في مثل هذا اليوم16 مايو 2014م..
اندلاع اشتباكات في مدينة بنغازي بين قوات من الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر و مجموعات مناصرة لتنظيم أنصار الشريعة فيما عرف لاحقاً بـعملية الكرامة.
أكثر من أربعة عقود تحت حكم القذافي لعبت القبيلة دورا محوريا في الحياة السياسية بديلا عن الأحزاب التي الغيت، كما أن القذافي لم يسع لتكوين جيش بالمعنى المعروف خشية الانقلاب عليه وعزز من وجود قوات تدين له بالولاء، إلى جانب اعتماده على المؤتمرات الشعبية كأسلوب في الحكم.
شهدت مدينة بنغازي عمليات عسكرية بين ما يعرف بالجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبين جماعة انصار الشريعة، التي تتخذ من المدينة منطلقا لتحركها.
قوات حفتر تطلق على نفسها اسم قوات الكرامة وتعهد قائدها بتحرير بنغازي، أما جماعة انصار الشريعة تعهدت بدورها بدحر فلول قوات حفتر في مقبل الايام.
تبدو أطراف الصراع في بنغازي غير واضحة بشكل جلي، بسبب الخلاف في الرؤى وتقدير الموقف لدى كل طرف من أطراف الصراع حول الوضع الأمني والموقف من الحرب على الإرهاب؛ وتظهر العملية أن هناك ثلاثة أطراف في الصراع الأمني الدائر في بنغازي ودرنة وشرق ليبيا تتباين رؤاها حول العملية يمكن تحديدها في الآتي:
أولا: قوات حفتر:ـ وتضم القوات التابعة للواء خليفة حفتر ما يلي:
1- ضباطا سابقين في الجيش الليبي ممن شاركوا تحت قيادته في حرب تشاد خلال ثمانينيات القرن الماضي، وهؤلاء وجدوا أنفسهم أولا أنهم متهمون من قبل الثوار بموالاتهم لنظام العقيد معمر القذافي، ولهذا السبب رفضت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي دمجهم في الجيش للمشاركة مجددا في إعادة بنائه.
وقد أضحى هؤلاء الضباط هدفا مشروعا للجماعات المتطرفة بحجة أنهم من “الأزلام” ولهم ما يمكن تسميته بخصومة تاريخية معم منذ أن كانوا مع نظام القذافي؛ وهو ما دفع هؤلاء العسكريون إلى الانضمام إلى قوات حفتر من أجل التصدي لهؤلاء المتطرفين للحفاظ على حياتهم ومساعدة الدولة في القضاء على الإرهابيين.
2- كلا من كتيبة “حسن الجويفي” في برقة الحمراء وهي أكبر كتاب الجيش الليبي في الشرق. وكتيبة أولياء الدم الذي قتل أبنائهم على يد هؤلاء الإرهابيين الذين اغتالوهم غدرا في غياب واضح لكافة الأجهزة الأمنية الليبية التي تبدو ضعيفة في مواجهة هؤلاء المتطرفين.
3- القبائل الكبرى في الشرق الليبي: إذ استطاع حفتر هذه المرة التنسيق مع قيادات من قبائل كبرى في تلك المنطقة مثل العبيدات والبراعصة والعواقير والعرفة، حيث تمكن من إقناعهم إلى الانضمام إلى صفه من أجل الحرب على الإرهابيين. إضافة إلى ذلك فإن حفتر اعتمد على تضامن أهالي الشرق سيما في مدن بنغازي ودرنة التي تشهد ترديا أمنيا خطيرا، في دعم تحركه ضد المتشددين. وكذلك هناك تأييد من قبل أنصار الحراك الفيدرالي في ليبيا ومباركة لخطوات اللواء حفتر.
ثانيا: القوى المتشددة المستهدفة: هم في هذه العملية تنظيم أنصار الشريعة وكتيبة شهداء 17 فبراير وكتيبة راف الله السحاتي ومتشددين آخرين في درنة التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة، وبنغازي، مثل جيش الشورى الإسلامي في درنة وغيره من الكيانات المتطرفة التي باتت تظهر كثيرا في المدينة التي أصبحت معقلا للتيار الجهادي، وتعلن تحديها لبناء الدولة الليبية.
وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أواخر العام الماضي تنظيم أنصار الشريعة في بنغازي ودرنة “تنظيما ارهابيا” وتتهم ما لا يقل عن 15 من قياداته بالضلوع في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر 2012، وعلى رأسهم قائد التنظيم محمد الزهاوي، واحمد أبو ختالة، وآخرين يقطن غالبيتهم منطقة الليثي في بنغازي التي باتت تعرف في الأوساط الليبية “بقندهار”.
وأيضا اتهمت الحكومة الليبية لأول مرة تنظيم انصار الشريعة بالاعتداء على مديرية أمن بنغازي يوم الجمع 2 مايو 2014، والتي أسفرت عن اشتباكات دامية راح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى بين عناصر قوات الأمن الرسمية الممثلة في الجيش وقوات الصاعقة والعناصر الشرطية من جانب، ولدى تنظيم انصار الشريعة على الجانب الآخر، كما أسفرت هذه العملية أيضا عن احتجاز قوات الأمن لعدد من عناصر تنظيم أنصار الشريعة، فيما قام التنظيم باختطاف عدد من عناصر الأمن الرسمية ومبادلتهم بزملائهم مثلما تم قبل أيام قليلة من انطلاق عملية “كرامة ليبيا”.
أما كتيبة شهداء 17 فبرير، وكتيبة راف الله السحاتي، والمعروفتان بقربهما لجماعة الاخوان المسلمين الليبية، فهي إحدى التشكيلات المسلحة المثيرة للجدل، وقد أصدرت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي قرار يقضي بإخلاء مقرها في غضون 72 ساعة يوم 15 مايو 2014، بعد أن تعرض متظاهرون يطالبون بتسليم مقرها للدولة لإطلاق نار اسفر عن سقوط عدد من الجرحى، لكنها لم تمتثل للقرار، فيما يشكو بعض الأطراف من تصرفات منتسبيها الذين تورط بعضهم في انتهاكات وعمليات خارجة عن القانون.
وهناك جماعات متشددة ظهرت خلال الفترة الخيرة في ليبيا أعلنت انها لن تخضع لسيطرة الدولة الليبية التي وصفتها بالكافرة، ومن أبرز هذه الجماعات تنظيم “جيش الشورى الإسلامي” بدرنة، الذي نظم منذ اشهر استعراض عسكري مسلح لعناصره وبثه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” في تحد واضح لسلطة الدولة الليبية، إضافة إلى ذلك هناك جماعة تطلق على نفسها “جيش تحكيم الدين”، والتي أعلنت مؤخرا عبر شريط فيديو بثته على الانترنت تبنيها للهجوم على كتيبة الصاعقة21 المعروفة بـ”شهداء الزاوية”، مطلع مايو الماضي.
ثالثا: القوات الحكومية: وهي ممثلة في قوات الشرطة التابعة لمديرية أمن بنغازي وتشكيلاتها المختلفة من قوات الأمن المركزي وقوات الإسناد الأمني، وكذلك “قوات الصاعقة” التي يقودها العقيد ونيس بوخماده وهي قوات الجيش الشرعية المتبقية من الجيش الرسمي، إضافة لقوات “الغرفة الأمنية المشتركة” التي تضم عناصر من الثوار والجيش والشرطة والتي يقدر تعدادها بـ 6 آلاف عنصر. وتبدو يد القوات الحكومية مغلولة في مواجهة الوضع الأمني المضطرب في بنغازي بسبب ارتباك السلطات الرسمية الممثلة، في كل من المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة، التي تعاني من غياب الرؤية الموحدة في مواجهة التحديات المنية المتزايدة التي باتت توجه البلاد خلال الفترة الانتقالية، فضلا عن الولاءات الرخوة التي تبدو جلية لدى عناصر الاجهزة الأمنية الرسمية وتضارب القرارات الصادرة من الجهات العليا في البلاد، سواء كانت الحكومة الليبية المؤقتة أو المؤتمر الوطني العام الذي يعاني من صراعات سياسية حادة بين مختلف الكتل، وكذلك ينطبق الأمر على العلاقة بين وزارة الدفاع الليبية ورئاسة الأركان العامة للجيش الليبي.
أما في غرب ليبيا الذي يتميز بالصراعات القبلية أكثر من الصراعات مع المتطرفين نوعا ما، فتمثل التشكيلات المسلحة المحسوبة على الزنتان القوى الضاربة للتيار المدني في مواجهة الإسلاميين، وتعتبر من المؤيدين لمبادرة اللواء خليفة حفتر سيما وانهم سبق لهم أعلنوا رفضهم التمديد للمؤتمر الوطني الذي انتهت ولايته في السابع من فبراير الماضي.!!







Discussion about this post