قراءتي لقصة الكاتب الرائع Mohamed Elbanna ” صحوة ”
صحوة
…….
استيقظت فجرًا على غير عادتي، تفاجأت باختفاء جسدي، تحسست الفراش..ولدهشتي كان لا يزال دافئا!..تحاملت على ساقين لا وجود لهما، وهرعت نحو مرآتي؛ لا انعكاس لي!!..مسحت بكفين متوهمتين سطحها..علّ وعسى، كانت المرآة ناصعة ينعكس فيها كل ما خلفي، أو على وجه الدقة كل ما أعتقد أنه خلفي..أراه بوضوح، إلا أنا!!..بأناملي فركت عينيّ متسائلًا ” هل أنا يقظ؟.. هل أنا أحلم ؟ “..عاودت تفحص المرآة..هذه المرة لمحت دمعتين، ابتسمت رغم غصة ألمت بقلبي؛ حين تعاظمت الدمعتان، حينها فقط أيقنت أنني لم أكن أحلم، أيقنت أنني هو..ذاك الذي اختفى للأبد..رغم دفء فراشه.
محمد البنا …القاهرة في ١ يونيو ٢٠٢٢
قرائتي أنا Sumaya Al Essmael
صحوة : وعي وشعور وإدراك
صحا النَّائمُ: استيقظ وتنبَّه
يَحْتَاجُ إِلَى فَتْرَةِ صَحْوٍ لِيَعِيَ مَا حَوْلَهُ : يَحْتَاجُ إِلَى فَتْرَةِ وُضُوحٍ وَجَلاَءٍ
صَحَا القَلْبُ : تَيَقَّظَ مِنْ هَوىً أَوْ غَفْلَةٍ
و في عرف الفلسفة و التصوف رجوع العارف إلى الإحساس بعد غيبته بواردٍ قويّ
هذا العنوان الذي يدخلك في مسارات عدة.. قد تكون صحوة من إغفاءة جسدية كأن تنهي فترة نومك باستيقاظ جسدك و حواسك، و هذا أمر فيزيولوجي طبيعي يحدث بطريقة ميكانيكية عند الجميع. و هناك صحوة من نوع آخر، كالتوبة أو التراجع عن فعل شائن أم عمل مناف للأخلاق و المبادئ كنت تمارسه فحدثت لك صحوة أحسست بفداحة ما تقوم به و بمآلك إن تابعت ذات الفعل.
في متن القصة، و أنا لست بناقدة و لا أملك تلك الخبرات و لا أتبع مدرسة نقدية و لكنني أتحدث عن انطباعي..
الاستيقاظ فجراً، و الناس نيام .. هذا الموعد الذي يرسم بداية يوم جديد في حياتك إما تبدأه بهدي أو بسهو و هنا يبدأ اكتشاف الذات و بداية الانعطاف و تغيير المسار ، “على غير عادتي” هنا عبارة رافدة للعنوان “صحوة” ما الذي حدث.. إختفاء الجسد .. الجسد هو الشكل الفيزيائي الذي تسكن داخله الروح .. هذا الاختفاء هل يعني الموت؟، أم نكران الشخصية لكينونتها المتمثلة بالجسد الذي يحوي الجوارح و هي غالباً مسؤولة عن الممارسات و ما نمت عنها كلمة”صحوة” . هذا الرفض يجعلك تنكر وجود ذاتك لأنك تكرهها بعد أن عدلت من مسارك.. رغم أن أثرها ” و هو السلوك السابق” ما زال موجوداً .. فالفعل قد ينتهي بالتقادم لكن أثره يبقى حاضراً .. و هذا ما أحسسته عندما قرأت..”كان لا يزال دافئاً” .. ثم المرآة التي تعكس كل ما حولها .. كل شيء موجود إلا شخصيته الآفلة التي أراد أن يطويها من حياته بأفعالها المرفوضة و التي أعود فأقول عبرت عنها كلمة ” صحوة” . الملفت للنظر أن جسده فيزيائياً اختفى لكن عيناه ما زالت تبصران.. مع أنهم من مكونات الجسد. أعتقد أنها ليست العينان هما اللتان تبصران و لكن البصيرة ، الضمير ، الروح ، اللاوعي ، الشعور .. أحد هذه المكنونات.. و لا أقول مكونات بل مكنونات داخل الجسد. إذن هناك بصيرة داخلية تحاكم الجسد و ترفض وجوده السابق، مع أنها ترى كل ما حوله.. ماذا رأت؟ رأت دمعتان .. تكبران،. عما يعبر الدمع؟ عن حزن أو ندم..” حزن” ؟؟ لا أعتقد .. “ندم”؟ أجل هكذا شعرت و ربطتها ثانية بعنوانها”صحوة” فالصحوة يرافقها ندم و الندم تعبر عنه بالدمع ..وهنا تقول الشخصية أنها تأكدت عندها أن كينونتها القديمة قد اختفت و ظهرت شخصية جديدة نقية شفافة و كأنك لا تراها، هذه الشخصية لا يعبر عنها إلا أثرها الطيب عند الآخرين.
مع تحياتي للكاتب الرائع الأستاذ محمد البنا🌷
Discussion about this post