(2)…………………. قراءة نقدية في قصيدة
” يا ليلى ”
للشاعر د.سامي ندا الدوري
من ديوان الأريج
ثم يطلب الشاعر من الحبيبة إذكاء شجية الحب إذ أسرع إليها بالغزل و الهيام…:
إذا ناديت ليلى أرى الإلهام ناداني
أرى الأشواق تأخذني فأنسى كل ألواني
فأنت الروح في روحي فسيري بين شرياني
فلن أنساك ملهمتي فأنت كل وجداني
هنا..يكون الشاعر مضطرا إلى كتابة الشعر عندما يراود شفتيه اسم المحبوبة فاسمها من حوافز صنعة الشعر إذ يملأ كيانه التوتر العشقي و يطوف خياله في سماوات الحب ناسيا الدنيا و نعيمها و يشعر نفسه كناعور ماء يدور رحاه دون ماء أو كطير مغرد يحط هنا و هناك دون أرجل يقف عليها و هذا كناية عن الطاقة الخلاقة و الإيمانية التي يمنحها إياها حب ليلى و هو تعويض موضوعي عما يرى نفسه بحاجة إليه و هو قربها و أنسها و لهذا حبها دوما يسري في دمائه و يستقر في وجدانه لا انفصام له عنها.
نلاحظ تركيز الشاعر على الصنعة الشعرية أي.. على الشكل دون المضمون فالشكل الخارجي للقصيدة من تراكيب لغوية و صور فنية و موسيقى شعرية جميلة لا يثقل صداها على أذني السامع سحرا و روعة معتمدا فيها على قافية موحدة و حرف الروي النون المكسورة المشبعة بياء المتكلم التي تناسبها تخلق أريحية في السمع و الإحساس مع ثبات الصورة الحركية المتممة المنتزعة من البيئة الطبيعية و المكررة نغما من بيت لآخر أسلوبا و أداء و لهذا تكررت المعاني و الأفكار القريبة من بعضها البعض التي تتمحور حول ذات المحبوبة و ذات الشاعر المعذبة و المشفقة و ربما هذا ما جعل القصيدة محصورة ضمن مجال ضبق و محدود لا يتعدى آلى معان جديدة للحب أو الشوق و الهيام مع ثبات أغراضها الشعرية من شكوى و رجاء و غزل و توسل و غزل ضمن غاية واحدة و هي رضا المحبوبة و وصالها أولا و أخيرا.
و إذا كان الشيء بالشيء يذكر فلا بد من الإشارة إلى قضية هامة قل من ينتبه إليها من النقاد المحدثين أن عبقرية الشاعر الأدبية صعدت من وتيرة الحب الروحية و عطلت من وظيفته البيولوجية التي تتعلق بوصف معاني الأنثى و المرأة كما هو معروف عادة عند الشعراء العذريين مستخدما الذكاء العاطفي في إثارة لواعج القارئ… فالحب معادلا موضوعيا للشاعر على الحياة و الموت فهو لم يتعامل مع الحب بوصفه عاطفة شمولية تسيطر على مشاعر المرء و إنما تعامل معه بوصفه التزاما مباشرا بقضية حياتية كبرى استوعبت كامل حياته و عمره و ذلك من خلال استخدام الضمائر الشخصية
( ياء المتكلم ) الذي يدل على ذات واعية للحب و مستقلة في إرادتها تعزز من دور الأنا الشاعرة كما نوع الشاعر في ذكر المحبوبة بوصفها اسما ظاهرا ( ليلى ) عدة مرات أو ضميرا متصلا و منفصلا _ أنت _ سيري _ أهواك _ كوني…الخ فدال اسم المحبوبة سواء كان اسما ظاهرا أو ضميرا دار في فلك ذات الشاعر دلالة على الحب بوصفه نشوة روحية عارمة ذات إيقاع دلالي نفسي روحي يتردد صداه في خلجات قلب السامع و هذا ما يشير إلى سيطرة الجانب الروحي في أمر الحب على الجانب المادي عند الإنسان العربي بشكل عام فالحب عند العرب رمز إنساني مشترك بين الرجل و المرأة يحيل حياة المرء إلى إحساس مثالي ذي شفافية روحية قادرة على خرق المستحيل أحيانا مردها إلى تعانق الفكر و الشعور و ائتلافهما و تخطي الممكن توقا إلى توحد مع القوى الروحية القابعة في أعماق النفس و الباعثة للطاقة الخلاقة غير المرئية القادرة على إحياء ذاتها بذاتها.
د. عبدالرزاق كيلو
Discussion about this post