج محمد نجيب من القصر بعد الاقالة.
وفي 25 مارس 1954، قرر مجلس قيادة الثورة السماح بقيام الأحزاب، وحل مجلس قيادة الثورة يوم 24 يوليه 1954، أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. قد تبلبلت الأفكار من صدور هذه القرارات الخطيرة. ولم يعلم أحد، على أي أساس، ستنتخب الجمعية التأسيسية، أو ينتخب البرلمان. لم يعرف أحد أية هيئة ستتولى شؤون الحكم، في الفترة السابقة لاجتماع الجمعية التأسيسية، ولا أية هيئة ستجري الانتخابات، وهل ستعود الأحزاب المنحلة قبل الانتخابات، أم بعدها، وما هو البديل عن مجلس قيادة الثورة؟ خاصة وأن مباحثات الجلاء كانت متوقفة، وبريطانيا تكشر عن أنيبها، وعدوانها قائم في القناة، وخصوم الثورة واقفون لها بالمرصاد.
وأخذ أعضاء مجالس الأحزاب المنحلة يجتمعون ويتداولون، وبات متوقعاً لو عادت إليهم السلطة أن ينتقموا من الثورة وزعمائها، وأن ينكلوا بالذين كانوا السبب في إقصائهم عن الحكم، وفي زوال حكم فاروق. ورفع الهضيبي، وعبدالحكيم عابدين، أمام مجلس الدولة، دعوى على وزارة الداخلية، بإلغاء قرار حل جماعة الإخوان المسلمين، وطلبا وقف تنفيذ قرار الحل.
عدول المجلس عن قرارات مارس
اجتمع ضباط الجيش، من جميع الأسلحة، في ثكناتهم، في 27 مارس 1954، وتشاوروا في الموقف، ورأوا أن الثورة مهددة بالانحلال، إذا نفذت قرارات 5 و25 مارس، وأن، البلاد ستعود إلى الفوضى، وإلى الأحزاب المنحلة نفسها، فأصدروا قرارات إجماعية بإلغاء قرارات 5 و25 مارس، وشفعوا ذلك بقرار الاعتصام في ثكناتهم إلى أن تلغى هذه القرارات، وحملوا مجلس قيادة الثورة مسؤولية ما يقع من حوادث إذا لم تجب مطالبهم. وأضرب عمال النقل، احتجاجاً على عودة الأحزاب المنحلة، وقررت نقابتهم استمرار مجلس قيادة الثورة، في مباشرة سلطاته، وعدم الدخول في معارك انتخابية، قبل جلاء المستعمر، فتوقفت القطارات، ووسائل النقل في البلاد، وبلغ عدد العمال المضربين مليون عامل.
العدول عن قرارات 5 و25 مارس 1954 وانتهاء الأزمة
إزاء ذلك، اتخذ مجلس قيادة الثورة في اجتماعه 29 مارس القرارات الآتية:
أولاً: إرجاء تنفيذ القرارات، التي صدرت في 5 و25 مارس 1954، حتى نهاية فترة الانتقال.
ثانياً: تشكيل مجلس وطني استشاري، يُراعى فيه، تمثيل الطوائف والهيئات، والمناطق المختلفة.
وانتهى الإضراب العام في تمام الساعة الخامسة من صباح 30 مارس 1954.
مجلس الوزراء العسكري
تخلى محمد نجيب عن رئاسة الوزارة، واقتصر على رئاسة الجمهورية، ومجلس قيادة الثورة. وقرر المجلس في 17 أبريل 1954، قبول هذا التخلي، وتكليف جمال عبد الناصر تأليف الوزارة، فألفها، برئاسته، من معظم أعضاء الوزارة السابقة، مع تعديل فيها، إذ رأى مجلس القيادة أن يضطلع بعض قادة الثورة بأعباء الحكم، وتحمل مسؤولياته، ودخل، في الوزارة، وزراء جدد هم: حسين الشافعي للحربية، وحسن ابراهيم، وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية، ومحمد عوض محمد للمعارف، وعبد الحميد الشريف للمالية، وحسن مرعي للتجارة والصناعة، وجندي عبد الملك للتموين وخرج من الوزارة السابقة: عبد الجليل العمري، وحلمي بهجت بدوي، وعلي الجريتلي، وعباس عمار، ووليم حنا، وحسن بغدادي، وخرج سليمان حافظ من منصبه “مستشار رئيس الجمهورية”.[3]
وفي 31 أغسطس 1954، قرر مجلس قيادة الثورة قبول استقالة عبد الحميد الشريف، وزير المالية، ومحمد عوض محمد، وزير المعارف، وإجراء التعديلات الآتية في الوزارة.
تعيين جمال سالم نائباً لرئيس الوزارة، وفتحي رضوان وزيراً للمواصلات، وحسين الشافعي وزيراً للشؤون الاجتماعية، وكمال الدين حسين وزيراً للمعارف، وعبد الحكيم عامر وزيراً للحربية، مع احتفاظه بمنصب القائد العام للقوات المسلحة، وأنور السادات وزير دولة، وعبد المنعم القيسوني وزيراً للمالية والاقتصاد. وفي فبراير 1955 عُين حسن ابراهيم، وزيراً لشؤون الإنتاج، علاوة على عمله وزير دولة لشؤون رياسة الجمهورية. وفي 2 سبتمبر 1954 صدر مرسوم بإطلاق اسم وزارة التربية والتعليم على وزارة المعارف العمومية.
أن أزمة مارس لم تكن وليدة اللحظة أو نتاج تطور طبيعي للأحداث في تلك الفترة، ولكن جذور الأزمة في حقيقتها ترجع الى ما قبل نجاح ثورة يوليو… ووقتها، اتفق بعض قادة الحركة على أن يتصدر المشهد ضابط من أصحاب الرتب العالية ويلقى قبول الجماهير واحترامها ووقع الاختيار على محمد نجيب ووافق محمد نجيب على ذلك متحملًا العواقب التي كان يدركها جيدًا حال فشلهم، ولكن بعد نجاح الثورة اكتسب محمد نجيب شعبية كبيرة بين الجماهير، كما امتلك سلطات واسعة، حيث كان وقتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس قيادة الثورة، وهو ما جعل في حوزته سلطات لم يتجمع مثلها لشخص واحد من قبله.
بالاضافة لذلك اكتسب نجيب شعبية جارفة باعتباره قائد الثورة الذي أنقذ الشعب المصري من عهد الظلم والطغيان, وأصبح امل البلاد في تحريرها من الاحتلال البريطاني الذي كان قائمًا حتى وقتها.
و منذ منتصف عام53 بدأ مجلس قيادة الثورة بقيادة ناصر في محاولة إزاحة محمد نجيب عن السلطة بعد أن استنفد أغراضه منه ، وكانت أولي الخطوات لتحقيق ذلك هي السيطرة علي مقاليد الأمور في القوات المسلحة باعتبارها العامل الحاسم في أي صراع، ولذا حرص عبدالناصر قبل إعلان إلغاء الملكية وقيام الجمهورية في مصر في18 يونيو53 ، أن ينتزع قيادة القوات المسلحة من محمد نجيب كي يتولاها الرائد-وقتها- عبدالحكيم عامر، وبرغم المعارضة العنيفة التي واجهها عبدالناصر من اللواء محمد نجيب وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة – خاصة عبداللطيف البغدادي- لهذه الترقية ، فإن عبدالناصر لجأ إلي كل الطرق والوسائل حتي نجح في فرضها على محمد نجيب، وكان أول قرار وقعه محمد نجيب بصفته رئيسا للجمهورية هو الأمر الجمهوري رقم1 بتعيين عبدالحكيم عامر قائدا عاما للقوات المسلحة مع منحه رتبة اللواء.
وخلال الشهور التالية نجح عبدالناصر بالاشتراك مع عبدالحكيم عامر في تكوين مجموعات من الأعوان و الموالين لهم في مختلف أسلحة الجيش، وقد قامت هذه المجموعات بأخطر الأدوار في أزمة مارس54 اذ قاوموا كل قرار يهدف إلي حل مجلس الثورة أو إعادة الدستور والحريات والحياة النيابية إلي البلاد .
بداية الأزمة
بدأت الأزمة يوم 23 فبراير ، بالرسالة التي بعثها اللواء محمد نجيب إلي مجلس قيادة الثورة يوم الثلاثاء23 فبراير54 وكانت تتضمن استقالته من جميع المناصب التي يتولاها ، وقدم نجيب استقالته بعد أن أيقن ان استمراره رئيسا للجمهورية ورئيسا لمجلس الثورة ورئيسا للوزراء أصبح أمرا مستحيلا بسبب التجاهل وعدم الاحترام من مجلس قيادة الثورة، كما كان يعاني من هموم كثيرة كشف الستار عن بعضها في الصفحتين187,186 من مذكراته( كلمتي للتاريخ) وكلها أسباب تتعلق باستغلال النفوذ وسحب أموال الدولة وبعثرتها كمصاريف سرية وصرفها دون حساب وتوزيع بعضها علي الأصدقاء والأنصار مما يفسد ذمم الضباط وضمائرهم
بعد أن عقد مجلس الثورة عدة جلسات اتخذ المجلس في الساعة الثانية من صباح يوم الخميس25 فبراير قراره بقبول استقالة محمد نجيب وتعيين عبد الناصر رئيسا لمجلس الوزراء ورئيسا لمجلس قيادة الثورة علي أن يبقي منصب رئيس الجمهورية شاغرا لحين عودة الحياة النيابية للبلاد .
وفي اليوم التالي لإعلان تنحية محمد نجيب قام النقيبان أحمد المصري وفاروق الأنصاري والملازم اول محمود حجازي من الضباط الأحرار بسلاح الفرسان بدعوة ضباط الفرسان الي اجتماع عام يوم الجمعة26 فبراير, وفي الساعة السادسة مساء تجمع ما يربو علي مائتي ضابط ولم يحضر الاجتماع خالد محيي الدين عضو مجلس الثورة لفشل الضباط في الاتصال به كما غاب عن الاجتماع في بدايته حسين الشافعي مدير سلاح الفرسان وعضو مجلس الثورة ولكنه حضر اثناء انعقاده ، وعندما وصلت انباء اجتماع ضباط الفرسان الي عبد الناصر اثناء وجوده في القيادة العامة بكوبري القبة التي تواجه معسكر سلاح الفرسان مباشرة توجه في شجاعة وبدون تردد الي مقر الاجتماع.
وخلال اجتماع عبد الناصر بضباط الفرسان بعد ذهابه اليهم دار الحوار حول موضوعين اساسيين كان اولهما هو التصرفات الشخصية المعيبة لبعض أعضاء مجلس الثورة وكان ثانيهما هو قضية الديمقراطية والإصرار علي عودة محمد نجيب وذكر عبد الناصر للضباط في نهاية الاجتماع انه سيتوجه الي القيادة العامة لعقد اجتماع مجلس الثورة وعرض مطالب ضباط الفرسان عليه وعقد عبد الناصر بالفعل اجتماعا لمجلس الثورة حضره جميع اعضائه بمن فيهم خالد محيي الدين وروي عبد الناصر للمجلس تفاصيل ما دار اثناء اجتماعه بضباط الفرسان. وفي الساعة الثالثة من صباح يوم السبت27 فبراير54 توجه عبد الناصر وبرفقته خالد محيي الدين الي سلاح الفرسان حيث اعلن علي الضباط المجتمعين القرارات التي اتخذها مجلس الثورة وهي:
اولا ـ حل مجلس قيادة الثورة وعدم عودة اعضائه الي صفوف الجيش
ثانيا ـ اعادة محمد نجيب رئيسا لجمهورية برلمانية.
ثالثا ـ تعيين خالد محيي الدين رئيسا لوزارة مدنية علي أن يعيد الحياة النيابية في اقرب وقت ممكن.
رابعا. استقالة عبد الحكيم عامر القائد العام من منصبه وترك الحرية لخالد محيي الدين لتعيين قائد عام بدلا منه.
وتوجه خالد محيي الدين وبرفقته ثلاثة من الضباط الي دار محمد نجيب في الزيتون حيث أيقظه من نومه وأبلغه بقرارات مجلس الثورة .
بعد فترة قصيرة، وعندما علم بعض ضباط الصف الثاني من الضباط الأحرار وبعض الضباط الآخرين بقرارات المجلس حتي اعلنوا رفضهم الاستجابة لها ولمَّا ادركوا اصرار اعضاء مجلس الثورة علي تنفيذها ثارت ثائرتهم واعلنوا عزمهم علي تدمير سلاح الفرسان واحتجزوا اعضاء مجلس الثورة في غرفة الاجتماعات واضعين حراسة منهم علي بابها لمنعهم من الخروج.
وفي نفس الوقت وبطريقة عفوية تجمعت حشود هائلة من المواطنين وسط العاصمة في مظاهرات صاخبة كان يقود معظمها عناصر من الإخوان المسلمين ـ برغم ان معظم زعمائهم كانوا في السجون والمعتقلات بعد صدور القرار بحل جماعتهم في13 يناير54 ـ وكانت الجماهير تهتف( محمد نجيب أو الثورة).
وفي نفس الوقت عمت المظاهرات شوارع الخرطوم وبعض المدن السودانية وهي تهتف( لا وحدة بلا نجيب) وفضلا عن هذه المظاهرات الشعبية العارمة تأزم الوضع في الجيش مرة أخري اثر اعتقال ضباط من سلاح الفرسان بعد ان طلبوا حضور وفد منهم الي القيادة العامة للتفاهم معهم فإذا بالأمر يصدر باعتقالهم وسرعان ما وجه لبعض ضباط سلاح الفرسان انذارا بأنه اذا لم يفرج عن زملائهم فإنهم سيقصفون بمدافع دباباتهم مبني القيادة المواجه لثكنات الفرسان، ولم يجد صلاح سالم بدا من تبليغ الاذاعةببيان أذيع في الساعة السادسة مساء يوم27 فبراير54 كان نصه: حفاظا علي وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته علي ذلك.
وعلي الرغم من البيانات والتصريحات التي كانت تملأ اعمدة الصحف بعد انتهاء ازمة فبراير54 والصادرة من محمد نجيب وعبد الناصر وبعض اعضاء مجلس الثورة والتي كانت تتحدث عن توحيد الكلمة ونسيان الماضي وكيف اصبح قادة الثورة قلبا واحدا ويدا واحدة فإن واقع الحال كان يخالف ذلك تماما
وعلى الرغم من ان عبد الناصر كان يمسك بين يديه بزمام السلطة الفعلية في البلاد بعد ان أسند اليه مجلس الثورة اثر استقالة محمد نجيب رئاسة مجلس الثورة ورئاسة الوزارة فأن هذه السلطة كانت مهددة بالانهيار. بعد أن أصبح محمد نجيب اعظم قوة وأشد بأسا من ذي قبل ودانت له زعامة مصر بلا منازع، وأصبح يُستقبل في كل مكان استقبال الأبطال .
وفي اجتماع مجلس الثورة يوم25 مارس54 برئاسة اللواء محمد نجيب تقدم عبد الناصر والبغدادي باقتراحين كانا علي طرفي نقيض ؛ كان اقتراح عبد الناصر يتضمن حل مجلس الثورة وعودة الأحزاب وتسليم البلاد لممثلي الأمة الشرعيين وكان واضحا ان بنوده كانت تتضمن التطرف المتعمد والمغالاة المقصودة للإيحاء بأن الثورة سوف تنتهي وان نظام الحكم السابق علي الثورة سيعود بكل مفاسده وشروره بينما كان اقتراح البغدادي علي العكس اذ كان يعني الغاء قرارات5 مارس والنكوص عن طريق الديمقراطية واستخدام الشدة والعنف ضد كل من تسول له نفسه الوقوف في طريق الثورة .
وعند التصويت فاز اقتراح عبد الناصر بالأغلبية اذ حصل علي ثمانية اصوات ضد اربعة اصوات وكان الهدف الحقيقي من إقرار اقتراح عبد الناصر هو تحريض الجيش واثارته علي اعتبار ان الهيئات والطوائف المدنية المعادية للثورة تريد تصفية الثورة وإعادة الجيش الي ثكناته مما كان يعني حرمان العديد من الضباط من امتيازاتهم ، بالإضافة الي ذلك تحريض الطبقات العاملة واستفزازها بالإيحاء لهم بأن تنفيذ قرارات25 مارس يعني الغاء الثورة وعودة نظام الحكم السابق مما يهدد هذه الطبقات بزوال قوانين العمل والضمانات التي اوجدتها الثورة للحفاظ علي حقوق العمال.
وكانت القرارات التي اتخذت هي:
1- السماح بقيام أحزاب.
2- مجلس قيادة الثورة لا يؤلف حزباً.
3- لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لا يكون هناك تأثير علي حرية الانتخابات.
4- تنتخب الجمعية التأسيسية انتخابا حرا مباشرا، وتكون لها السيادة التامة والسلطة الكاملة، وتكون لها سلطة البرلمان كاملة، وتكون الانتخابات حرة.
5- حل مجلس قيادة الثورة يوم 24 يوليو 1954 باعتبار الثورة قد انتهت، وتسلم البلاد لممثلي الأمة.
6- تنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها .
وفي اليوم التالي وجهت القيادة العامة للقوات المسلحة اسلحة الجيش وتشكيلاته لعقد اجتماعات عامة لضباطها واصدار القرارات بتأييد بقاء مجلس الثورة والمطالبة بإلغاء قرارات25 مارس فورا .
في يوم28 مارس شهدت مصر اضخم حركة اعتصام واضراب منذ ثورة1919 وذلك بتوجيه من هيئة التحرير، وأصيبت حركة المواصلات في القاهرة منذ الصباح بالشلل التام نتيجة القرارات التي اتخذها اتحاد نقابات عمال النقل المشترك برياسة صاوي احمد صاوي الذي شاركهم فيه عدد كبير من النقابات العمالية الاخري وعاشت القاهرة48 ساعة بدون مواصلات، (وقد اعترف عبد الناصر لخالد محيي الدين كما ورد في الصفحة350 من كتابه( الآن اتكلم) عن مسئوليته في تدبير احداث ازمة مارس كما يلي: وقال عبد الناصر بصراحة انه رتب احداث ازمة مارس وتحديدا اضراب عمال النقل وما لحق به من اضرابات ومظاهرات عمالية ان ترتيب هذه الأحداث كلفه اربعة آلاف جنيه) . ..
وفي منتصف الساعة السابعة مساء الاثنين29 مارس عقد الرائد صلاح سالم وزير الإرشاد القومي مؤتمرا صحفيا بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة اعلن خلاله ان مجلس الثورة قرر حمل المسئولية كاملة علي عاتقه واتخذ القرارات التالية:
اولا: ـ إرجاء تنفيذ القرارات التي صدرت يوم25 مارس حتي نهاية فترة الانتقال.
ثانيا: ـ يشكل فورا مجلس استشاري يراعي فيه تمثيل الطوائف والهيئات والمناطق المختلفة ويحدد تكوينه واختصاصه بقانون. وفي مساء يوم السبت17 أبريل عقد مجلس الثورة اجتماعا برياسة عبد الناصر واتفق رأي المجلس خلال هذا الاجتماع علي ان يكتفي اللواء محمد نجيب برياسة الجمهورية فقط وان يتولي عبد الناصر رياسة الوزارة بدلا منه. وكانت تنحية محمد نجيب من رئاسة الوزارة بمثابة تنحيته عن السلطة تماما وانتهت في الواقع الرحلة الأخيرة من مراحل الصراع علي السلطة بينه وبين عبد الناصر ،وظل محمد نجيب ساكنا في مكتبه بقصر عابدين دون أية سلطة او نفوذ انتظارا لمصيره المحتوم.
وبالفعل في14 نوفمبر54 أصدر مجلس الثورة قرارا بإعفاء محمد نجيب من منصب رئيس الجمهورية علي أن يتولي مجلس الوزراء سلطات رئيس الجمهورية كما صدر قرار بتحديد إقامة محمد نجيب خارج القاهرة وحرمانه من حقوقه السياسية لمدة عشر سنوات وظل محمد نجيب محدد الإقامة في استراحة السيدة زينب الوكيل بالمرج لمدة18 سنة ..!!
Discussion about this post