صياد و بحيرة.
قصة قصيرة ، بقلمى / عونى سيف ، القاهرة.
الصباح باكراً ، نسيم البحيرة يغمر المكان . بيت حسين الصياد يطل على البحيرة . حوله عدة أحواض من الريحان و النعناع ، عندما تهب نسمات الهواء ، تملأ أرجاء المكان برائحة النعناع.
البيت صغير ، حجرتين فقط ، واحدة للنوم و أخرى للمعيشة ، لونه ازرق سماوي ، كأنه ممزوج بلون الشفق. السقف خشبى قديم لكنه جيد لا ينفذ منه ماء المطر و يتحمل النوّة شتاءاً.
يعيش فيه حسين و زوجته دلال ، حسين رجل فى العقد الرابع و زوجته تصغره بسنوات قليلة. دلال ، جميلة ، ممشوقة القد ، لها حمرة فى خديها طبيعية ، و فى خدها اليمين طابع الحُسن. سوداء العيون . عيونها لها أهداب طويلة ، عندما تسبل عيناها يتجسد إسمها دلالاً كاملاً.
حسين لديه قارب صغير، و أدوات صيد قديمة لكن جيدة ، ورثها عن والده . يدخل البحيرة كل يوم لصيد الأسماك، و يأتى برزقه.
ياخذ ما يحتاجه من الأسماك هو و زوجته، و الباقى يذهب به إلى الحاج عبد الفضيل ، تاجر الأسماك، الذى يذهب له كل الصيادين لكى يبيعوا صيدهم .
تأتى النوّة الشتوية كل عام ، تقذف على الشاطئ زجاجات فارغة، و علب صفيح و أشياء أخرى كثيرة. تجمع دلال ما يصلح بيعه و تذهب به إلى السوق. ايضاً، دلال تحب مساعدة زوجها ، فهى تساعده فى إصلاح الشِباك ، و تزرع بعض الخضروات خلف البيت .
حسين كل عدة أيام يتفقد حالة قاربه ، فهو ماهر فى صيانة القوارب، و يتخذ هذا العمل ، عملاً إضافياً بالأجر لاصدقائه الصيادين بين الحين و الحين .و كل عام يطلى القارب بالقار ،
لكى يحافظ على حالته الجيدة.
حسين لا يحب الذهاب بعيداً عن البيت و البحيرة إلا للضرورة. يذهب للمقهى فقط لكى يشاهد و يسمع خطابات عبد الناصر . فلا أحد يمتلك تلفزيون فى منطقة البحيرة إلا الحاج عبد البديع ، صاحب المقهى. حسين غير مهتم بالسياسة لكنه ذو حس وطنى عظيم . يفرغ كل حسه الوطني فى حبه لعبد الناصر ، فهو يكاد يبجّل هذا الرجل.
دلال مغرمة بالملابس الستان اللامعة الضيقة ، ترتديها فى ليالى الصيف ، هى تعلم إن هذه الملابس تبرز مفاتنها الجسدية ، و بهذا تسلب لُبّ السيد حسين. كل مرة ترتدى الستان ، تقوم فجراً ، تستحم فى البحيرة ، تحت ضوء القمر.
و حسين يجلس أمام البيت يرقّب المكان ، لكى يعطيها الأمان ، تغتسل كما يحلو لها.
فى الصباح الباكر تعد دلال الفطور و الشاى للسيد حسين ، ثم يغادر حسين ممتطياً قاربه ، و يدخل البحيرة للصيد.
Discussion about this post