في مثل هذا اليوم11 يونيو1777م..
وفاة أحمد بن المهدي الغزال، فقيه ودبلوماسي مغربي.
أحمد بن مهدي الغزال فقيه وسياسي ودبلوماسي وأديب مغربي. شغل كاتبا خاصا عند السلطان محمد بن عبد الله، وكان سفيره لدى ملك إسبانيا بين سنوات 1766 – 1767م، فصنف على إثر تلك الرحلة كتاب الإجتهاد في المهادنة والجهاد، دَوَّنَ فيه رحلته لإسبانيا وما شاهده من آثار الأندلس.
تعود أصوله لمدينة ملقة الأندلسية، فقد سماه عبد الرحمن بن زيدان في الإتحاف هكذا: “أبو العباس أحمد بن المهدي الغزال الحميري الأندلسي المالقي الفاسي. ولا نعلم شيئا عن تاريخ ولادته. كان من أقران ابن عثمان المكناسي وأبي القاسم الزياني، حيث ذكره هذا الأخير في الترجمانة الكبرى . ووصفه محمد بن جعفر الكتاني صاحب سلوة الأنفاس بأنه كان فقيها أديبا، بل كان آخر أدباء الوقت.
بعثه السلطان سفيرا لإسبانيا، كما فعل أباه من قبله. فألف في سفره رحلة وصف فيها الحالة الإجتماعية والسياسية لتلك الأرض.
وكان سبب رحلته إلى إسبانيا هو وضعية الأسرى المسلمينَ هناك، الذين كتبوا رسالةً إلى السلطان محمد؛ يَشْكون مِنَ التَّعَسُّف ومما يكلفون به منَ الأعمال الشاقَّة، وقِلَّة العناية بأكْلِهم ولباسِهم، فتأَثَّر السلطان لحالِهم، فكتب إلى كارلوس الثالث ملك إسبانيا أن يحسن وضعية الأسرى عمومًا، وبالعَجَزة وحَفَظَة القرآن منهم خُصُوصًا، وطالبه بالمعاملة بالمثل، كما يفعل هو بتمييز القساوسة ورجال الدِّين منَ الأسرى الإسبان بالمغرب. فأرسل السلطان كاتبه الغزال إلى إسبانيا، ونجحتْ مهمته؛ بالتوقيع على معاهدة بين البلدين، واشترى حرية المسلمين في كل من برشلونة وإشبيلية وقادش، بعد أن تم تجميعهم من كل أنحاء التراب الإسباني في هذه المدن الثلاثة حيث اكتملت عملية التحرير. حدد الغزال أهداف الرحلة قائلا: “فكاك أسرى المسلمين وإنقاذهم من العذاب، وجلب ما يستعان به على الجهاد من بارود ومدافع وآلة السفن من بلادهم”، واشترط النصارى في إطلاق صراح الأسرى “أن يكونوا ممن عجز عن الخدمة إما بكبر السن أو بمرض مزمن والمقعد والأعمى”. لكنه تفاوض وتمكن من افتكاكهم. ويصف الغزال مشهد عودته ودخوله مدينة مراكش وبرفقته الأسرى الذين تم تحريرهم:
«” وذهبنا في هذه الجموع بعد أن قدمنا الثلاثمائة من الأسرى المسرحين على يد سيدنا… رجالا و نساء وصبيانا، وجعلنا على رأس كل واحد من الأسرى كتابا من كتب الإسلام التي انقد الله من بلاد الكفر.. المتخلفة عن عمارة العدوة من المسلمين فيما سلف”.»
والكتب التي استرجعها معه، تدخل في إطار الإلحاح المستمر لسلاطين المغرب على عودة الخزانة الزيدانية وباقي الكتب الأندلسية من الإسكوريال وغيرها من المكتبات إلى المغرب. ونجاح الغزال في مهمته، جعل ملك إسبانيا يطلب منه أن يتوسط له سلطان المغرب لدى والي الجزائر ليتبادل معه الأسرى. مهمة عسيرة نجح السفير الغزال في حلها، وأشرف على عملية تبادل الأسرى بمرسى الجزائر، حيث أرست مراكب إسبانية وأنزل منها أسرى المسلمين الذي تجاوز عددهم 1600.
لكنِ سرعان ما انتهى أمرُ الغزال أن جَرَّدَه السلطان من مناصبه؛ بسبب تقصيره في عدم الاحتياط من عبارة كتبها في المُعاهَدة السابقة، استطاع مِن خلالها الإسبان التلاعب بها، مما جعل السلطان أن يعلن حرب شاملة على مدينة “مليلية”. ولإنقاذ المغرب من ورطة هذه المعاهدة بعث السلطان كاتبه الخاص ابن عثمان المكناسي سفيرا لإسبانيا سنة 1779م، و بغرض تجديد الاتفاق على معاهدة مرضية جديدة تراعي مصالح الطرفين.
ويرجع خطأ الغزال، حسب بعض المؤرخين، إلى أن السلطان عهد إليه، من خلال سفارته، بامضاء عهد للصلح «بحراً» مع كارلوس الثالث ملك إسبانيا، فأمضاه عاماً في «البحر والبر». ويقال إنه كتبه «بحراً لا براً» فتم تحريف «بحرًا وبراً».
فلزم الغزال بيته في فاس وكف بصره، وتوفي فجر يوم الأحد 5 جمادى الأولى 1191 هـ / 11 يونيو 1777، ودفن بصحن الزاوية الفاسية بالقلقليين بمدينة فاس.!!







Discussion about this post