شراسة مطلقتي
بقلم :ماهر اللطيف
اشتقت إلى نفسي التي هجرتني وهي تسكنني،تركتني وهي تلاصقني، ابتعدت عني وهي تعيش معي، خاصمتني ولم تعد تنقدني وتنتقدني وتلومني وتنصحني وترجعني إلى الجادة……
فناديتها ولم تجبني، توسلت إليها فتجاهلتني،توددت إليها فاحتقرتني،غازلتها فاعطتني بظهرها، بعثت إليها آلاف الرسائل عبر أعضاء جسدي ولم تعرها اي إهتمام إلى أن أيقنت أنها طلقتني وهجرتني هجرا لا رجعة فيه بعد أن عثت فيها فسادا وخرجت عن الجادة خروجا يستحيل معه العودة مجددا والتوبة الارتواء من التقوى والإيمان بعد هذا العطش الشديد… َ
فبقيت كذلك استجديها واترقب عفوها وتجديد العلاقة معي، ناهيك وأننا واحد َ ولا يجوز لنا أن نتجزا مهما حصل بما ان بدايتنا ونهايتنا واحدة على هذه الأرض.
وطالت المدة نسبيا حتى اعتراني اليأس وتعودت على هذا الهجر، فعوضته بقراءة القرآن وتلاوته والتسبيح والذكر المتواصل والصلاة والقيام ومحاولة التسلح بطيب الأعمال والأقوال قدر المستطاع عساني أجد توازني من جديد بعد أن “ماتت نفسي” ولم تعد تحيا فيّ.
وكنت أتذكر بعض الذكريات مع “مطلقتي” وما دار بيننا من حوارات ونقاشات متنوعة ومتعددة منذ أن بدأت أميز بين الأمور والأشياء، فتارة أبتسم وطورا أقلق واحزن وتارة أخرى تمر الذكرى مرور الكرام إلى أن توقفت مؤخرا عند هذا الحوار الذي يبدو أنه سبب ما اعيشه اليوم.
فقد صاحت في وجهي ذات ليلة ولم أُلَبِّ نداء الفجر ولم أًصلًّه في وقته وآثرت النوم عن الواحب:
– قم أيها الكسول ف”الصلاة خير من النوم”، قم واستعذ من الشيطان ولا تهمل الواجب وتميل إلى كفة هذا الملعون
– (بين نومين وقد شعرت بتعب ورغبة شديدة في الاسترخاء والاستسلام إلى النوم والراحة) ابتعد عني يا هذا، سأصلي حين استفيق
– (نقاطعة بشدة) وإن لم تستفق وأخذتك المنية؟
– (متأففا بصوت متقطع تحت تأثير النعاس التي نال مني) لا تبالي “أعمار الكلاب طويلة” كما نقول، مازلت في ريعان شبابي ومازالت الحياة تجذبني تسحرني بما لديها من خيرات وكنوز واكتشافات و…
– (مقاطعة بصوت مرتفع) اللهم إني اشهدك هذا الحديث الذي اتبرأ منه ومن قائله، أعوذ بك من الشيطان الرجيم ومن اتبع خطاه….
واستمرت حالتي على تلك الشاكلة مدة من الزمن اكابد فيها الاغتراب في ذاتي فاعوضه بالتقرب من الله الارتواء من دينه وذكره بكل شراهة ورغبة في نيل مرضاة الواحد الأحد ،إلى أن حصلت المصالحة مؤخرا بيني وبين نفسي التي رجعت إلى مكانها ومكانتها واعترفت بمتابعتها لي عن بعد بعد أن تسلحت بالصمت والمراقبة عن بعد إلى أن اطمأنت وتأكدت تمام التأكد من توبتي توبة خالصة وتامة لا يمكن أن يعتريها اي شك مما جعلها تتراجع عن هذا الجفاء وتقرر تجديد تعلقها بي لنواصل ما بقي لنا على وجه الأرض في كنف الإحترام والتقدير والسعي إلى مرضاة الله عبر مرضاة خلقه بكل تأكيد.







Discussion about this post