… أحلام الغياب
بعد نقاش غير مجدٍ، ترك لي مسافة أمان، أوهام قلبت أوجه الحقيقة، بقي ذاك الملتحف بعباءة الصمت، يزورني في معتقل ذاكرتي، يهديني سحباً لا تمطر، ينتظر ربيعاً من عروقي، التقيته، تزاحمت ذاكرتي بصور الرجال الذين عرفتهم عن قرب أو تعرّفت عليهم عن طريق الصدفة، لم تدلني بوصلتي على ميناء اي رجل منهم، لم تكتشف طاقة تفكيري عن اي صورة، لم يكن يشبه أحداً ممن عرفت، كان قليل الكلام، عيون ترقب بصمت كل ما يدور حولها، نسجت مخيلتي تفسيرات حوله، تعرّت أمنياتي من بعيد … حاول استجرار سكوني كي ينفجر بركان ثورة أنثى، لم تلامس حروفها شغف قلمه، مرت الأيام… من زاوية بعيدة أطلّ نجمه، حاولت التقاط ذاك الوهج، وبحمق أنثوي استجمعت قواي، حاكت عيناي حكاية البوح، فكانت كل نظرة كانها إعلان عن موعد للقاء، لكن متى وأين؟ لا اعرف فحوى ما حصل، ولا قلبي اخبرني، رغم اني أؤمن بحديثه، لكن في احد المرات خاب ظني فيه، عندما اوصلني للمكان الذي أرجوه، ، ترك لي ورقة من عهود معلقة، تجمع عليها الغبار طيلة سنين لاحقة، حتى احرقها.
– لا… لا…،لا أريد أن أتذكر،
هذا مختلف، عصفت رياحه في داخلي فاقتلعت زهور الانتظار، وجها لوجه أمام مرسم جمعنا بأول لقاء، كأنه على موعد معي.
– كيف قرأ أفكاري؟
كيف جاء؟ إلى هنا؟ لا ادري؟!
بكل جوارحي ناديته باسمه، احمرّت عيني الحقيقة، يديه المرتبكتين، صوته المبحوح، كل ذلك يدل على لهفة حقيقية، وصادقة.
راودتني نفسي ان ارفع الحصار عن صمتي، الذي اطبق على بسمتي، ومن ناحية اخرى، لجم ضحكاتي، قررت أن اخبره بتيه الدقائق دونه، بعمق الوجع، دون ادنى اهتمام
منه، او حتى إلتفاتة ، وجدت ذلك البرود المعهود…لملمت شتات حروفي التي كنت قد استجمعتها، استنجدت بصدق عينيه، ببراءة الكلمات، وهي تهطل علي من سماء قدسية، كانت شفتاي ترتعد وهي في حضرته، حقيقة وجوده، كانت ترغب بحياة تعيشها معه ولو من زاوية ضيقة، تشغل حيزاً صغيراً من عالم قلبه، ولو لمرة واحدة، كلما حاصرتني الحياة اتكأت عليه، دون وعي مني،
انتظار في أقبية الفراغ احتاجه دليلا، اثبت قدمي، من خلاله، فالأرض رخوة دونه، اخاف الانزلاق، شددت على يديه محاولة أن اقول له:
– كن معي… في لحظة مجنونة.
سحب يده كالمجنون هارباً من نزيف كلماتي التي لا تتوافق روحة المضطربة، جاءت بنتائج لم تحمد عقباها، تسارعت خطواته مبتعداً، عدت إلى ما كنت عليه احسب أيامي من جديد.
سمية جمعة سورية
Discussion about this post