دراسة لقصيدة أحقاد مسيلمة لعصام سامي
بقلم الدكتور حمزه علاوي مسربت -العراق .
أحقادُ مسيلمةٍ تـترَى
تغتالُ زهورَ الحريةْ
يا كلَّ الأفئدةِ السودا
الأفعى ليست بهويّة
حطّم في القيد ولا تركع
ولتلقِي على المجدِ تحيّة
**
الشمسُ ستسطعُ يا وطني
وتبددُ ليلًا نحياه
لن نخشى بشرًا أو حجرًا
لن نركعَ إلا لله
سنمرُ على الوجعِ الدامي
ونزيلُ لهيبَ المأساه
**
يتبارى الأعداءُ بعزمٍ
كي يُـمحَى مجدُ عروبتنا
ويصيرُ التاريخُ حكايا
تبكي أطلال مدينتنا
لكنِّي باقٍ يا وطني
وبكفي تشدو رايتنا
والحلمُ يرفرفُ من حولي
ولتعلو شمسُ عقيدتِنا
حملت قصيدة الشاعر (عصام سامي ) عنواناً له امتدادات تاريخية ، حفلت باحقاد شخصية ماضوية لها حضور ينسل من كلماتها الضغينة والكراهية . جاءت احقاده متواترة ، متتابعة على فترات ؛ وهذا يدل على تواصل الغل وانحداره من زمان مضى إلى حاضر يعيش اللحظة التي تضمر الحقد وتتربص الفرصة لأيقاع الضرر -الأغتيال- بالآخر . يستخدم الشاعر مفردات الحقد والأغتيال للدلالة على البعد النفسي للشاعر وما يعانية من وجود أمثال مسيلمة في عالم اليوم . تتموقع الأبعاد النفسية مابين الاضمار -الحقد- والاظهار -ايقاع الأذى بالذات الآخرى ؛ وهذا ما يجسد ثنائية الظاهر والباطن التي تعمل على استفزاز الأبعاد الحسية والإدراك الذهني للصورة الناتجة عن ذلك . لازالت هذه الأحقاد تقتات على خبز الفقراء .. على رغيف الحرية .. يوظف الشاعر ثنائية البغض والحرية ، إنه الطباق اللفظي الذي يعمل على خلق ديناميكية النص ، ويتخذ الشاعر منها رمزاً دلاليا للصمود والكفاح ضد هذه الأغلال التي تعشعش على رؤوس الكادحين . جعل من الزهور رديفاً للحرية ، الأحقاد رديفاً لمسيلمة التي اتخذها معادلا موضوعيا لسلسلة الصور الشعرية ؛ هذه الأرداف توازن واقع الأحداث في بنية النص . يخاطب الأفئدة السوداء والبغضاء ، ويظهر لهم أن الأفعى تسير وتفعل بلا هوية ،إنها دلالة التخويف ، المكر والغواية . يعتمد الامر كدلالة نصح وإرشاد للآخر ، يستخدم الكناية للتعبير عن الحرية من خلال تحطيم القيد ، ونيل الشموخ ، ورفض الركوع للأحقاد ؛ كل هذا يشير الى التحدي ومواجهة الصعاب بنوع من الحماسة والابتعاد عن التعاسة ، ورفض الانتشاء من كأس قد فاض خداعا وسقامة . يتضمن خطابه الشعري وعدا لمن يضحي ويصمد ، باعتلاء منصة المجد وأداء التحية . يتخذ من الترادف اللفظي تناغماً حماسياً وموسيقيا من خلال لفظتي -المجد والتحية .
**
يتحدث الشاعر بإيماءة الماضي والحاضر ويتأمل المستقبل لتغيير ما أحتفل به الماضي والحاضر من معاناة . يتخذ من الشمس دلالة التحرر والحرية ، ومن الليل دلالة الظلم الجاثم على العقل. يوظف الشاعر الشمس -الضوء-والليل -الظلام-لخلق حركة درامية محفوفة بتعاقب زمني . يستخدم تكرار أداة النفي ليؤكد نفي الذات مستقبلا للخوف والركوع للذل بإستثناء’ الله ‘ ، فهاتان الصفتان تدلان على الاستفزاز الروحي والنفسي ، وطفح الدوافع المكبوته في عمق القرار ، فضلا عن الشعور الواعي بما سوف يدور على جادة الطريق الصحيح ؛ كل ذلك يدل على العزم والثقة في نيل المطالب ا . يقر بوجود الوجع واستمراره الذي ينهش الفكر ويحاصره باصفاد الخوف ،ثم يؤكد المرور به مستقبلا ويطفىء شرارة الأسى . يتخد النظير اللفظي نافذة تفتح جمالية النص وتحلحله مابين الوجع والمأساة : الدامي ولهيب الحقد .
**
يرسم الشاعر صورة شعرية يبحر المتلقي عبر سكون ملامحها ما بين البناء والفناء ؛ بناء مجد تمتد آفاقه إلى ماض تفخر به العروبة ، وفناء تسطره أيادي تتسارع إلى تحطيم هذا المجد ، ويصبح التاريخ مجرد حكاية تمتد على أرض تسحرت من الاطلال ، ولم يعد للدرب شاهد دلالة ؛ إنه صراع الوجود ما بين الأحقاد والأخيار . يخاطب الشاعر وطنه ، ويستدرك بقاؤه ؛ إنه الصبر والتحدي والتشبث بالهوية رغم ما مرسوم على خارطة الوجود من علامة لنهاية الحكاية . يختتم الشاعر قصيدته بتوافق شموخ الشمس والراية ؛ ما بين رفرفة الراية – السور لبلاده- واشعاع الشمس -النور لطريق الحضارة ، وهذا ما يمنح النص الايقاع الموسيقي والحركة الفضائية التي تجوب مدارات البلد ؛إنها الحرية .
Discussion about this post