في مثل هذا اليوم 15 مايو1957م..
المملكة المتحدة تفجر قنبلتها الهيدروجينية في المحيط الهادي.
القنبلة الهيدروجينية، هي قنبلة نووية حرارية تعتمد تقنية الاندماج بين عناصر الهيدروجين (الديوتيريوم والتريتيوم) من خلال توفير طاقة حرارية هائلة عبر قنبلة نووية انشطارية، وتعادل قوة انفجارها قوة انفجار نحو عشرين مليون طن من مادة “تي أن تي” (TNT) المتفجرة.
وتقاس قوة القنبلة الهيدروجينية بالميغا طن، علما بأن قوة القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي بلغت ما بين 13 و18 كيلو طن فقط، غير أن الانفجار قتل بشكل مباشر وغير مباشر مئات الآلاف.
ويصل الإشعاع الناتج عن انفجارها إلى مساحة قطرها مئتا كيلومتر، وقوتها التدميرية تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف قنبلة ذرية.
تقنية القنبلة
تولّد القنبلة الهيدروجينية باندماج عناصرها طاقة انفجارية أقوى من تقنية الانشطار النووي، تنتجها مواد اليورانيوم والبلوتونيوم.
فالقنبلة الهيدروجينية تستخدم تقنية اندماج نظائر عناصر كيميائية لعنصر الهيدروجين، وبخاصة ذرات الديوتيريوم والتريتيوم، وخلال الاندماج تتوحد الذرات وتنشئ ذرة هيليوم مع نيوترون إضافي تولد طاقة هائلة، لا تنفك تقوى كلما ازدادت عمليات الانصهار بين الذرات.
ولكي يتم إحداث عمليات الانصهار بين الذرات، يتطلب الأمر طاقة حرارية هائلة وضغطا كبيرا جدا، وهو ما يتم توفيره من خلال قنبلة نووية انشطارية، حيث تضمن بعد انشطارها الحرارة المطلوبة التي تعمل على إطلاق مسار صنع القنبلة الهيدروجينية.
هذه التقنية موجودة في الشمس التي تضم كميات هائلة من الهيدروجين وتوفر درجات حرارة عالية (تتحدث التقديرات عن 15 مليون درجة مئوية)، وفيها تتحد أربعة بروتونات وينتج الهليوم.
والطاقة الناتجة من التقنية الاندماجية هي أكبر من طاقة تقنية الانشطار، حيث إن الكيلوغرام الواحد من اليورانيوم ينتج طاقة تعادل 22.9 مليون كيلو واط في الساعة، بينما الكيلوغرام من الديوتيريوم ينتج 177.5 مليون كيلو واط في الساعة، أي أنها أكبر بنحو ثماني مرات.
ومن أخطر المواد المشعة الناتجة عن الانفجار نظير السترنشيوم، الذي إذا وقع على الأرض يمتص من التربة بواسطة النباتات ومنها ينتقل إلى الحيوان ثم إلى الإنسان عندما يتغذى على ألبانها ولحومها، ويترسب في العظام مسببا سرطان العظام.
لا يزال الجدل دائرا بشأن من توصل لأول مرة إلى اختراع القنبلة الهيدروجينية، لكن العالم المجري الأميركي إدوارد تيلير يُعرّف نفسه بأنه أبو القنبلة الهيدروجينية، حيث عمل ما بين عامي 1943 و1946 على مشروع منهاتن، الذي أدى إلى صنع القنبلة النووية، ثم ساهم في تطوير القنبلة الهدروجينية.
ويسمى التصميم الحديث لجميع الأسلحة الحرارية النووية في الولايات باسم تصميم “تيلر-أولام” نسبة إلى صانعيه إدوارد تيلر وستانيسلو أولام، اللذين طورا النظام عام 1951.
جربت الولايات المتحدة أول تفجير حراري نووي في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1952 وحملت القنبلة اسم “مايك”، وفُجرت فوق جزيرة “إنيوتوك”، وبلغت قوة التفجير ألف ضعف القنبلة التي أسقطت على هيروشيما، حيث إن قوة التفجير محت الجزيرة نهائيا.
وُصف تفجير القنبلة التي بلغ وزنها نحو 82 طنا بأنه أقوى من وهج ألف شمس، حيث بلغ اللهب ميلين عرضا وألف قدم ارتفاعا؛ وأحرق أرض الجزيرة بأكملها، فيما أحدث الانفجار كرة نارية تعادل ربع مساحة مانهاتن.
وبعد دقيقتين فقط من الانفجار الذي عادلت قوته 10.4 مليون طن من مادة “تي أن تي”، وصلت سحابة الانفجار إلى ارتفاع 12.2 كيلومترا، وانتشرت على مدى 160 كيلومترا عبر طبقة “الستراتوسفير”، فيما صعد عمود الانفجار لنحو 40 كيلومترا فوق نقطة التفجير.
وفي 12 أغسطس/آب 1953 نجح السوفيات في تفجير قنبلتهم الهيدروجينية الأولى، من تطوير العالم السوفياتي أندريه ساخروف.
غير أن الأميركيين فجروا في الأول من مارس/آذار 1954 قنبلة جديدة أطلق عليها اسم “كاستل برافو” بقوة 15 ميغا طن، وقد تسبب خطأ في التصميم في تلويث مكان الاختبار بشكل كبير مما أثر على سكان المنطقة. وبلغ وزن “كاستل برافو” عشرة أطنان، وطولها 4.56 أمتار وعرضها 1.3 متر.
استخدم في صنع القنبلة الليثيوم مع الديتريوم في المرحلة الاندماجية على عكس القنابل التي تستخدم الديتريوم والتريتيوم.
في عام 1957 أعلنت بريطانيا أنها قامت بتفجير أول قنبلة هيدروجينية كجزء من سلسلة من التجارب النووية في المحيط الهادي.
وفي عام 1961 فجر الاتحاد السوفياتي السابق أقوى قنبلة عرفتها البشرية، عرفت باسم “القيصر”، بلغت قوتها التفجيرية نحو 58 ميغا طن. وكانت قوتها أشد من قنبلة هيروشيما بثلاثة آلاف مرة.
أسقطت القنبلة فوق أرخبيل نوفايا زيمليا في المحيط القطبي الشمالي من ارتفاع 10.5 كيلومترات من طرف قاذفة صنعت خصيصا لهذه المهمة، وهي من نوع “توبوليف تي يو 95 بي”، حيث بلغ وزن القنبلة 26.5 طنا.!!
Discussion about this post