في مثل هذا اليوم 13 ابريل1204م..
الحملة الصليبية الرابعة تجتاح القسطنطينية..
الحملة الصليبية الرابعة (1202–1204) كانت حملة مسيحية لاتينية مسلحة دعا إليها البابا إينوسنت الثالث. كان هدفها المعلَن استعادة مدينة القدس من أيدي المسلمين، من خلال غزو السلطنة الأيوبية المصرية القوية أولًا، إذ كانت أقوى ولاية إسلامية في ذلك الحين. وصلت سلسلة الأحداث السياسية والاقتصادية إلى ذروتها عندما نهب الجيش الصليبي مدينة القسطنطينية (عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي كان يحكمها مسيحيون) في عام 1204، بدلًا من مصر التي كان التغلب عليها هو المخطط الأصلي.
في أواخر 1202 دفعت مشكلات مالية جيش الصليبيين إلى حِصار زارا ونهبها، وهي مدينة كاثوليكية على ساحل البحر الأدرياتيكي الذي كان تحت سيطرة فينيسيّة. عندما علم البابا ذلك، حرم الجيش الصليبي كنيسيًّا. في يناير عام 1203 عاهدت القيادة الصليبية، وهي في طريقها إلى القدس، الأمير البيزنطي ألكسيوس أنجيلوس على تحويل الحملة الصليبية إلى القسطنطينية وإعادة والده المخلوع إسحاق أنجيلوس إلى عرش الإمبراطورية. صار هدف الحملة الصليبية هو الزحف إلى القدس بعد ذلك، مرتكِزة إلى الدعم المالي والعسكري البيزنطي الموعود. في 23 يونيو عام 1203 وصل الجيش الصليبي الرئيس إلى القسطنطينية، في حين واصلت الفِرق الأخرى (التي ربما كانت أغلبية الصليبيين) طريقها إلى عكا.
في أغسطس عام 1203، بعد حصار القسطنطينية، تنصّب ألكسيوس إمبراطورًا مساعدًا، لكنه خُلع في يناير عام 1204 بانتفاضة شعبية، فلم يكن بوسع الصليبيين أن يحصلوا منه على الأموال الموعودة. بعد أن قُتل ألكسيوس في 8 فبراير، قرر الصليبيون غزو المدينة غزوًا صريحًا. في أبريل عام 1204 نهبوا ثروات المدينة الهائلة واستولوا عليها. بعد ذلك لم يواصل الزحف إلى الأرض المقدسة إلا عدد قليل من الصليبيين.
بعد غزو القسطنطينية قُسمت الإمبراطورية البيزنطية إلى ثلاث إمبراطوريات هي: نيقية وطرابزون وإپيروس. أسس الصليبيون بعد ذلك دولة صليبية جديدة في المنطقة التي كانت قبل ذلك بيزنطية، وسُميت فرانكوقراطية، وكثيرا ما اعتمدت على إمبراطورية القسطنطينية اللاتينية. أدى قيام ولايات صليبية لاتينية من فوره إلى حرب مع الإمبراطورية البلغارية والولايات البيزنطية الوارثة. في الآخر استردت الإمبراطورية النيقيةُ القسطنطينيةَ، وأعادت الإمبراطورية البيزنطية إلى نصابها في عام 1261.
تُعد الحملة الصليبية الرابعة من ما عزز الانشقاق العظيم، وأحدثت صدعا لا جبر له، وساهمت في اضمحلال الإمبراطورية البيزنطية، وقد مهدت السبيل أمام فتوحات المسلمين للأناضول والبلقان في القرون اللاحقة.
حدث حصار ونهب القسطنطينية في في أبريل 1204 وميز ذروة الحملة الصليبية الرابعة. قامت الجيوش الصليبية المتمردة بسرقة ونهب وتدمير أجزاء من القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية. بعد الاستيلاء على المدينة، تم تأسيس الإمبراطورية اللاتينية (المعروفة للبيزنطيين باسم فرانكوكراتيا أو الاحتلال اللاتيني) وتوج بالدوين الأول إمبراطور القسطنطينية اللاتينية في آيا صوفيا.
بعد نهب المدينة، قُسّمت أغلب أراضي الإمبراطورية البيزنطية بين الصليبيين. أسس الأرستقراطيون البيزنطيون عددًا من الدول الصغيرة المستقلة المنشقة، من بينها إمبراطورية نيقية، التي أعادت السيطرة على القسطنطينية عام 1261، وأعلنت إعادة الإمبراطورية. بيد أن الإمبراطورية المُستعادة لم تتمكن قط من استعادة قوتها الإقليمية أو الاقتصادية السابقة، ثم سقطت في نهاية المطاف أمام سلاطين الدولة العثمانية الصاعدة في حصار القسطنطينية عام 1453.
يعد حدث نهب القسطنطينية نقطة تحول رئيسية في تاريخ القرون الوسطى، إذ كان قرار الصليبيين بمهاجمة أكبر مدينة مسيحية في العالم غير مسبوقٍ وأثار الجدل فور اتخاذه. أرعبت وروعت التقارير حول الأعمال الوحشية والنهب الذي قام به الصليبيون العالم الأرثوذكسي، إذ أصبحت العلاقات بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية كارثية طيلة قرون عديدة بعد ذلك، ولم يكن من الممكن إصلاحها بشكل فعلي حتى العصر الحديث.
تُركت الإمبراطورية البيزنطية أكثر فقرًا مما كانت عليه، وأصغر حجمًا، وأقل قدرة على الدفاع عن نفسها ضد الغزاة الأتراك المتعاقبين؛ وهكذا أدت أعمال الصليبيين إلى التعجيل بانهيار المسيحية في الشرق، وعلى المدى البعيد يسرت وسهلت التوسع الإسلامي في أوروبا.
في 12 أبريل 1204، سارت الأحوال الجوية أخيرًا لصالح الصليبيين، عندما أصبح الطقس صافيًا، وصدر أمر بشن هجوم ثان على المدينة. ساعدت رياح شمالية قوية السفن البندقية بالقرب من القرن الذهبي على الاقتراب من سور المدينة، ما مكنها من الاستيلاء على بعض الأبراج على طول السور. بعد معركة قصيرة تمكن نحو 70 صليبيًا من دخول المدينة، وتمكن بعضهم من إحداث ثقوب كبيرة في الأسوار بما يكفي لزحف عدد قليل من الفرسان خلالها في نفس الوقت؛ نجحت القوات البندقية أيضًا في تسلق الأسوار من البحر، على الرغم من خوضهم قتالًا دمويًا شديدًا مع حراس فارانجي.
استولى الصليبيون على جزء بلاشيرناي في الشمال الغربي من المدينة واستخدموه كقاعدة هجومية، ولكن بينما كانوا يحاولون الدفاع عن أنفسهم بإحداث جدار ناري، انتهى بهم الأمر إلى حرق كثير من أجزاء المدينة. هرب الإمبراطور ألكسيوس الخامس من المدينة تلك الليلة عبر بوابة بولياندريو، وفرّ إلى الريف غربًا.
نهب القسطنطينية
نهب الصليبيون القسطنطينية وأحدثوا الرعب والخراب طيلة ثلاثة أيام، سرقت خلالها أو دمرت العديد من الأعمال الرومانية واليونانية القديمة. أُخذت الخيول البرونزية الشهيرة من ميدان سباق الخيل (ميدان السلطان أحمد حاليًا) لتزين واجهة كنيسة سان ماركو في البندقية، وما زالت موجودةً هناك. دمّرت أعمال ذات قيمة فنية غير محدودة لمجرد قيمتها المادية، كما سُرق بعضها. كان أحد الأعمال التي واجهت هذا المصير تمثالًا برونزيًا كبيرًا لهرقل، من صنع النحات ليسيبوس الأسطوري، النحات الشخصي للإسكندر الأكبر. مثل الكثير من الأعمال الفنية الأخرى التي لا تقدر بثمن والتي صنعت من البرونز، صهر الصليبيون التمثال لأجل محتواه!!







Discussion about this post