في مثل هذا اليوم30 مايو1837م..
الأمير عبد القادر والجنرال توماس روبير بيجو يوقعان معاهدة تافنة ممثلًا للجيش الفرنسي وذلك بعد مجموعة من الانتصارات الجزائرية على الفرنسيين، وقد نصت المعاهدة على أن يعترف الأمير عبد القادر بسيادة الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا بمقابل تنازلها عن ما يقرب من ثلثي الجزائر لصالح «إمارة الجزائر».
الأمير عبد القادر بن محي الدين المعروف بـ عبد القادر الجزائري ولد في قرية القيطنة قرب مدينة معسكر بالغرب الجزائري يوم الثلاثاء 6 سبتمبر 1808 الموافق لـ 15 رجب 1223 هـ هو قائد سياسي وعسكري مجاهد عرف بمحاربته للاحتلال الفرنسي للجزائر قاد مقاومة شعبية لخمسة عشر عاما أثناء بدايات غزو فرنسا للجزائر، يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ورمز للمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار والاضطهاد الفرنسي، نفي إلى دمشق حيث تفرغ للتصوف والفلسفة والكتابة والشعر وتوفي فيها يوم 26 مايو 1883.
توماس روبير بيجو دولا بيكونيري (بالفرنسية: Thomas Robert Bugeaud) المعروف بالدوق دي زلي ولد في 15 أكتوبر سنة 1784 بليموج، ومات بباريس (فرنسا) بالكوليرا 10 يونيو سنة 1849.
رقي إلى رتبة ماريشال فرنسا في 31 يوليو 1843. حارب قبل مجيئه إلى الجزائر في إسبانيا وأشتهر هناك بالعنف.
الماريشال في الجزائر
تولى بيجو الحكم في الجزائر في 29 ديسمبر 1840 إلى 29 يونيو 1847. سلك خلال سنوات حكمه سياسة القهر والعنف والإبادة والتدمير والتهجير والنفي في إطار الحرب الشاملة التي مارسها تجاه الجزائريين.
سياسته
ارتكزت سياسته في الجزائر على المبادئ التالية:
آمن بيجو بضرورة توطيد الاستعمار الفرنسي في الجزائر
ترسيخ الاندماج من خلال القضاء على مقومات المجتمع الجزائري بإحلال المقومات الفرنسية.
ولتطبيق هذه المبادئ والمفاهيم أصدر عدة قوانين قمعية وزجرية جائرة منها قانون مصادرة أراضي وأملاك الثوار إجبارية عقد الأسواق للتبادل التجاري بين الجزائريين والأوروبيين. كذلك انتهج أسلوب حشد الجزائريين في المحتشدات وتجميعهم ومحاصرتهم لمنعهم عن مد أي نوع من المساعدة للثوار. زيادة على تجريد القبائل من محاصيلها الزراعية وأملاكها وتوسيع صلاحيات المؤسسة المعروفة باسم المكاتب العربية وجعلها أداة لتنفيذ سياسته مع الأهالي، وأصدر أوامره بإباحة الحرائق وإتلاف الأرزاق وطرد ونفي قادة الرأي والمشتبه فيهم خارج حدود الجزائر مع ارتكاب المجازر الفظيعة وتسليط العقوبات الجماعية بما في ذلك التغريم الجماعي.
ما قام به بيجو في الجزائر هي أكثر الحلقات دموية في ما سوف يطلق المؤرخون «المدخنة enfumades». ففي باريس، عندما فضح ما قام به «الخنق بالدخان» كهوف الظهرة في جنوب مستغانم. وناي، نجل المارشال ني، بسؤال في مجلس الشيوخ. فأجابه بيجو، الذي اعترف بالمسؤولية، وبرر أفعالة بمقولته: «وهل لي أن أعتبر أن احترام القواعد الإنسانية تجعل الحرب في أفريقيا من المرجح أن يستمر إلى أجل غير مسمى».
في مايو من عام 2011، أي 166 عام بعد المدخنة، اكتشف باحثون جزائريون بقايا عظام بشرية وأقمشة نسائية في مغارة ببلدية نقمارية، دائرة عشعاشة، 80 كيلومترا شرقي عاصمة الولاية مستغانم في منطقة الفراشيح. ويرجح الباحثون أن الاكتشاف هو لقبيلة أولاد رياح التي أبيدت عن بكرة أبيها في 19 جوان 1845. وهي أحد الطرق البشعة المستعملة في ما سمي بالتهدئة في الجزائر “La pacification d’Algérie”
معاهدة التافنة (30 مايو 1837م) هي معاهدة عقدت قرب وادي تافنة (حاليا ببلدية الأمير عبد القادر – (ولاية عين تموشنت) بين الأمير عبد القادر والجنرال توماس روبير بيجو من الجيش الفرنسي. هذا الأخير كان قد تعرض لخسائر فادحة بسبب المقاومة الجزائرية. المعاهدة نصت على أن يعترف الأمير عبد القادر بالسيادة الإمبراطورية الفرنسية في أفريقيا. ومقابل ذلك تقر فرنسا بسيادة دولة الأمير على ما يقرب من ثلثي الجزائر (ولايات وهران، القليعة والمدية وتلمسان والجزائر). ونتيجة تلك المعاهدة هو الاحتفاظ بعدة موانئ. المعاهدة ما لبث أن نقضها الملك لويس فيليب الأول في نوفمبر 1837، الذي أمر باحتلال قسنطينة، الأمر الذي أشعل المزيد من القتال بين قوات الأمير عبد القادر والقوات الامبراطورية الفرنسية. وقد أعلن الأمير عبد القادر الجهاد مرة أخرى في 15 أكتوبر 1839 في معركة متيجة.
بنود المعاهدة
فيما يلي نص المعاهدة:
معاهدة التافنة
بين الجنرال بيجو قائد الوحدات الفرنسية في مقاطعة وهران وبين الأمير عبد القادر تم إبرام المعاهدة التالية:
المادة 1 : يعترف الأمير بسلطة فرنسا في الجزائر
المادة 2 : 3يبقى لفرنسا في إقليم وهران: مستغانم ومزغران وأراضيهما ووهران وارزيو وأراضيهما يحد ذلك شرقا: نهر المقطع والبحيرة التي يخرج منها بخط ممتد من البحيرة المذكورة فيمر على الشط الجاري إلى الوادي المالح على مجرى نهر سيدي سعيد ومن هذا النهر إلى البحر بحيث يصير ضمن كل ما في هذه الدائرة من الأراضي الفرنسية.
وفي إقليم الجزائر: مدينة الجزائر مع الساحل وارض متيجة يحد ذلك شرقا: وادي القدرة وما فوقه وجنوبا راس الجبل الأول من الأطلس الصغير إلى نهر الشفة مع البليدة وأراضيها وغربا: نهر الشفة إلى كوع مزفران ومن ثم بخط مستقيم إلى البحر فيكون ضمنه القليعة مع أراضيها بحيث يصير كل ما في الدائرة من الأراضي للفرنسيين
المادة 3 : على دولة الأمير أن تعترف بإمارة الأمير عبد القادر على إقليم وهران وإقليم التيطري والقسم الذي لم يدخل في حكم فرنسا من إقليم مدينة الجزائر لجهة الشرق بحسب التحديد المعين في المادة الثانية ولا يسوغ للأمير أن يمد يده لغير ما ذكر من ارض الجزائر
المادة 4 : ليس للأمير حكم ولا سلطة على المسلمين من أهل البلاد المملوكة لفرنسا ويباح للفرنسيين أن يسكنوا في مملكة الأمير كما انه يباح للمسلمين أن يستوطنوا في البلاد التابعة لفرنسا
المادة 5 : إن العرب الساكنة في الأراضي الفرنسوية تمارس ديانتها بحرية تامة ولهم أن يبنوا جوامع بحسب مرتبهم الديني تحت رئاسة علماء دينهم الإسلامي
المادة 6 : على الأمير أن يدفع للعساكر الفرنسوية: ثلاثين ألف كيلة من الحنطة ومثلها من الشعير بمكيال وهران وخمسة آلاف راس من البقر يؤدى ذلك كله في مدينة وهران على ثلاثة قسوط
الأول من غرة أغسطس (أوت) إلى الخامس عشر أيلول (سبتمبر) والقسطين الآخرين يدفعان بانتهاء كل شهرين قسطا
المادة 7 : يسوغ للأمير أن يشتري من فرنسا: البارود والكبريت وما يحتاجه من الأسلحة
المادة 8 : إن الكول اوغلي الذين يريدون أن يقيموا في تلمسان أو غيرها من المدن الإسلامية لهم أن يتمتعوا بأملاكهم بكامل الحرية ويعاملون معاملة الحضر والذين يريدون منهم الانتقال إلى الأراضي الفرنسوية تكون لهم الرخصة لبيع أملاكهم أو إيجارها بكل حرية
المادة 9 : على فرنسا أن تتخلى للأمير على اسكلة رشكون ومدينة تلمسان وقلعة المشور مع المدافع التي كانت فيها قديما ويتعهد الأمير بنقل الذخائر والأمتعة العسكرية التي للعساكر الفرنسوية في تلمسان إلى وهران
المادة 10 : المتجر: (التجارة) يكون حرا بين العرب والفرنسوية وللجميع أن يتمتعوا بالتبادل في كل من الأرضين
المادة 11 : تكرم الفرنسوية عند العرب كما تكرم العرب عند الفرنسوية وكل ما تملكته أو تتملكه الفرنسوية من الأملاك في بلاد العرب يكفل لهم حفظه بحيث يتمتعون به بكل حرية ويلتزم الأمير بان يدفع لهم الضرر الذي تحدثه النوائب فيها
المادة 12 : يكون رد المجرمين بين الطرفين بالتبادل
المادة 13 : يتعهد الأمير بان لا يعطي أحدا من الدول الأجنبية قسما من الشاطئ إلا برخصة من فرنسا
المادة 14 : لا يسوغ بيع من محصولات الإقليم ولا شراء… إلا في الأسواق الفرنسوية
المادة 15 : لدولة فرنسا أن تعين في المدن التي في مملكة الأمير وكلاء ينظرون في أشغال الرعايا الفرنسوية وحل المشكلات التجارية فيما بينهم وبين العرب وكذلك للأمير أن يضع وكلاء من طرفه في المدن التي تحت إدارة الدولة الفرنسية
حرر في تافنة في السادس من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائتين ألف (1253) أول يونيه (جوان) سنة سبع وثلاثين وثمانمائة ألف 1837
تنظيم إدارة الدولة
قسّم الأمير عبد القادر إقليم التراب الوطني بعد الإمضاء على «معاهدة تافنة» إلى 8 وحدات أو مقاطعات هي: مليانة، معسكر، تلمسان، الأغواط، المدية، برج بوعريريج، تيزي وزو، بويرة، بسكرة، سطيف).
كما أنشأ مصانع للأسلحة وبنى الحصون والقلاع (تاقدمت، معسكر، سعيدة).
شكل الأمير 5 وزارات وجعل مدينة معسكر مقرّا لها، واختار أفضل الرجال ممّن تميّزهم الكفاءة العلمية والمهارة السياسية إلى جانب فضائلهم الخُلُقِية، ونظّم ميزانية الدولة وفق مبدأ الزكاة لتغطية نفقات الجهاد، كما اختار رموز العلم الوطني وشعار للدولة (نصر من الله وفتح قريب).
وكان أحمد بن سالم خليفة على «مقاطعة الجبال» ضمن هذه المقاطعات الثمانية في دولة الأمير عبد القادر الجزائري.!!
Discussion about this post