قرار
( من مذكرات فتاة تونسية)
دون تردد اتخذت قراري جمعت أدواتي حملت محفظتي ..ورفعت يدي في حركة استئذان للخروج وأنا أنظرإليها دون كلام كأني قد بلعت لساني ..
وحثثت الخطى وما إن عبرت مدخل القاعة حتى لاحقتني ذبذبات صوتها الحانق الغاضب:
“- باهي ياسر لمت دبشها وهزّت ساكها وخرجت ملّا فوضى ملّا حالة …ردّوا بالكم هذيك بش نعديها على مجلس التّربية… وتو تشوفو اش بش يجرى لها…”
كانت تخاطبهم ولم ينبس أيّ منهم بكلمة واحدة فلقد تعوّدوا على الاستماع فأصبحوا وكأنّهم من فاقدي السمع … وبقي صدى صوتها والذبذبات تتردّد في الأرجاء وفي آخر ممرّ عبرته في حذر خوفا من القيّم العامّ حتى وصلت إلى ممرّ دورة المياه وتجاوزته إلى البهو الواسع المطلّ على حديقة المعهد فجريت نحو درّاجتي التي أحكمت غلق عجلتها إلى جذع شجرة فتحتها وسحبتها إلى الباب الكبير المفتوح حيث خاطبني الحارس مستفسرا
-” وين كنت؟شبيك خرجت قبل الوقت ؟”
لم أجبه ركبت الدّرّاجة وانطلقت نحو المنزل غير مبالية بالرّيح وقطرات المطر التي بلّلت شعري وكان الألم يشتدّ مع كل دفعة للدرّاجة ويتضاعف مع كل هبّة للريح إلا أني تنفست الصّعداء إذ أنقذت نفسي ..بعد أن داهمتني العادة الشهرية بأعراضها مرّة ثانية ،فتهيأ لي أن أولاد الفصل سيرون ميدعتي بِبِقَع..وأن تلاميذ المعهد والقيّمين والأساتذة سيعلمون ببلوغي… وسيشيرون إلى ميدعتي.. وسيعاقبني الجميع لأني كشفت أمرا خاصّا لا يجوز كشفه كما كانت تقول جدّتي لقد كانت محذّرة حريصة على ضرورة الاستعداد وإخفاء أثر العادة المصيبة لكل الفتيات والنساء
نزهة المثلوثي تونس
Discussion about this post