رؤية نقدية وفنية
في نصوص الشاعر المصري/نبيل حامد
بقلم/عوني سيف ،القاهرة.
—————————————————————–
_النص عند نبيل حامد له تقنيات فنية ، تحتاج إلى ناقد متمرس ، على دراية بما وراء النص أو ما يسمى عبر النصية
“Extre textual”
“لوتمان” استخدم هذا المصطلح للتعبير عن كل العلاقات الخارجة من النص أو الموجودة فيما وراء عالمه.
_ فالنص عند حامد يحتاج لمن يكشف نوعية النسيج أولا ، ثم يغوص في النقوش و الخطوط المتعددة.
فكثير من الأحيان يحتاج النص لأكثر من تفسير و تأويل “Interpretation” و هذه طبيعة النصوص الأدبية شعرا أو نثرا..فمثلاً نص “فراشة” يحمل معني الغزل ظاهرياً ، ولكن سوف نغوص فيه فيما بعد ، لنكتشف شيئاً من وراء النص.
* لكن الآن سنتناول بعض التقنيات في الصورة، عند الشاعر نبيل حامد.
* ها هنا في نص “فراشة” يقول:
فراشة
باكية انت
في الليل الموحش
تنتظرين رجلاً اسطوريا.
_هنا يعطي الفراشة صفة الانسنة “Anthropomorphism”
كأنها حبيبة تنتظر ، أو وطن ينتظر مخلص للشفاء من الآمه.
_ ويكمل في نفس النص:
فيأخذك
علي فخذين كثيفي الشعر
يبرق وجه العالم
ارجوانيا.
– هنا تعبير ” فخذين كثيفي الشعر” له معني عبر النصية ، ربما
يعبر عن قوة المخلص المنتظر.
* وفي نص آخر “الرواة”
يستخدم صورة نقيضة لصورة الفراشة ، حيث أنه ينسب لنفسه صفة الطير “Anti-personificaton” في قوله:
استنبت جناحين
ارفرف في منامتك
حلما بهيجا.
_ يوجد تناص ليس خافيًا ، بين نصي “فراشة” و “حبال العقل”
في انتظار الخلاص مرة أخرى ، فيقول:
الخلاص مازال مختبئاً
تحت تلال وعرة
و آن له أن يخرج
جموع الضالين.
الذاكرة الشعرية لدي نبيل حامد
هي ذاكرة غنية بمخزونه الثقافي المتنوع بين تاريخ البادية و التاريخ الفرعوني والاسلامي وبعض الكلمات ذات الدلالات الدينية ، والطبيعة ، وسوف انتقي بعض الصور ،.
١_ صورة من تاريخ البادية ، في نص “حبال العقل” ، يقول:
حين أمسكت حبل الناقة
ظننتك تعقلها
في الوتد
٢_ صورة من التاريخ الفرعوني في نص “زيرو” يقول فيها:
أين مشرط الجراح
و جثث المومياوات.
٣_ وايضا في نص “لصوص”يقول:
بني مشقوقو الكعوب هرما
غانجت زوجته الغريب
و عندما فكت سروالها….
– هذه صورة جميلة من المخزون الديني و التاريخي عند الشاعر ، يذكرنا بقصة جميل بني يعقوب “يوسف” و هروبه من زوجة عزيز مصر “فوطيفار” عندما راودته عن نفسه.
٤_ صورة أخري في نص “بوح” حين يقول:
اعطني من جنتك
تلك التفاحة
التي ستعلمنا كيف نري الشقاء.
– هنا يستخدم التجسيد “Personification” و كأنه آدم حين يأكل التفاحة يبدأ رحلة الشقاء علي الأرض. هذه صورة رائعة تدل علي ثقافة غزيرة عند الشاعر.
٥_ استخدام صور من الطبيعة و الكون في نص “حبال العقل” فيقول:
و رقصت
رقص الأرض
تدور في السماوات.
– بدون تعقيب هذه صورة جميلة وفريدة مأخوذة من الكون.
هموم والآم معاصرة في شعر نبيل حامد
١- جشع الرأسمالية المعاصرة في نص ” السيد الجديد ” يقول :
السيد الجديد
الذي يعمل لديه الجميع
تجاراً أو عبيد
– ويقول في نص ” صفحة لمماليك جدد”
رغم أنهم احترفوا
الآن
مص العرق
وشقط الجيوب
وتهميش الخيالة….
٢- الحزن على فترات غابرة في تاريخ الوطن
في نص ” من جديد ”
وتعصف أذهاننا
في عراقة الوطن
وتاريخه المضاع
عمداً
٣- سرقة الكنوز ودفائن الوطن
في نص ” لصوص ” يقول :
كيف تقول صبابتها
بينما يسرق اللصوص
كنزها المدفون!!
٤- ضعف التخطيط العمراني في فترة من فترات مصر
فيقول في نص ” تناسي ”
فتبني الأبراج
علي تربة
إنتاج الطعام
* تعرض الشاعر لآلام وهموم وطنه لكنه مملوء بالأمل
فيقول في نص ” إملاء ”
خبأت عن كل الأعين
حلم الآتي الممشوق
كانت حبيبتي
تطرق بوابتي
في الصباح!!
* تعقيب خاص عن نصي ” أيل ” و ” زيرو ”
١- نص ” أيل ”
نص صغير وجميل عبارة عن نحت في اللغة ”
وتكوين عدة كلمات من لفظة ” هللويا ”
وهي لفظة عبرية الأصل معناها ” سبحوا الرب ”
أستخدمها نبيل حامد في الإشادة بجمال الطبيعة الذي برز في حيوان الأيل بنص يعتبر ترنيمة موسيقية إلي أبعد الحدود
٢- نص ” زيرو ”
نص واضح وصريح، لكنه ملئ بالتقنيات الفنية في الأسلوب الشكلي واستخدام الأنسنة ” Anthropomorphism ” في صورة البومة التي تحدق في الوطن وتبث رسائلها التي تقع علي أماني الناس الذين يرفضون السلبية،
واستخدم الاطناب ” Pleonasm ” والتصاعد التدريجي ” Anabasis ” في رصد بعض السلبيات للفئات متحجرة العقل ثم نصل إلي الزيرو المقدس في نهاية النص بأسلوب سخرية رائع فمنذ متي وكان اللاشئ مقدس.
عونى سيف
Discussion about this post