ﻋﺒﻴﺮ عزاوي
قراءة في قصة الأستاذة عبير عزاوي .
القديس.
تعالق الزمان والمكان ودورهما في بناء تراجيديا الشخوص في القصة الرًمز .
منذ البدء تضع القاصة المتلقًي في إطار مكانيً يتقابل فيه الداخل مع الخارج .بدلالات كونيّة ثابتة منذ الأزل .مكان يرزح تحت الثنائيات الحادة .الداخل بخضرة وجمال وتاج يزينها .والخارج احجار مدببة كنبال أو رؤوس افاع ..هذا التًشبيه التًمثيليً حرًك المشهد من السًكون والأمن والجمال إلى القبح والخطر والأذى خاصًة وأن الاحجار والصخور تفصل بين المدينة والجبل رمز الصًمود والجمال والعطاء والشًموخ والحماية لتدخل الشخصيًة على الخطً وتكون حاملة استباقيًا لمعاناة إضافية “ثوبه الرًقيق لا يحميه من البرودة “التي تبشًر بشتاء بلا قلب .اي شتاء قاس متجبًر متجانس في استشراف فعليّ تصعيديً مع الأفاعي من حيث الخطورة والأذى. ليتعالق الزمان والمكان في تنمًر يدفع القدًيس إلى أن “يولي المدينة ظهره…”فارًا منها في وضعية المفعول لا الفاعل.هذه الشخصية المأساويًة بمنطق أرسطو خاملة الاسى والضًنى شخصيًة مأساويًة تراجيدية ضعيفة مسيًرة في وضعيًة اقرب إلى الشًقاء منها إلى السعادة بمسبًبات بعضها ذاتي “لباسه خفيف لا يقيه من برد شتاء سيكون بلا قلب ونعله ليس مناسبا للسفر في هذه الظروف إضافة إلى الظلام الذي بدأ يهجم على مكان موحش والمعضلة الأشد أنه دون زاد ولا ماء “كلً ما حمله حبل وموسى” المتاع دلالات وظيفيًة يمكن تقسيمها إلى قسمين لا يمكن تصنيفها الاً ضمن سجل العدم والهلاك:
_الاوًل :دفاعي وقائي خاصًة والمكان موحش ممتد منفتح على كلً المخاطر التي قد تتصدًر عرقلة سعي القدًيس لبلوغ هدف من أجله ترك المدينة .
الثاني :هجومي عدائيً بوضغية القسً المتازًمة الًتي قد تدفعه إلى الإجرام لضمان البقاء خاصًة أنًه دون زاد اي مهدًد بالفناء وقد يدفع إلى أذى النًفس نفسه إذا ما استبدً به اليأس فيكون الانتحار بالحبل أو بالموسى.
..الوضعية مأساوية جدا اذا ربطناها بالمكان الحاضن والطريق الذي “بدأ يضيق ويضيق أكثر للشخصية ” والذي يتعالق مع الزمان المظلم ليطبق على شخصية هشة متوترة وحيدة في خضمً طبيعة متنمًرة متوحًشة . تقول الكاتبة ” الظلام الذي بدأ يتسلًل من خاصرة النًهار ويملأ الأفق الغربيً زاد الطريق وحشة. الأشجار التي تكاثفت لتصير غابة بدأت تقسو وتتجهًم.” ليكون الايهام بالانفراج “فتحة في شق…”
فالقديس يغادر مجبرا أصله وفصله وماضيه وحاضره وامنه بطبيعة متنكرة وزمن موحش.
.هو قديس لكن وبتنزيل النصً في إطاره الرًمزي فقد صورت لاجئا فارّا من عذابات مدينة ملغًمة أطرافها، تقف على كفً عفريت.يخرج تاركا خلفه كلً. شيء .
الكاتبة سحبت القارئ ليغوص في الشخصية من خلال أفعالها واحاسيسها ورد فعلها على المتغيرات حولها .
صورت الأحداث من منظاره ومعاناته النفسية والمادية خاصًة وان الزمن ينظمً إلى الضًاغطات استباقيا “له موعد عليه إلا يخلفه” تشويق للقارئ خاصة وأن محتوى الموعد ظل مجهولا وقد يتوقف المتلقي عند هذا الحد فيرى بارقة أمل في انفراج ينقذ الشخصية من كم الهمً والغمً الذي غرق فيهما .
الحدث القادح الذي عطًل سير البطل نحو الانفراج “صوت غزالة تلد أو لسنور عالق في شقّ شجرة” الشخصيًات المفترضة معقولة اي من مؤثثات المكان.لكن الكاتبة غيرت المنطق والمعقول بما يشذً عن المألوف .
والأمر ليس إلا تمهيدا لصدمة تباغت القديس ومنه القارئ “امرأة مكدسة موثقة ملفوفة في السواد” هي المراة هي الام هي اصل السلف والخلف .لكن هذا المعنى الطاغي البارز المعلوم المعروف سيتهاوى أمام رمزية أخرى هي صنو المدينة التي تركها القديس خلفه ..هي المآل الحتمي لوضعية موطن تركه بين المخالب والسموم والسواد والبرد .
هو المدينة المقيدة المكبلة العاجزة تحت وطأة الفاسدين .هي المدينة التي وفرت الماء والزاد تقول الكاتبة”على مقربة منها، أمام عينيها و قريب عن متناولها قربة ماء وطعام لم يمس، طعام متنوع يعرف بعضه وكثير منه لايعرفه”
هي خيرات الوطن تنهب وتسلب وتكدس بعيدا عنها وهي مقيدة.
لقاء المرأة بالقديس هو لقاء العاجز بمن هو أعجز منه .ورعه وطهره وصدقه لم يبرئه من تهمة الزنا وقرار الرجم والعنف والعقاب حماية لعرض مشوّه موبوء .وضعيًة صوّرتها الكاتبة بمهارة قصوى وبمشهديًة تقبض النًفس وتحيل على سلوكات وقرارات مثًلت واقعا وثًقته الاديان والمعتقدات والمذاهب على أنّه عقاب يمليه الدين وما بالك اذا كانت التهمة كيدية ..ردود فعل همجية أمام قديس عاجز عن كشف الحقيقة وتبرئة المرأة الرمز لتكون الخاتمة مفتوحة على شر كبير .في تناص شكلي مع سفينة نوح التي أنقذت قلة قليلة لتظل المرأة ترجم وتعاقب وتقتل ويفر من من المفروض أن يكون ذا سلطة دينية وربما ذكورية في مقابل انثى بدت أكثر شجاعة وإيثارا من القديس الذي استحسن الهروب “زورق يتسع لشخص واحد” الزاميًة تشويقيًة كيديًة أرادت منها الكاتبة أن تبرز أفضلية المرأة العادية على الرجل وان كان قديسا .
وما العنف والرجم والضرب الا همجية وتطرفا في حق وطن وارض وعرض يدنس ويرجم .
الكاتبة شحنت النص بكم من معجم العنف والفوضى والانتقام والاستغلال المجحف
القصة كتب بوجع دفين عميق يثير مكامن اليأس من غد أفضل .
_السرد وفنياته :
القصة من الناحية الفنية السردية ، فقد انطلقت الكاتبة في رصّ توتًرات الحبكة القصصية رصًا تصاعديًا بدءا من “غادر مدينته …مرورا بالمرأة المكوًمة وانتهاء بالهروب في الزورق والمرأة ترجم .
لإن اطنبت الكاتبة في الوصف مكانا وزمانا وشخصيًات معتمدة كل أساليب الوصف من نعوت وأحوال وأفعال ومشتقات فقد كان للحوار المباشر دور في الكشف عن باطن الشخصيات وما يعتمل في ذهنها من نوازع الخوف أو الدهشة أو الحيرة والتوجس..ورغم أنً الوصف في القصة القصيرة يعطًل التصعيد الحدثي ويرهًل التكثيف ويجعل القارئ يقفز بعض جمل الوصف بحثا عن حدث قادح أو وضعية تخلصه من قلق معرفي استكشافيً يخدم الحبكة ويسير بالحدث نحو التأزم .أو ختام يوفر الانفراج المنشود أو الاسيًة المبيًتة . لكن الوصف في هذه القصة أراه مقصودا من الكاتبة والغاية هي الإلحاح على وظيفية المكان والذي هو الأصل في القضية الحدث لذا فالساردة قد تدرجت في الوصف من الهدوء إلى الاضطراب ومن الأمن إلى الخوف ومن السلام إلى الخراب ومن الجمال إلى القبح “رؤوس افاع…الشًتاء الًذي يقترب سيكون دون قلب..” المستقبل القريب استباق يهيء القارئ إلى ما هو اسوا..
قصًة بترميز يكشف المغزى من القصًة والهدف من تصوير الكاتبة لهذه التًجربة الًتي تموًه عمًا في النًفس من وجع وخوف على وطن تخرًبه السًموم وتغلًفه الهموم . تنهب خيراته ليظل ابناؤه دون زاد ولا ماء ولا ما به العيش يطيب
حبيبة المحرزي
…….
القصة.
القديس.. عبير عزاوي
غادر مدينته، أغلق الباب وراءه بهدوء، ويمم وجهه شطر الجنوب، وقف على التلة المقابلة للمدينة، يتأملها لآخر مرة، بدت له مهيبة وهي تمتد على سفح الجبل، يحيط بها الغيم مثل تاج أبيض هش وتحته قمم الأشجار خضراء داكنة تحركها ريح خفيفة فتتمايل كأنها في حضرة هادئة،
الصخور المدببة التي تحيط بالمدينة وتفصل بينها وبين قمة الجبل تبدو مسنونة كحراب، خيل إليه للحظة أنها تتحرك، وتتلوى كرؤوس أفاع، ارتسم تحتها نهر من زرقة هاربة من بياض الغيم المنهمر على الجبل، النسمات الباردة تهب من الشمال، تتغلغل في ثنايا ثوبه الرقيق باهت اللون، وتنفلت لتباغت المدينة وتتسرب من شقوق سورها المنيع، ثم تشتد فيما وراء السور مما يوحي بأن الشتاء الذي يقترب سيكون بلا قلب.
زفر من صدره زفرتين حارتين أخرجتا القشعريرة التي سببتها النسمات العابرة، ثم ولى ظهره للمدينة المتهيئة للدخول في طقس سباتها الليلي. وأغذ السير.
قدماه تنتعلان حذاء خفيفا مفتوحا ليس مناسبا كثيرا للمشي الطويل، يداه خاليتان من أي كيس طعام أو قربة ماء. كان فقط يلف خصره بقطعة حبل تتدلى من أسفلها سكين صغيرة.
الظلام الذي بدأ يتسلل من خاصرة النهار ويملأ الأفق الغربي زاد الطريق وحشة. الأشجار التي تكاثفت لتصير غابة بدأت تقسو وتتجهم ولكنه كان يسرع غير عابئ بشيء فهنالك موعد بانتظاره ولابد أن يصل .
ولولا ذلك الصوت الذي شق عليه سكون ورهبة المدى المتسع لما توقف لحظة.
صوت أنين رفيع يبدو لحيوان يتألم خمن أنه لغزالة تلد أو لسنور عالق في شق شجرة.
توقف، أجال بصره في الأرجاء ،حدسه ينبئه أن الأمر على غير مايفكر به. وبسرعة غيّر وجهته وتوغل في طريق فرعي ضيق أخذ يضيق أكثر ثم انفتح فجأة على فرجة بين جبلين، في جانب من الفرجة كان ثمة صخرة تسد الطريق، بدا عندها الصوت أوضح مايكون، أنين متقطع وصوت لهاث وأنفاس متلاحقة، ميزها وأيقن أنها بشرية بلا أدنى شك.
دار حول الصخرة حتى انتهى الى طرفها الملتصق بقدم الجبل فوجد كومة بلا ملامح مرمية ومغطاة بعباءة سوداء .اهتز قلبه وتوجس أن يكون الشيطان قد تنكر له بهذه الهيئة ليثنيه عن موعده. لكنه لم يستسلم لهواجسه ..اقترب بهدوء وتمتم كلمات من سفره المقدس، ثم رفع الغطاء الأسود فوجد تحته امرأة عارية إلا مما يستر عورتها، خيل إليه أنها تلفظ آخر أنفاسها، و على مقربة منها، أمام عينيها و قريب عن متناولها قربة ماء وطعام لم يمس، طعام متنوع يعرف بعضه وكثير منه لايعرفه، أخذه العجب من حالها، لكن استغرابه. لم يطل فسرعان ما اقترب منها ببطء وتوجس، تحسس الحبل الذي يوثق يديها بالصخرة فبدا سميكا محكم الربط .رفع رأسها فتناثر شعرها بعيدا عن وجهها الأبيض الذي غار ماؤه وشحبت شفتاه وتيبست وعلا من صدرها صوت الأنين.
فتحت المرأة عينيها وأغمضتهما مستسلمة للإغماء وطيف همسة يلوح على شفتيها المشققتين.
سارع بحمل القربة ونقط منها على وجهها، وبلل شفتيها، ثم استل السكين وقطع الحبل فارتمت متمددة على الأرض الصخرية تناول العباءة وغطاها، ثم وضع القربة على فمها وسكب الماء فشربت حتى دلق الماء من فمها. عيناها تنفتحان ببطء، رموشها الطويلة تنسدل على أعلى خديها ثم ترتعش وترتفع حتى استكملت فتح عينيها ووعت ماحولها، انتفضت وسحبت العباءة لتستر نفسها مستندة إلى الصخرة حيث كانت مربوطة.
سألها برفق:
من أنت؟!
من أين أتيت؟!
هل أنت لوحدك؟
أغمضت عبنيها وتمتمت بذهول:
– إليه وحده يتجه قلبي، خطوات الطريق تحملني إليه وزادي نظرة من وجهه البهي.
وأدارت نظرها صوب الجنوب
– من ألقى بك هنا ؟ أين تتجهين؟!
– هو وحده وجهتي وله فقط يهفو قلبي.
وبدت عيناها سابحتين في ملكوت الرب، النظرات الهائمة التي يعرفها والسطوة ذاتها التي تجعل قلبه معلقا بأفق السماء.
قال لها :
– قومي واتبعيني
– لايريد قلبي سواه،
هل تدلني على طريقه؟
أغضى طرفه وتمتم :
– قلبك يدلك أو لا أحد. انهضي وسيري خلفي وعندما نصل سأرشدك للطريق.
اشتملت المرأة بعباءتها وأخرجت من جيبها منديلين، حملت بعض الطعام مما كان قربها، بمنديل وربطت رأسها بالآخر . ووقفت متلهفة للمسير
كان الليل قد أسدل أستاره على الخلائق، وغمر الظلام الغابة، فأشعل شعلة وأخذ منها قبسا صغيرا وناوله للمرأة .
سار أمامها وهي تمشي وراءه متعثرة.
أخذ يتمتم بآياته، فبدأت تترنم بمقاطع من أناشيد قديمة تمتدح رب الأرباب، الرب القادر كل كل شيء، الرب الملئ بالحنان والجبروت ، وعندما رأته يكفكف دموعه أمسكت .
في الغابة التي انتهيا إليها وقف قطيع من الذئاب يراقبهما ويستعد للانقضاض لكن وهجا يصدر من شعلتيها يبعدها كلما همت بالاقتراب .
لم تعرف الذئاب كيف يمكن أن تتسلل للموكب الصغير. فثبتت في مكانها تتحفز، وسكن الاثنان دون صوت أو حركة
خبا ضوء الشعلة قليلا واهتزت اليد التي تحملها، فتحرك القطيع للهجوم سقطت الشعلة من يد المرأة، فانقضت الذئاب عليهما، جرها من عباءتها ولف نفسه معها، وأعادها إلى وراء ظهره، ووقف بمواجهة القطيع المهاجم، زاد وهج شعلته، وحين بدا وجهه تراجعت الذئاب منسحبة وركنت أمامهما، تمتمت المرأة بصوت خفيض، بينما التزم هو بصمت عميق ، وأغذ السير مبتعدا بها عن العيون الذئبية المستكينة بشراسة.
عند منعطف التقاء الغابة بالبحر أخرجها وأعاد لفها بالعباءة . ناولها قبسا جديدا.
صاح صوت من يعيد
تلك المرأة عاشقة …عاشقة آثمة …
وما إن رفعت بصرها تستطلع مصدر الصوت حتى كان جماعة من الناس يحيطون بهما ويتعالى الصراخ:
آثمان …زانيان ….
أفسدتما طهر الغابة و لوثتما البحر …
التف الحشد حولهما وضيق الخناق عليهما.. أخذ يرتل أسفاره، ولاذت المرأة بالصمت وعلى جفنيها ظل دمعة انعكس عليها شعاع من الشمس التي ارتفعت من وراء الشجر. ووقع على وجهه فأشرق. سالت الدمعة ونبض في قلبها يقين ووجد …
سرت همهمة بين الحشد ثم تعالت الأصوات
…الرجم … الرجم
سارع بعض الرجال لحفر أخدود يتسع لشخصين، والذين كانوا أشد حماسة راحوا يجمعون الحجارة والحطب .
تقدمت بضعة نسوة من بين الجمع المتحلق و أطبقن عليهما وأخذت أيديهن تتحسس جلديهما من تحت الأسمال وهن يهمهمن بحنق، ابتعدن و اتسعت الدائرة، امتلأت الأيدي بالحجارة ، ثم بدأت تنهال عليهما حارة وحادة كأن بركان حمم انفجر .
من بين الدماء نظرت المرأة في عينيه اللتين تنظران بعيدا خلف البحر، فرأت قلاعا تتهدم، وجيوشا تملأ ساح الحرب، وطيورا تولد مثل فلق الصبح، جفل قلبها وشقه شعاع وجد، خلعت عباءتها وطوحت بها أمام العيون التي شهقت لرؤيتها عارية فتوقف الرجم برهة، حفنت بيديها حفنة من الرمل وذرتها في الهواء فأعمت عيون الواقفين.
ركضت واقتادته العتمة الشفيفة للغابة، كان الصباح قد أفصح.
و عندما وصلا الشاطئ أشارت إلى المركب الخشبي الذي لم يكن يتسع سوى لشخص واحد مسحت بمنديلها الدماء عن وجهه وأومأت برأسها .
أصعدته إلى المركب، دفعته بقوة فأبحر وعندما ابتعد صاحت:
سأنتظرك عند باب المدينة .
تساءل في سره: من أين عرفت المدينة .
كان الحشد الغاضب قد وصل ،وكان آخر مارآه هو أيادي الرجال والنساء وهي تتناهب جسد المرأة العاري وتمزق لحمها وشعرها.
الأسوار تحكم الاطباق على المدينة الهاجعة،
والمرأة التي تنتظر عودته بالشعلة الموعودة تقف أمام الباب الموصود وقد نقش عليه شعار الولاء لقديس جديد
Discussion about this post