المنشور التالي نشرته في 16 اكتوبر 2021 في حسابي بالفيس بوك الذي كان باسم علي أحمد وعلى موقع (آفاق فكرية) وعلى عدة مواقع أخرى . وقد قام المسؤول حالياً (ابو مأمون بني سلامة) – والذي من المفروض أن يكون مؤتمناً على المنشورات – في نفس الموقع باقتباسه حرفياً ونشره اليوم باسمه دون الاشارة إلى مصدره لامن قريب ولا من بعيد !!!.
ولما رجعت إلى حسابي في الموقع المذكور رأيت أن المنشور المذكور الذي نشرته باسمي في ذلك الحين قد تم حذفه ونشره اليوم باسمه !!!
==================
في تاريخ الشعر العربي هناك قصيدة خالدة للشاعر (صالح بن عبد القدوس) أحد شعراء العصر العباسي .
وتلك القصيدة لم يشتهر من أبياتها غير بيت واحد فقط وهو الذي يقول :
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
و يَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
ورغم أهمية البيت الذي يليه ، إلا أن أحداً لم يُعره إهتماماً ..
و َصِلِ الكرامَ و إنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ
وكل بيت في هذه القصيدة يعادل كتاباً .
فأقرأها جيداً ياأخي لانها إحدى القصائد الخالدة للشاعر العباسي (صالح بن عبد القدوس) . والتمعن في كلماتها و معانيها يزيد من متعة قراءتها وخلودها في نفسك ، لأنه في الكثير من الاحيان تكون قراءة الشعر اكثر متعة وفائدة من كتابته .
د.علي أحمد جديد
فدَعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُه
و ازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ
ذهبَ الشبابُ فما له منْ عَودةٍ
و أتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ
دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا
و اذكُر ذنوبَكَ و ابِكها يـا مُذنـبُ
و اذكُرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه
لابَـدَّ يُحصى ما جنيتَ و يَكتُبُ
لم يمحُهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ
بـل أثبتـاهُ و أنـتَ لاهٍ تلعـبُ
و الرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ أُودِعتَهـا
ستَردُّها بالرغمِ منكَ و تُسلَـبُ
و غرورُ دنيـاكَ التي تسعى لها
دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ
و الليلُ فاعلـمْ و النهـارُ كلاهمـا
أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ و تُحسـبُ
و جميعُ مـا خلَّفتَـهُ و جمعتَـه*
حقاً يَقيناً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ
تَبًّاً لـدارٍ لا يـدومُ نعيمُهـا
و مَشيدُها عمّا قليـلٍ يَـخـربُ
فاسمعْ هُديـتَ نصيحةً أولاكَها
بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ و أهلَه مُستبصراً
و رأى الأمورَ بما تؤوبُ و تَعقُبُ
لا تأمَننّ الدَّهـرَ فإنـهُ
مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ
و عواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِهـا
مَضَضٌ يُـذَلُّ بِهِ الأعزُّ الأنْجَـبْ
فعليكَ تقوى اللهِ فالْزَمْهـا تَفُـزْ
إنَّّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ
و اعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا
إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ
و اقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
و اليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلـبُ
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ
فلقدْ كُسِي ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ
و ابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ و لتَكُـنْ
منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ
و احـذرهُ إنْ لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً
فالليثُ يُبدي نابَـهُ إذْ يغْـضَـبُ
إنَّ العدوَّ و إنْ تقادَمَ عهـدُهُ
فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَّيبُ
و إذا الصَّديـقُ لقيتَـهُ مُتملِّقـاً
فهـوَ العـدوُّ و حـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ
لا خيرَ في ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ
حُلـوِ اللسـانِ و قلبُـهُ يتلهَّـبُ
يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ
و إذا تـوارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
و يَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
وَ صِلِ الكرامَ و إنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ
و اخترْ قرينَكَ و اصطنعهُ تفاخراً
إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ
و اخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ
بتذلُّـلٍ و اسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا
و دعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً
إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ
و زنِ الكلامَ إذا نطقـتَ و لا تكـنْ
ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ
و احفظْ لسانَكَ و احترزْ من لفظِهِ
فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ و يَعطَبُ
و السِّرّ فاكتمهُ و لا تنطُـقْ بـهِ
إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ
و كذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يَطوِه
تنشرهُ ألسنـةٌ تزيـدُ و تكـذِبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ
في الرِّزق بل يُشقي الحريصَ و يُتعِبُ
و يظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً
و الـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ
رغَـداً و يُحـرَمُ كَيِّـسٌ و يُخيَّـبُ
و ارعَ الأمانةَ ، و الخيانةَ فاجتنبْ
و اعدِلْ و لا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ
و إذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا
مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ
و إذا رُميتَ من الزمانِ بريبـة
أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ
فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ
يدعوهُ من حبلِ الوريدِ و أقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ
إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ
و احذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ
يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ
و احذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً
و اعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ
و إذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ
و خشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ
فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا
طولاً و عَرضاً شرقُهـا و المغرِبُ
،
فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي
فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ و يُوهَـبُ
Discussion about this post