# مجرد رؤية
ميلانين .. رصاصة تخترق الواقع .
………………………….
أعشق الفصحى عندما تكون عباراتها مصقولة باحترافية، لا نكتب الحرف بل هو الذي يكتبنا، تجذبنا الدائرة فهل تتقمصنا الشخوص أم نتقمصها فنضفي عليها بعضًا من معاناة جيل وربما أجيال سقطت أسيرة واقع شوهته الكثير من المفاهيم الخاطئة التى غُرست في أرضه عن عمد فسار بعيدًا عن المثالية التي ننشدها.
“ميلانين ” رواية لا ينساب القارئ مع صفحاتها واحدة تلو الأخرى بل يعيش مشاهدها لقطة بعد أخرى بدايةً من تلك النشوة بنجاةٍ قد تكون زائفة تضعنا أمام شعورين مختلفين، التصفيق فرحًا وكأن هؤلاء وضعوا أقدامهم على أول الطريق المؤدي لجنة أحلامهم وأن هذا العالم مستعد لاستقبالهم بما يليق ، والآخر الململة تحسبًا لما ينتظرهم من طريق مجهول ، لا صوت واضح فقط همهمات تشي بعدم وضوح الرؤية بعد، لقطات تلقي به في آتون القضية .
” ميلانين ” أزمة الهوية لأجيال لم يحالفها الحظ لتحتفظ بصبغتها الطبيعية، أجيال لفظتهم أوطانهم ليس فقط بسبب الفقر والحرمان الذي يقيد طموحات الشباب ويفت في عضد الرجال وإنما نتيجة للصراعات الداخلية والخارجية التي كشفت أكذوبة ما يسمى بالربيع العربى الذى أثقل كاهل الشعوب ففر كثيرون أملًا في الأفضل فما استطاعوا أن يحافظوا على هويتهم التى ينتمون إليها وتحيا بداخلهم أعرافًا وتقاليد وحكايا الجدات الأسطورية …الخ ولا استطاعوا الحصول على هوية جديدة ، يتعايشون مع الواقع و يكابدون دائمًا تلك النظرة بكونهم مختلفين سواء في موطنهم القديم أوفي ملاذهم الجديد .
” ميلانين ” صبغة الكاتب الموجوع دائمًا بقضية ما يدافع عنها ويمارس من خلالها طقوس نرجسيته فلا يسمح لأحد أن يحيد به عن الهدف أو يشوه هذه الصبغة لأي سبب ،وهو في ذات اللحظة يهتم بوجهة نظر القارئ .
” ميلانين ” الحب الوطن ، العقيدة تسامح وسلام ، القِوامة احتواء ومودة والكثير من المفاهيم التي شوّهت صبغتنا الحقيقية؛ العنصرية ، الاسلاموفوبيا ، التضييق واستغلال معانٍ قاصرة لممارسة جنون السطوة والاستبداد .
ميلانين كما قالت الكاتبة في طيات سطور الرواية ” رصاصة تخترق الواقع وتحدث فيه نوافذ ” .
كل التحايا الكاتبة الرائعة فتحية دبش
لم تأخذني رواية من قبل كما أخذتني سطور ميلانين
أمسية موفقة
Discussion about this post