قراءتي في قصيدة(ربّما نحيا بعد آه)
للشاعر التونسي حاتم الامام غضباني
—————
– ربّما نحيا يوما بعد آه
” ربّما نرقص يوما…
بعد آه !! “
والمزاريب تستقطب ماءً
فرّ خلسة من سماه
ربّما…!
في صمتٍ، بعد انكسارٍ،
يستحيلُ الحلمُ..
زهرة فوق رباه…
والرعاة تنزع لباسَ القرّ..
تسري ،ترعى، تجمع، القطيع
من مرج، قد نال…
مبتغاه
ربّما…
تشدو العنادل ،
على الشرف، تمسح دمع
الوداع
والصِّرارُ تغدق ماءها، ريّا
في الوطن القحط،
بعد سبع ساغبات…
تزهرُ مرجهُ و….. رباه
ربّما نحيا يوما…..
بعد آه
🖍️حاتم الإمام
=========
يقول نزار قباني في قصيدته(ربّما)
ربّما.. أنا لم أعشقك حتى الآن
.لكن ربّما .. تحدثُ المُعْجِزَةُ الكبرى..
وتَنْشَقُّ السَمَا..
عن فراديسَ عجيبَهْ..
وتصيرين الحبيبَهْ..
وتصيرُ الشمسُ يا سيِّدتي خاتماً
رُبَّما يجتاحني الإعصارُ في يومِ غدٍ
رُبَّما بعدَ غدٍ..
رُبَّما في أشهُرٍ أو سَنَواتِ..
فاعذُريني إِن تَرَيَّثْتُ….
والشاعر عنون قصيدته (ربما نحيا يوما بعد آه..)
ورد القصيد في ثلاث لوحات توخَّى فيها الشاعر تقنية التكرار
حيث مطلع كل لوحة(ربّما)
ربّما وردت هنا للتشديد على تحقيق حلم حياة بعد (آه )الالم والوجع
وتعد تقنية( التكرار) من التقنيات البارزة بوصفها المفتاح الفني الكاشف عن الكثير من الجوانب النفسية والدلالية التي تنطوي عليها الشخصية المبدعة في تشكيل رؤيتها، ووصف الحالة الشعورية التي تتملك الشاعرلحظة المخاض الشعري وبذلك جعل من ظاهرة التكرار قيمة جمالية زادت النص حسناً، والدلالة رسوخاً وثباتاً، والقصيدة أكثر ترابطا وانسجاما لتتجاوز منحاها الصوتي، أو الإيقاعي إلى المستويين الدلالي والجمالي
———لوحة اولى
” ربّما نرقص يوما…
بعد آه !! “
والمزاريب تستقطب ماءً
فرّ خلسة من سماه
لوحة تبدأ بالفعل(نرقص) مسبوق ب(ربما)
هناك فسحة للفرج بعد كل شدة وهذا القحط
المحيط بالارض قد يتبخر بقدرة قادر وينزل المطر ويبتلع الجفاف ويسمع للمزاريب
نشيج ولحن حياة
والرقص ياخذنا لزوربا الاغريقي والمزاريب تاخذنا الى السياب العراقي
أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطرْ؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمرْ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياعْ؟
—-لوحة ثانية
ربّما…!
في صمتٍ، بعد انكسارٍ،
يستحيلُ الحلمُ..
زهرة فوق رباه…
والرعاة تنزع لباسَ القرّ..
تسري ،ترعى، تجمع، القطيع
من مرج، قد نال…
مبتغاه
وكلمة الحلم تتكرر (في اللوحة الثانية
(يستحيل الحلم زهرة فوق رباه)
والحلم سر وجود وعالم غريب محبب للنفس
تطمح اليه في كل حين بلاوعي لتحقيق ما نفقده أو نتمناه في الحياة، (ويرى سيجموند فرويد أنّ الأحلام نافذة لمنطقة اللاوعي )فالهروب للأحلام وسيلة شرود فطري للعيش في واحة الاماني المبتغاة ونشوة فهي تنفس روحي
وكأني بالشاعر يدعونا الى حلم يعجز حتى ابن سيرين عن ولوجه لتفسيره
هو حلم الارض الخصبة التي تغدق الخيرات
على هؤلاء الكادحين الذين يعانون شظف العيش
في منطقة شح فيها المطر
يحلم بخير عميق يتدفق من الأرض بفضل دموع السماء(من مرج قد نال مبتغاه)
لان بالماء يكون كل شيء حي
ولمفردة الحلم نغمة عذبة الإيحاء تترك انطباعا شفيفا في ذهنية ووجدان القارئ بما تبثه من توارد خيال بمفهومه الواسع تستفز حواسه برحلة ممتعة تجوبها النفس بمشتهى الروح وما تكتم من رغبات مستحيلة لا تتحقق في الواقع، ومن يقرأ مفردة (ربّما) بالعنوان والتي اقترنت بالحلم في عرض لوحاته الشعرية ويستبصرها يتفاعل مع التجليات النفسية لذات الشاعر فيغوص بمتعة فلسفية للتمرد على الحقيقة
——اللوحة الثالثة
ربّما…
تشدو العنادل ،
على الشرف، تمسح دمع
الوداع
والصِّرارُ تغدق ماءها، ريّا
في الوطن القحط،
بعد سبع ساغبات…
تزهرُ مرجهُ و….. رباه
ربّما نحيا يوما…..
بعد آه
لوحة في عداد الامنيات
وحلم بامتلاء (السدود) وفيضان الرواء
وموت القحط في وطن تتالت سنوات مسغبته
واختنق جفافا
كما يتمنى لو تعزف الطبيعة الخرساء لحن الجمال
بشدوِ العنادل
ويتضوع عبق الزهر ليذهب رائحة الغبار والموت
في وطن تعاقبت عليه سنوات القحط الفكري
والسياسي والثقافي والجمالي الوجداني
سنوات قتلت في الحياة رغبة الحياة
(ربما نحيا يوما بعد آه)
واستخدمت (آه) هذه الكلمة من أجل التعبير عن الألم والحزن والحسرة التي تأتي على القلب.
قصيدة ربّما…
أوقفتنا امام شاعر
يحمل هم الوطن واوجاعه
شاعر يحمل هم الأرض التي أثقل كاهلها القحط
شاعر يحمل هم معاناة طبقة الكادحين والمعذبين في الارض
فيجمعهم في كلماته ليحلم معهم وبهم
بالرقص طربا بعد (آه) شاعر يستدر اليسر بعد العسر
وعبر كل القصيد الشاعر منصهر انصهارا كليا في المجموعة (مستعملا ضمير المتكلمين-نحن-نحيا-نرقص—
وبعيدا كل البعد عن الانانية وبعقلية نبي اسمعه
يردد(أمتي -أمتي)
وبعقلية قائد حكيم(شعبي شعبي)
دام ابداعك شاعر القصرين
فائزه بنمسعود
ملاحظة
هذا رأي شاعر القصيدة وهو ايضا ناقد
فائزه بنمسعود
راقت لي هذه القراءة التى توخيت فيها المدرسة البنيوية والمدرسة السلوكية وكذلك المدرسة الايتيقية (السياب) والمدرسة الرومنسية (نزار) وهذا الإلمام با لمدارس النقدية يجعلني في راحة تامة بما تشرحين بوركت غاليتي
Discussion about this post