في مثل هذا اليوم 12 يونيو1812م..
نابليون بونابرت يبدأ بغزو روسيا وذلك في إطار الحملة التي يشنها لفرض سيطرته على أوروبا.
ي 20 مارس 1811، وُلد نابليون الثاني (نابليون فرانسوا جوزيف تشارلز بونابرت) ابنًا للإمبراطور نابليون الأول والإمبراطورة ماري لويز الذي أصبح أميرًا إمبراطوريًا لفرنسا وملكًا على روما منذ ولادته.
لم يكن نابليون نفسه في ذات الحالة الجسدية والعقلية كما في السنوات الماضية. لقد أصبح وزنه زائدًا ومعرضًا بشكل متزايد لأمراض مختلفة.
على الرغم من حرب شبه الجزيرة المكلفة والممتدة في إسبانيا والبرتغال، باستثناء القوات البريطانية الاستكشافية في ذلك البلد، لم تجرؤ أي قوة أوروبية على معارضته.
كان في معاهدة شونبرون، التي أنهت حرب 1809 بين النمسا وفرنسا، بند يزيل غرب غاليسيا من النمسا ويضمها إلى دوقية وارسو الكبرى. اعتبرت روسيا هذا الأمر مخالفًا لمصالحها ونقطة انطلاق محتملة لغزوه
الغزو الفرنسي لروسيا الذي كان في العام 1812 كان نقطة تحول في الحروب النابليونية. هذه الحرب تعرف في روسيا بالحرب الوطنية (بالروسية: Отечественная война) والتي تختلف عن الحرب الوطنية العظمى التي تشير إلى الغزو الألماني لروسيا في الحرب العالمية الثانية. تُعرف الحرب الوطنية أيضًا باسم “حرب 1812” وهو نفس اسم الحرب التي دارت بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
كان هدف نابليون من الحرب هو إجبار قيصر روسيا ألكسندر الأول على وقف التجارة مع بريطانيا مما كان سيدفعها برأيه لقبول الصلح مع فرنسا. أما الهدف السياسى الرسمى من الحرب فكان تحرير بولندا من التهديد الروسي. لذلك أطلق نابليون اسم “الحرب البولندية الثانية” على حملته لكي يكسب تعاطف البولنديين وليوفر غطاًء سياسيًا للحملة.
دفع نابليون في حملته على روسيا بجيش ضخم وصل تعداده 680,000 جندي 300,000 منهم فرنسيون. اندفع الجيش الفرنسي بسرعة لمسافات بعيدة عبر روسيا الأوروبية في محاولة لملاقاة الجيش الروسي في معركة حاسمة. غير أن كل المعارك التي دخلها الجيش الفرنسي كانت مواجهات صغيرة بإستثناء معركة واحدة كبيرة عند سمولينسك في شهر أغسطس. تمنى نابليون أن تنهي هذه المعركة توغله داخل روسيا إلا أن الجيش الروسي انسحب شرقًا داخل روسيا تاركًا سمولينسك لتحترق. انهارت خطة نابليون التي كان قد أعدها لمعركة سمولينسك وإضطر لمواصلة التحرك شرقا لمطاردة الجيش الروسي.
ومع تراجع الجيش الروسي إلى داخل البلاد، أوكلت للقوزاق مهمة إحراق القرى والمدن والمحاصيل قبل تقدم الجيش الفرنسى إليها. كان الغرض من عملية الإحراق حرمان الفرنسيين من إمكانية الإعتماد على ما تحويه المدن والقرى الروسية من مواد غذائية وغيرها لتموين الجيش الغازى. فؤجئ الفرنسيون بخطة الروس وبحجم الدمار الذي ألحقوه بممتلكاتهم وأراضيهم. دفعت هذه الخطة الفرنسيين لمحاولة إمداد جيشهم عبر خطوط إمداد طويلة وصعبة أثبتت لاحقا فشلها في إمداد الجيش. دفع الجوع والبؤس الجنود الفرنسيون لمغادرة معسكراتهم ليلًا للبحث عن الطعام وكانوا غالبًا ما يقعون فريسة سهلة للقوزاق الذين أسروا أو قتلوا الكثير منهم.
استمر انسحاب الجيش الروسي إلى داخل البلاد لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا. أدى تواصل الانسحاب وفقدان المزيد من أراضى روسيا للفرنسيين إلى غضب كبير في أوساط النبلاء الروس الذين ضغطوا على القيصر ألكسندر الأول حتى يقيل قائد جيشه الفيلد مارشال ميخائيل اندرياس باركلي دي تولي . استجاب القيصر لضغوط نبلائه وعين المحارب المخضرم الأمير ميخائيل كوتوزوف قائدًا جديدًا للجيش.
في السابع من سبتمبر 1812 لحق الجيش الفرنسى بالجيش الروسي الذي كان قد حصن نفسه في التلال المحيطة ببلدة صغيرة تسمى بورودينو تقع غرب موسكو بحوالى 70 ميلًا، وقعت هناك أكبر معركة في الحروب النابليونية كلها حيث اشترك بها 250,000 جنديًا وقع منهم 70,000 قتيلًا، وعلى الرغم من تحقيق فرنسا النصر بالمعركة إلا أن ثمنه كان غاليًا بوفاة الآلاف من الجنود و 49 ضابطًا. وفي اليوم التالي نجح الجيش الروسي في تخليص نفسه وواصل انسحابه شرقًا تاركًا الفرنسيين بدون النصر الحاسم الذي كانوا يأملون به.
حريق موسكو (سبتمبر 1812):
دخل نابليون وجيشه موسكو بعد أسبوع واحد من معركة بورودينو ليجد الروس قد انسحبوا منها بعد أن أحرقوها بناء على أمر حاكمها الكونت فيودور روستوبشين. لم يعط سقوط موسكو نابليون النتيجة التي كان يرجوها وهى النصر الحاسم في الميدان . أيضًا لم يطلب القيصر السلام مع فرنسا بعد سقوط موسكو وعرف الطرفان أن الوقت لم يكن في صالح نابليون الذي كان وضعه يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. ومع ذلك بقى نابليون بموسكو انتظارًا لمبادرة القيصر لعقد الصلح معه. تعزز اعتقاد نابليون بقرب طلب الروس لعقد سلام معه بعد أن انتشرت معلومات (تبين فيما بعد عدم صحتها) عن لنتشار مشاعر السخط وتدني معنويات الجنود الروس. بعد أن بقى نابليون بموسكو شهرًا خرج بجيشه متوجها إلى الجنوب الغربي من موسكو بإتجاه مدينة كالوغا حيث كان كوتوزوف قد عسكر بجيشه هناك.
أوقفت قوة روسية تقدم الفرنسيين باتجاه كالوغا. حاول نابليون مرة أخرى إجبار الروس على الدخول معه في معركة حاسمة بالقرب من بلدة مالوياروسلافيتس، إلا أن الروس انسحبوا كالعادة، بالرغم من تمتعهم بموقع إستراتيجي، ليؤكدوا إستمرارهم في خطتهم القائمة على تجنب الدخول مع الفرنسيين في مواجهة حاسمة. أجبر قرب حلول الشتاء وعدم وجود ملابس شتوية للجنود وقلة المؤن والإجهاد الشديد الذي حل بالجنود والخيل أجبرت كل هذه العوامل نابليون على التراجع على أمل التمكن من تموين جيشه في سمولينسك ثم في فيلنيوس لاحقًا.
عانى الجيش الفرنسي خلال الأسابيع التالية من الجوع والبرد مع بداية فصل الشتاء الروسي القاسي. أدى نقص المؤن والغذاء للجنود والخيل والبرد القارس والهجمات المتكررة للفلاحين الروس على أطراف القوات الفرنسية إلى خسارة العديد من الأرواح في صفوف الجيش الفرنسي، كما أدت تلك العوامل إلى خسارة الجيش الفرنسي تماسكه ونظامه. وبحلول شهر نوفمبر 1812 وعند عبور الجيش الفرنسي لنهر بيريزينا لم يتبق بالجيش سوي 27,000 جندي بعد أن تكبد جيش نابليون الكبير 380,000 قتيلًا وحوالي 100,000 أسيرًا.
لم يبقى نابليون في روسيا كثيرًا بعد عبور نهر بيريزينا واتجه عائدًا لباريس بموافقة (وحتى تشجيع) قواده ليدافع عن منصبه كإمبراطور لفرنسا وليحاول حشد المزيد من القوات لمواجهة الروس. انتهت حملة نابليون على روسيا عمليًا في الرابع عشر من ديسمبر 1812، أى بعد أقل من ستة أشهر على بدايتها، بمغادرة آخر القوات الفرنسية لأرض روسيا.!!
Discussion about this post